فضحت مجموعة “بي إن سبورتس” القطرية سلطات آل سعود التي ادعت في وقت سابق فوزها في القضايا المرفوعة في منظمة التجارة العالمية، وتساءلت المنظمة “كيف لمن يدَّعي انتصاره في المحاكم العودة واستئناف الحكم؟”.
وجاء تعليق الشبكة التي تضم عدداً من المحطات والقنوات الرياضية والترفيهية، تزامناً مع تقديم المملكة استئنافاً حول قضايا رفعتها المجموعة في المحافل الدولية لاستعادة حقوقها بعد عمليات القرصنة التي تعرضت لها.
وقالت المجموعة التي تتخذ من العاصمة القطرية الدوحة مقراً لها: “بعد أن أمضت المملكة العربية السعودية الأسابيع الستة الماضية في إخبار العالم كيف كان قرار منظمة التجارة العالمية “مبرِّئاً للمملكة بشكل كامل” عادت لتستأنف ضد القضية التي كانت تدعي فوزها الحاسم بها من قبل”.
واستغربت “بي إن سبورتس” من الموقف، حيث كشفت أن الرياض تحاول حتى الآن الالتفاف على الحقيقة الواضحة.
وقالت: “بدلاً من الامتثال للقانون الدولي، وفي الوقت الذي تحاول فيه السعودية بشكل أساسي اجتياز اختبار الصدق ومكافحة القرصنة بموجب قواعد الدوري الإنجليزي الممتاز، وتحاول كسب ثقة المجتمع الرياضي الدولي، إلا أنها حظرت بشكل دائم جهة البث الرسمية لمباريات الدوري الإنكليزي الممتاز من العمل على أراضيها (القصد قنوات بي إن)، مما يعني أن الطريقة الوحيدة لمشاهدة الرياضة الممتازة في المملكة هي عن طريق القرصنة”.
وأضافت: “كذبت السعودية منذ يونيو/ حزيران الماضي على الحكومات وأصحاب الحقوق في عالم الرياضة بشأن قرار منظمة التجارة العالمية، وقالت إن الدوري الإنجليزي الممتاز، والفيفا، والاتحاد الأوروبي لكرة القدم أرسلوا دعاواهم القانونية إلى البريد الإلكتروني الخاطئ 9 مرات”.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، أعلنت الهيئة العامة للمنافسة في المملكة إلغاء تصريح قنوات بي إن سبورتس القطرية في المملكة وتغريمها 10 ملايين ريال سعودي (2.67 مليون دولار أمريكي) بسبب ما وصفته “إساءة استغلالها لوضعها المهيمن”، وفقا لقرار نشرته الهيئة.
وأدانت منظمة التجارة العالمية رسميا، في 16 يونيو المنصرم نظام آل سعود، بانتهاك حقوق شبكة “بي إن سبورتس” الرياضية القطرية، مؤكدة أن الرياض ضالعة في انتهاك قوانين الملكية الفكرية بوقوفها وراء قناة “بي آوت كيو”.
وأصدرت لجنة التحكيم لهيئة تسوية النزاعات التابعة لمنظمة التجارة العالمية، تقريرها النهائي بشأن عملية القرصنة والسطو الواسعة والطويلة التي قادتها “بي آوت كيو” على برامج شبكة قنوات “بي إن سبورتس” منذ أغسطس/آب 2017، أي بعد حصار قطر بنحو شهرين.
وأوضح التقرير أن قناة “بي آوت كيو” موجودة في المملكة وأن الأخيرة غضت الطرف عن قرصنتها لبرامج “بي إن سبورتس”.
وقال إن “السعودية خالفت القانون الدولي للملكية الفكرية وفقا لأدلة مقدمة من الاتحاد الدولي للعبة (فيفا)”، وكشف أن “بي آوت كيو” استفادت من دعم مؤسسات وشخصيات سعودية نافذة، منها المستشار السابق في الديوان الملكي سعود القحطاني.
وطالبت منظمة التجارة العالمية السعودية بتعديل إجراءاتها لتكون منسجمة مع التزامها بالقانون الدولي للملكية الفكرية.
وأثبت التقرير إدانة المملكة ومخالفتها صراحة لاتفاقية “ترينس” المعنية بحماية الملكية الفكرية، وهو ما ينصف العديد من الجهات الرياضية والإعلامية التي تضررت مصالحها بسبب أعمال القرصنة.
ولم تؤيد اللجنة التجارية طلب المملكة رفض النظر في الشكوى القطرية، وذلك بعد تقديم فريق الدفاع القطري كافة الأدلة التي تدين المملكة وتثبت تقصيرها في التصدي لأعمال القرصنة التي تعرضت لها شبكة “بي إن سبورتس”.
وأوضحت اللجنة أن المملكة منعت “بي إن سبورتس” من الوصول إلى الجهات القضائية المدنية المعنية بقضايا حقوق الملكية الفكرية، كما لم تتخذ التدابير والإجراءات الجنائية لمعاقبة شبكة القرصنة “بي آوت كيو”.
ورفضت اللجنة مبرر الأمن القومي الذي دفعت به المملكة، في سابقة أولى تاريخيا، حيث لم يصدر أي قرار من لجان فض النزاع بمنظمة التجارة في القضايا السابقة لصالح الدولة المدعية عند التطرق لاستثناء الأمن القومي، وكانت كل القرارات تصدر لصالح الدولة المدعى عليها ومنحها استثناء الأمن القومي.
وبدأت شبكة القرصنة “بي آوت كيو” البث بعد أسابيع من فرض حصار على قطر من طرف السعودية ودول أخرى في يونيو/حزيران 2017. ورغم أن الرياض نفت أي علاقة لها بتلك القنوات، فإن تحقيقا لبرنامج “ما خفي أعظم” كشف التفاصيل السرية للموقع الذي تبث منه القناة من داخل السعودية والشخصيات المرتبطة بالمشروع.
وكانت صحيفة “ميل أون صنداي” البريطانية قالت إن المملكة تعمل على التوصل إلى تسوية مع قطر بشأن حقوق البث التلفزيوني، وسط مخاوف من أن تؤثر على شراء صندوق الاستثمار السعودي لفريق نيوكاسل يونايتد.
ونقلت الصحيفة عن مصادر مقربة من المفاوضات، أن صندوق الاستثمار تعهد باستخدام نفوذه لدى المملكة لفتح محادثات بين الدولتين، عقب تهديد قناة “بي إن سبورتس” بعرقلة صفقة شراء الفريق بسبب قرصنة حقوقها للبث التلفزيوني من قبل شبكة “بي آوت كيو” التي ترعاها السعودية.
وتتضمن صفقة الاستحواذ التي تحاول مجموعة بقيادة صندوق الاستثمار إتمامها، نقل ملكية 80% من أسهم نادي نيوكاسل من المالك الحالي مايك آشلي إلى صندوق الاستثمار الذي يرأسه ولي العهد محمد بن سلمان، مقابل 300 مليون جنيه إسترليني (نحو 370 مليون دولار).
أما الـ20% المتبقية من الأسهم فستقسم ملكيتها بين شركة تابعة لسيدة الأعمال أماندا ستافيلي (التي تلعب دور الوسيط في الصفقة)، وشركة “روبين براذرز” المملوكة لثاني أغنى العائلات في بريطانيا.
وبينت الصحيفة أن هذه الخطوة تأتي قبيل نشر منظمة التجارة العالمية تقريرها الخاص بانتهاكات المملكة لحقوق “بي إن سبورتس” الذي أطلع عليه الاتحاد الإنجليزي ونشر رسميا يوم 16 يونيو/حزيران الجاري.