لم يعد بإمكان المتتبع للشأن اليمني تصنيف الموقف السعودي من المواجهات العسكرية الواقعة بالجنوب اليمني بين قوات الحكومة الشرعية التي تسعى إلى بسط سيطرتها وسيادتها على الجنوب، وبين قوات الحزام الأمني التابعة للمجلس الانتقالي المدعوم سياسيا وعسكريا من دولة الإمارات ودفع البلاد للمجهول.
تفرض الامارات وميليشياتها باليمن اجراءات تهدف الي تقويض الشرعية اليمنية وسط صمت ابدته المملكة علي مدار الاعوام حاولت المملكة منذ بداية دخول التحالف تبرير المشاركة لنصرة الشرعية اليمنية لكن ما هو وضاح الان من خلال الصمت التي تمارسه امام ميليشيات الامارات وما تمارسه المليشيا بحق الشرعية اليمنية ولكن ما بدا واضحا ان لدى بن سلمان ما يخفيه عن الرأي العام وصناع القرار في اوساط المملكة .
أصبحت ممارسات المملكة جراء التلكؤ في دعم الشرعية اليمنية الي غضب أطراف يمنية وازنة علي المستويات السياسية والعسكرية وطالبت هذه الاطراف المملكة بتحديد موقفها من الجرائم التي تمارسها المليشيا الامارتية وتحديد موقف المملكة من الشرعية
لكن ما بدا واضحا ان المملكة تخشى من فقدان حليفها الاستراتيجي في الصراع الاقليمي والعزلة السياسية في الوقت الذي يمارس بن سلمان اعادة الاعتبار لمكانته المهزوزة ويحاول الي استقطاب الدول لمشاريعه السياسية , بعد الصفعة القوية والعزلة السياسية التي تلقها بعد اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي بطريقة بشعة داخل سفارة المملكة باسطنبول محاولة منه الي التستر علي جريمة الاغتيال وتبرئه نفسه من دم خاشقجي , كما يحاول من تحسين صورة المملكة بعد ورود أنباء عن لقاءات تطبيعية عقدت بين مسئولين من المملكة واسرائيلين بهدف احتواء الخطر الايراني
شهدت موقف المملكة نوعا من الغرابة بعد اصدار الرئيس اليمني بيان شديد اللهجة يدين دولة الامارات من قلب عاصمة المملكة الرياض ,علي الرغم من حرص المملكة علي العلاقة التي تجمعها بحليفها الاستراتيجي الامارات في خضم صراعات اقليمية وسياسية وفكرية , شكل هذا الاعلان علامة جدل وشك في متانة العلاقة القائمة بين الحليفين.
لكن كان هناك رأي لبعض المحللين للمشهد داخل المملكة حيث رجح بعضهم الي رغبة المملكة بعدم ترك ساحة اليمن خالية للسلطة التي ستتولي حكم اليمن والتي يعتقد بن سلمان ان للحوثين النصيب الاكبر فيها خاصة بعد ورود ورود أنباء عن دعوة الولايات المتحدة الأمريكية للمملكة لإيجاد تسوية سياسية تخرجها من المستنقع اليمني، ودخول الولايات المتحدة في حوار مع الحوثيين، وهو ما يعني استعمال السعودية لقضية استقلال الجنوب وتقسيم البلاد كورقة ضغط على الحوثيين الرافضين لمبدأ التقسيم أثناء المفاوضات الممهدة للتسوية السياسية، وبعد الخروج من اليمن.
جاءت مطالبة المملكة لرئيس المجلس الأعلى للمقاومة الشعبية في تعز حمود المخلافي بعودة الجنود اليمنيين الذين يقاتلون بالحد الجنوبي للسعودية إلى اليمن ,شكل هذا الانسحاب غضب اطراف يمنية لها ثقل سياسي وعسكري وطالبت هذه الاطراف باتخاذ اجراءات ضد المملكة لعدم جدية موقفها من دعم الشرعية
وضعت المملكة نفسها في حرج شديد فا صبحت بين نار حليفتها الاستيراتيجي الامارات ومشاريعها باليمن واما ان تفقد شرعية تدخلها العسكري الذي جاء لتحقيق هدف واحد هو دعم الشرعية اليمنية مقابل الحفاظ على دعم حليفتها لها، وإما أن تنحاز كليا للشرعية وتفقد بالتالي دعم حليفتها. ولهذا، جاء البيان الذي أصدرته المملكة، ونشرته وكالة الأنباء الرسمية بعد مرور أكثر من ثلاثة أسابيع على تصعيد المجلس الانتقالي ضد الحكومة الشرعية غامضا، لكونه تجاهل دور الإمارات الداعم لانقلاب المجلس الانتقالي على الشرعية، وتحاشى إدانة قصف طيرانها العسكري للجيش اليمني.
وعليه، دعت المملكة طرفي النزاع للدخول في مفاوضات سلام -ربما- للتغطية على ترددها في دعم الشرعية الذي كان الهدف من تأسيس التحالف والقيام بعملية عاصفة الحزم وتحويلها فيما بعد إلى عملية إعادة الأمل. إلا أن ما يعيق التوصل إلى الحل، ويهدد بنسف أي مخرجات لهذه المفاوضات هو تناقض أهداف ومشاريع طرفي النزاع.