تسييس الحرمين

اعتقالات لمعتمرين في السعودية لمجرد تضامنهم مع القضية الفلسطينية

ندد مرصد انتهاكات الحج والعمرة بتصعيد اعتقال السلطات السعودية لمعتمرين لمجرد تضامنهم مع القضية الفلسطينية وذلك في خضم حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة منذ أكثر من عام.

وأكد المرصد أن اعتقال المعتمرين المتضامنين مع القضية الفلسطينية يُعتبر إجراءً قمعيًا غير مقبول، وانتهاكًا لمبادئ حقوق الإنسان وللقوانين الدولية التي تضمن حرية التعبير وحق التضامن السلمي.

وطالب المرصد السلطات السعودية بالكشف عن مصير المعتمر الفلسطيني عاصم الدحنون، الذي انقطعت أخباره منذ السادس من أكتوبر الماضي، بعد يومين من وصوله إلى الأراضي السعودية لأداء مناسك العمرة.

وقال المرصد إنه يتابع مرصد بقلق بالغ قضية اختفاء الدهنون، وهو شاب فلسطيني يبلغ من العمر 22 عامًا، ويقيم في بلغراد – صربيا، حيث يُتابع دراسته في مجال الطب بعد حصوله على منحة دراسية، عُرف بمواقفه الداعمة للقضية الفلسطينية.

وقد انقطعت الاتصالات مع عاصم منذ السادس من أكتوبر، وسط أنباء عن اعتقاله من قبل السلطات السعودية دون أي تعليق أو توضيح رسمي من قبل السلطات السعودية.

في الآونة الأخيرة، انتهجت السلطات السعودية سلسلة من الانتهاكات بحق الحجاج والمعتمرين الذين يُظهرون تضامنهم مع القضية الفلسطينية، إذ أصبحت السلطات السعودية تقمع أي تعبير أو تذكير بقضية فلسطين.

وأكد المرصد أن حماية قاصدي البيت الحرام تُعد من أهم المسؤوليات الملقاة على عاتق السلطات القائمة على تنظيم شؤون الحرمين، إلا أن تصاعد الانتهاكات بحق الحجاج والمعتمرين من خلال المنع والاعتقال التعسفي وتقييد الحريات يُعتبر خرقًا لحقوقهم الأساسية وتعديًا على حرية ممارسة شعائر الحج والعمرة.

وتروّج السلطات السعودية لقطاع السياحة، وتشير في المحافل الرسمية إلى أنها خلال السنوات الأخيرة حققت إنجازات غير مسبوقة فيما يتعلق بعدد السواح والإنفاق على هذا القطاع، ويعد موسمي الحج والعمرة أبرز مواسم السياحة الدينية في البلاد.

وقالت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان في بيان تلقى “سعودي ليكس” نسخة منه، إن الدعاية الرسمية تغطي على انتهاكات جسيمة تعاظمت خلال السنوات الأخيرة، جعلت فئات كبيرة من المسلمين يتخوفون من أداء هذا الفرض.

وبحسب المنظمة تغنى السعودية بنجاح الحج والعمرة، وتشيد بالأجهزة الأمنية، حيث تصدر بيانات رسمية للحديث عن هذا النجاح، وتؤكد أن البلاد آمنة للحجاج.

لكن على عكس هذه الادعاءات، وعلى الرغم من انعدام الشفافية في الوصول إلى المعلومات بشكل كاف، تابعت المنظمة انتهاكات واسعة خلال الحج، أبرزها اعتقالات تعسفية تزايدت منذ وصول الملك سلمان بن عبد العزيز إلى الحكم.

مع بداية موسم الحج 2024، برزت معلومات عن اعتقال عدد من المواطنين العراقيين، بينهم المحلل السياسي عماد المسافر من دون توجيه تهمة.

وبعد أيام أكد رئيس هيئة الحج والعمرة العراقية سامي المسعودي اعتقال مواطنين عراقيين، موضحا أن سبب الاعتقال هو إجراءات السعودية التي “تتعلق بتنظيم الحج، ومن بينها الشعارات والنشر الالكتروني والنشر السياسي”. بالتالي فإن سبب الاعتقال هو ترديد أو نشر عبارات سياسية.

في نوفمبر 2023، اعتقلت السعودية الشاب اليمني اليوتيوبر فهد رمضان خلال تأديته لمناسك العمرة، على خلفية تسريب رسائل له انتقد فيها ولي العهد محمد بن سلمان.

وفي يونيو 2023، اعتقلت السّعوديّة عالم الدين البحريني الشّيخ جميل حسن الباقري، أثناء أدائه مناسك الحج من مقر إقامته في مكة المكرمة وذلك بعد ظهوره في مقطع فيديو يظهر فيه قراءة دعاء الفرج في المسجد الحرام.

عام 2022، اعتقلت السعودية الشاب اللبناني حيدر سليم بعد أدائه مناسك الحج، على خلفية ترديده شعارات دينية. لاحقا صدر بحق سليم حكما بالسجن 5 سنوات بتهمة نشر مقطع مصور عبر وسائل التواصل الاجتماعي خلال ترديد شعارات.

كما كانت المنظمة قد تابعت اعتقال حاج لبناني عام 2016 بسبب جلوسه على صورة الملك، حيث اتهم بالمس بالذات الملكية.

إضافة إلى ذلك، منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في أكتوبر 2023، رصدت المنظلمة اعتقال عدد من المعتمرين على خلفية دعائهم ونشرهم للقطاع من بينهم المعتمر التركي مصطفى إيفه، والناشط على تيك توك المصري عبد الرحمن عبد الرحيم الملقب بزلزال الصعيد، والمعتمر الجزائري الشيخ عبد الكريم الجزائري.

عام 2016 اعتقلت السعودية الشيخ محمد زين الدين والسيد جعفر العلوي خلال ذهابهما لتأدية مراسم الحج. لاحقا في عام 2019 حكم عليهما بالسجن 9 سنوات والمنع من السفر.

تظهر القضايا التي تمكنت المنظمة من رصدها أن هناك توسع وتعسف في اعتقال الحجاج والمعتمرين بحجة تأمين الحج، على الرغم من أن أسباب الاعتقال التي تنشر لا تتضمن تهما أمنية ومعظمها يتعلق بممارسة حقوق دينية أو التعبير عن الرأي.

وتشير المنظمة إلى ان هذه الاعتقالات تأتي في سياق الترهيب الذي تستخدمه السعودية خلال السنوات الأخيرة على كافة الأصعدة والاعتقالات واسعة النطاق التي لحقتها أحكام تعسفية. أثر ذلك بشكل مباشر على حق الأفراد في ممارسة الشعيرة الدينية الإسلامية الأبرز وهي الحج والعمرة.

فإلى جانب المزاجية والانتقائية في الاعتقالات قبل وخلال وبعد تأدية المناسك، فإن انعدام الشفافية وإمكانية الاعتقال عند الوصول على الرغم من الحصول على تأشيرة دخول أدت إلى زيادة المخاوف عند أي فرد قد تجرم السعودية ممارساته وأفكاره ومعتقداته.

من بين هؤلاء المعارضين والنشطاء السعوديين الذين يعيشون في الخارج، وكذلك الصحفيين والباحثين الذين نشروا عن انتهاكاتها.

واعتبرت المنظمة أن التضييق والترهيب تضاعف خلال السنوات الأخيرة مع سيطرة الملك سلمان بن عبد العزيز وابنه ولي العهد على الحكم، وشمل الشعائر الدينية التي من المفترض أن تكون ممارستها حقا أساسيا لا يجب المساس به.

وأكدت أن انعدام الشفافية، وعدم وجود أي جهة مستقلة لمتابعة القضايا وأسباب الاعتقال يساهم في تضاعف الانتهاكات خلال مواسم الحج.

وشددت المنظمة على أنه في ظل انعدام الثقة في الأجهزة القضائية والأمنية السعودية التي تلعب دورا أساسيا في القمع، فإن من المهم تفعيل دور السفارات والقنصليات والهيئات المتخصصة في الدول التي يؤدي مواطنيها المناسك الدينية لضمان ممارستهم حقوقهم وضمان عودتهم الآمنة إلى بلادهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى