لم يكن سابقا بإمكان الفتاة السعودية (سارة) تصفح مجلات الموضة العالمية داخل منزلها الواقع في العاصمة الرياض.
لكن منذ بداية العام 2021، أصبح بإمكان (سارة) تصفح فرع محلي لمجلة الموضة العالمية هاربر بازار وفرع لمجلة إسكوير داخل منزلها أو إحدى المقاهي الليلية.
وليس هذا فحسب، بل أصبح بإمكان الشابة العشرينية الانضمام لأحد دور السينما أو مشاهدة عرض أزياء داخل المملكة لفتيات سعوديات.
تطرق السعودية أبواب الموضة في سياق الانفتاح الاجتماعي الذي أعلن عنه ولي العهد محمد بن سلمان.
واليوم بدأت عناوين عالمية في هذا المجال تفتح فروعا لها هناك. غير أن السؤال المطروح هو، هل سيُسمح بتناول مواضيع حساسة من خلال ذلك؟
ظهور مجلات ترفيهية مماثلة يعدّ أحد سمات عهد الأمير محمد بن سلمان، وتحديدا منذ إعلانه رؤية 2030 التي تعهدت بتغيير الطابع المحافظ في البلد.
وتقول الأمير نورة ابنة فيصل آل سعود: “النشر في مجال الموضة يملك مؤهلات كبيرة لجذب المجهور، خاصة مع نشر قصص مواهب تبدع في هذا المجال، وكذلك لتشجيع التبادل الثقافي”
والأميرة نورة ابنة فيصل آل سعود، وهي مسؤولة رفيعة المستوى في لجنة بوزارة الثقافة خاصة بالموضة.
هذه اللجنة هي واحدة من 11 هيئة تدير موضوع تطوير المجال الثقافي في السعودية.
وعلى رأس اللجنة يوجد بوراك شاكماك، وهو مصمم أمريكي معروف، تم تعيينه لأجل تطوير وترويج ما ستنتجه السعودية في هذه الصناعة تحت اسم “صُنع في السعودية”.
قبل مارس/آذار 2021، كان السوق السعودي مكتفيا بإنتاج عربي من مجلات الموضة العالمية، غير أن سياسة جديدة بدأت بنسخ سعودية من هذه المجلات وكتُاب سعوديين.
ولهذا الغرض، فتحت المجموعة الإعلامية/ آي تي بي ITP التي يوجد مقرها في دبي وتنشر عدة مجلات، مكاتب لها في الرياض ووظفت كاتبات سعوديات ومساهمات محليات.
تقول أوليفيا فيليبس، رئيسة تحرير هاربر بازار، إن النسخة السعودية موجهة تحديدا للسوق السعودي وهي تُوزع هناك بشكل مطبوع.
وتضيف: النسخة موجهة تحديدا بشكل يتراعى مع أذواق المستهلكين، كما تعرض المواهب السعودية القادمة التي من بينها ما لم يتم رؤيتها قبل ذلك.
مثل هذه المجلات التي تُنشر بالإنجليزية والعربية ستنشر مرتين كما عليه الحال مع مجلة إسكوير سعودي وأربعة مرات في السنة كما عليه الحال مع هاربر بازار سعودي، بعدد نسخ يصل إلى 100 ألف نسخة عام 2021.
وستركز النسخ الأولى على مشروع مدينة “نيوم” التي أعلن عنها ولي العهد.
وعُرفت مريم مصلي، وهي واحدة من وجوه الموضة في السعودية ومساهمة في مجلة هاربر بازار سعودي، بمواجهتها للأفكار النمطية حول النساء السعوديات
عبر حسابها على انستغرام ومدونتها الرقمية، وكذلك في عملها كرئيسة شركة استشارية مختصة بنمط الحياة العصرية، وسبق أن دعتها ميشيل أوباما إلى البيت الأبيض.
وقالت: كنا نعتمد في السابق على الموضة من الخارج، لكننا اليوم بدأنا موجة الترند الخاصة بنا هنا”
وفي الوقت الذي بدأت أعمال الموضة السعودية تتطور، كانت ناشطات في السجن أمثال لجين الهذلول التي أطلق سراحها مؤخرا بعد سجن دام ثلاث سنوات.
وكانت الهذلول من الناشطات اللاتي ناضلن لوقف حظر قيادة المرأة للسيارة، ورغم رفع الحظر بقيت الهذلول في السجن آنذاك.
ودفع واقع حقوق الإنسان في السعودية منظمات حقوقية لا ترى أن تطوّر إعلام الموضة في البلد يستحق كل هذه الإشادة
وقال الحقوقي أحمد بنشمسي: “أسابيع الموضة وتشجيع أحداث صناعة الفخامة أمور جيدة يمكن للجمهور السعودي الاستمتاع بها، ولكن يجب أن يتمتع السكان كذلك بحقوقهم”.
وينتقد بنشمسي إنفاق مليارات الدولارات على جهود العلاقات العامة لأجل تلميع صورة السعودية عبر العالم.
وعلق قائلا: هذه الجهود تعني تحويل الاهتمام العالمي عن السجل الشنيع للرياض في حقوق الإنسان، ومن ذلك قتل الصحفي خاشقجي وتقطيع جثته، والتعذيب، والاختفاء القسري وغيرها. فلا يوجد أيّ مقدار من الموضة سيبيّض هذه الانتهاكات.