متفرقات سعودية

أزمة قانونية تهدد جاذبية “رؤية 2030” السعودية للمواهب الأجنبية

تجاهلت شركة روشن العقارية، المدعومة من الدولة السعودية، الرئيس التنفيذي السابق لها بعد أن قدم عرضًا لتسوية دعوى قضائية يطالب فيها بأكثر من 100 مليون دولار، بدعوى فصله التعسفي من العمل، بما يمثل أحدث أزمة قانونية تهدد جاذبية “رؤية 2030” السعودية للمواهب الأجنبية.

وبحسب صحيفة فايننشال تايمز الأمريكية فإن روشن، وهي واحدة من خمس “مشاريع ضخمة” تدعمها صندوق الاستثمارات العامة السعودي، تلقت عرض تسوية بقيمة أقل من 50 مليون دولار من البريطاني المولد ديفيد غروفر في فبراير، وفقًا لرسائل بريد إلكتروني اطّلعت عليها صحيفة فاينانشيال تايمز.

ولكن بعد مرور أكثر من شهرين، لم ترد الشركة على العرض حتى الآن، بحسب أشخاص مقرّبين من غروفر.

وقد ألقى هذا النزاع بظلاله على قدرة السعودية في جذب والاحتفاظ بالمديرين التنفيذيين العالميين للمشاريع المرتبطة بخطة “رؤية 2030” التي يقودها ولي العهد محمد بن سلمان.

ويرى مراقبون أن هذه الدعوى تُعد اختبارًا لإصلاحات السعودية القانونية، ومحاولاتها لتعزيز الشفافية، وتحسين معاملتها للأجانب، لا سيما في ظل المبلغ الضخم المتنازع عليه، مما زاد من الاهتمام بالقضية.

وهناك قلق داخل المملكة من أن معركة قانونية علنية كهذه قد تثني مسؤولين دوليين آخرين عن قبول مناصب مماثلة.

وتسعى “رؤية 2030” إلى تحديث المملكة واقتصادها. ولكن العديد من المشاريع الطموحة — من خطة روشن لبناء منازل جديدة لـ2.2 مليون شخص، إلى مدينة نيوم الرائدة — واجهت عقبات كبيرة. ويوجد حاليًا اثنان من أصل خمسة مشاريع ضخمة يعملان بمديرين تنفيذيين بالإنابة فقط.

والرئيس التنفيذي بالإنابة لشركة روشن، خالد جوهر، تولى منصبه منذ مغادرة غروفر للشركة قبل عام، في حين أن نيوم — الأبرز بين المشاريع — لديها أيضًا رئيس تنفيذي بالإنابة منذ خمسة أشهر.

في دعواه القضائية، يطالب غروفر بـ120 مليون دولار كرواتب ومكافآت عن كامل مدة عقده مع روشن، والتي انضم إليها بعد أن تم استقطابه من قبل صندوق الاستثمارات العامة في عام 2020. وكان قد أمضى معظم مسيرته المهنية في شركة Mace البريطانية، وعمل في مشاريع بارزة مثل برج شارد في لندن.

أقالت روشن غروفر في أبريل 2024، رغم ما قاله في المحكمة بأنه حقق سجلًا ناجحًا للغاية، حيث حوّل الشركة إلى أكبر مطوّر عقاري في المملكة، وبنى مناطق ترفيهية ومستشفيات ومدارس ومساجد ضمن خطة بناء المنازل.

وتقول روشن إن سبب فصل غروفر هو قيامه بتأجير شقق يمتلكها في جنوب فرنسا لموظفين في الشركة كانوا يحضرون مؤتمرًا صناعيًا، دون الحصول على موافقة مسبقة من قسم الموارد البشرية، رغم أن الشركة كانت تغطي التكاليف.

لكن أشخاصًا مقربين من غروفر أكدوا أن قسم الموارد البشرية كان على علم بالخطة وداعمًا لها، وأن استخدام الشقق ساعد على حضور المدراء التنفيذيين للمؤتمر في اللحظة الأخيرة. وقالوا إن أي معاملات تمت كانت وفقًا لأصول العمل التجاري و”بمسافة ذراع” بين الأطراف.

وقد أنكرت الشركة أمام المحكمة أن غروفر صرّح بملكيته الكاملة للشقق الفرنسية، وادعت في دفاعها أنه اتخذ خطوات لإخفاء مصلحته فيها — وهو ما ينفيه غروفر تمامًا.

ويرى مقربون من غروفر أن مسألة الشقق الفرنسية كانت مجرد ذريعة لإقالته، في وقتٍ كانت فيه الشركة قد بلغت مؤشرات أداء تؤهله للحصول على مكافآت ضخمة منصوص عليها في عقده، وفي الوقت ذاته كان يسعى لزيادة الشفافية داخل الشركة.

وفي الشهر الماضي، عيّنت روشن أحد مديريها التنفيذيين، سلطان الحنيطي، كرئيس لقسم الموارد البشرية، وفقًا لبريد إلكتروني داخلي اطّلعت عليه فاينانشيال تايمز.

وقال جوهر، الرئيس التنفيذي بالإنابة، إن الحنيطي سيبقى في منصبه هذا “حتى إشعار آخر”. ولم يشر البريد إلى الوضع الوظيفي لرئيسة الموارد البشرية السابقة نسرين الدوسري، ولم يتضمن أي شكر على خدمتها في الدور.

ومن المتوقع أن تنظر المحكمة العليا العمالية السعودية في دعوى غروفر، بعد أن رفضتها محكمتان أدنى. لكن موعد المحاكمة قد تأجّل عدة مرات، ولم يُعلن بعد.

ويترأس محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة، شركة روشن وغيرها من المشاريع العملاقة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى