تحاول سلطات آل سعود تعزيز التطبيع العربي والإسلامي مع اليهود وإسرائيل خاصة التي تحتل أرض فلسطين وتسيطر على المسجد الأقصى المبارك (أولى القبلتين وثالث الحرميين الشريفيين).
فمنذ تولي محمد بن سلمان ولاية العهد في المملكة، أصبح التطبيع مع إسرائيل يستند إلى خطط سياسية وإعلامية مدروسة، وقطعت آل سعود شوطاً كبيراً في تهيئة الأجواء العربية للتعايش مع مرحلة جديدة عنوانها الأبرز التطبيع الكامل مع إسرائيل.
وفي حلقة جديدة ضمن مسلسل التطبيع السعودي مع إسرائيل، سيشارك وزير العدل السعودي السابق محمد بن عبدالكريم العيسى، في مؤتمر عالمي لمناقشة القضايا الملحة التي تواجه الشعب اليهودي في العالم.
وسيقام المؤتمر العالمي الذي تشره عليه منظمة اللجنة اليهودية الأمريكية (AJC)، افتراضيا، خلال الفترة الممتدة من 14- 18 يوليو الجاري، بعدما كان مقررا الاجتماع خلال الفترة المحددة في العاصمة الألمانية، برلين.
وسيتحدث العيسي بمشاركة شخصيات يهودية عن أبرز القضايا التي تواجه الشعب اليهودي وسعى إسرائيل في نشر السلام والأمن الدولي، وقضية معاداة السامية وأشكال الكراهية الأخرى.
ومن المقرر أن يناقش المؤتمر أيضا الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2020، والمستقبل للعلاقة عبر الأطلسي.
واللافت في الأمر، أن العيسي الذي يشغل حاليا – أمين عام رابطة العالم الإسلامي – وتشرف عليها سلطات آل سعود، سيتحدث برفقة وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي بيني غانتس، المسؤول عن جرائم متعددة بحق الفلسطينيين.
وتقول منظمة AJC إن هدفها تعزيز رفاهية الشعب اليهودي وإسرائيل، والنهوض بحقوق الإنسان والقيم الديمقراطية في الولايات المتحدة وحول العالم.
وكان العيسي، زار في أبريل/ نيسان 2018م متحف تخليد ذكرى المحرقة اليهودية، برفقة قادة مسلمين من أكثر من 24 بلدا. وقال الرئيس التنفيذي للجنة اليهودية الأمريكية، ديفيد هاريس، إن الرحلة تمثل “أرفع وفد على الإطلاق لزعماء دينيين مسلمين يقومون بزيارة أوشفيتس”.
وتحت ذريعة مواجهة إيران في المنطقة، عزز ولى العهد تقارب بلاده مع إسرائيل، وهو ما أظهرته الدلائل الواضحة خلال العامين الماضيين، التي تشير إلى التقارب السعودي الإسرائيلي، وأصبحت جلية للعلن.
ولعل بداية مؤشرات التطبيع انطلقت في يونيو 2017، عندما أُطلق وسم “سعوديون مع التطبيع”، بعد أيام من زيارة قام بها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، للرياض في 21 مايو من نفس العام.
وقبل وصول ترامب إلى الرياض جرى الحديث عن بعد في الزيارة يتعلق بمفاوضات السلام بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، لا سيما أن محطته الثانية كانت فلسطين المحتلة، من أجل لقاء رئيس السلطة محمود عباس ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وذهبت بعض الأصوات السعودية للمناداة بضرورة أن تبادر البلدان العربية بخطوات تطبيعية تجاه إسرائيل من أجل كسب ود الإدارة الأمريكية.
ونشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، قبل الزيارة بعدة أيام، تقريراً أشار إلى أن السعودية أوصلت لإدارة ترامب استعدادها لإقامة علاقات دبلوماسية طبيعية مع إسرائيل من دون شروط، وأنها بذلك تسحب من التداول المبادرة التي تقدمت بها للقمّة العربية عام 2002، التي تقوم على إقامة دولة فلسطينية على أراضي 1967، وعودة اللاجئين، والانسحاب من الجولان، مقابل الاعتراف بإسرائيل والتطبيع معها.
ولعل آخر مؤشرات التطبيع تمت إعلاميا في 26 يناير 2020، مع إعلان إسرائيل السماح لمواطنيها بزيارة السعودية، لأول مرة في التاريخ.
ولم تنفِ المملكة أو تصدر تصريحات على تلك التقارير، وعلى الرغم من أنه رسمياً لا توجد علاقات دبلوماسية بين السعودية وإسرائيل فإن السنوات الأخيرة شهدت تقارباً كبيراً بينهما، وزادت العلاقات بشكل أكبر.
وفي 25 يناير 2020، عرضت القناة الـ”12 الإسرائيلية” تقريراً من إعداد المراسل هنريكه تسيمرمن حول “التحديث والانفتاح” الذي يجري في المملكة برعاية ولي العهد محمد بن سلمان.
وذكرت القناة أن تسيمرمن هو من “الإسرائيليين المعدودين الذين استطاعوا زيارة السعودية”، وذلك للاطلاع على “المملكة المغلقة التي ربما نستطيع زيارتها لاحقاً”، وفق تعبيرهم.
وأشارت القناة إلى أن المراسل تمكن من مقابلة الجنرال السعودي محمد الشريف، الذي أكد أن “السائحين مدعوون لزيارة السعودية، فنحن نريدهم أن يأتوا ليروا دولتنا ويتعرفوا عليها قدر الإمكان”.
وفي 5 ديسمبر الماضي 2019، نشرت صفحة إسرائيل بالعربية التابعة لوزارة الخارجية الإسرائيلية، على “تويتر”، صوراً تظهر زيارة يهودي إلى المملكة العربية السعودية، مؤكدة أن ذلك يأتي “نتيجة كسر حواجز الشك المبنية على مدى عقود”.
وتناقلت وسائل إعلام إسرائيلية، من بينها هيئة الإذاعة الرسمية، مقاطع الفيديو، لافتة إلى أن الزيارة قام بها يهوديان لم تسمهما، في حين تظهر الصور التي نشرتها إسرائيل بالعربية قيامهما بجولة التقطا فيها صورة قرب برج المملكة، أحد أهم معالم العاصمة السعودية الرياض.
وكان موقع “أفريكا إنتلغنس”، المختص بنشر الأخبار الخاصة، أفاد بأن “بن سلمان” طلب من رئيس موريتانيا محمد ولد الغزواني التواصل مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وذكر الموقع أن ولى العهد السعودي خلال لقائه بالرئيس المورتاني، في الرياض، شباط/ فبراير الماضي، حاول إقناعه بضرورة تفعيل العلاقات مع “تل أبيب”.
وتفاجأ الضيف الموريتاني – حسب الموقع – بالعرض السعودي، لكنه رد ببديهة سريعة قائلا: “إن الأمر يتطلب سياسة عربية موحدة تجاه إسرائيل”.