يجمع مراقبون على أن حرب اليمن المستمرة للعام السادس كرست فشل ولي العهد محمد بن سلمان بالزعامة وأظهرت مدى حاجة المملكة للحماية الخارجية.
ورأى الكاتب المغربي حسين مجدوبي أن هذه الحرب التي أوشكت على النهاية بفعل جهود الرئيس جو بايدن، ثمة دروس لا بد منها.
وذكر مجدوبي أن أبرز هذه الدروس: كيف عجزت السعودية ذات الميزانية العسكرية الضخمة في الانتصار بل في حماية .
واندلعت حرب اليمن منذ ست سنوات تقريبا تحت شعار «عاصفة الحزم» ورسمت هدفا معلنا.
وهو احتواء المد الإيراني نحو اليمن عبر إعادة الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي يفترض أنه انتخب رسميا «إعادة الشرعية».
وفي الوقت ذاته، وظف بن سلمان هذه الحرب ليقدم نفسه زعيما إقليميا وزعيما للسنة.
وهذا ما جعله يلح على مشاركة الدول السنية مثل الإمارات والبحرين والمغرب والأردن ومصر وقطر في الحرب، وهي الدول التي انسحبت تدريجيا.
وبعد ست سنوات من الحرب، كانت النتائج عكسية للغاية وتضع العربية السعودية في موقف حرج أمام المنتظم الدولي كدولة اعتدت على جارها الجنوبي.
ولعل الأكثر إثارة للقلق هو عجزها حسم حرب مع حركة لا هي بجيش منظم ولا هي بميليشيات «حركة الحوثيين».
وتمتلك السعودية ميزانية عسكرية ضخمة تقدر بـ 70 مليار دولار سنويا سنة 2019.
وتأتي الثالثة في التصنيف العالمي بعد كل من الولايات المتحدة والصين ومتفوقة على دول مثل روسيا والهند وفرنسا وبريطانيا.
وهي أعلى ميزانية في العالم مقارنة مع الدخل القومي العام للبلاد، ما بين 9 إلى 10 في المئة، بينما دول مثل فرنسا تخصص أقل من 2 في المئة.
وهذه الميزانية كافية لكي تجعل منها قوة عسكرية حقيقية في الشرق الأوسط توازي قوى مثل تركيا وإيران وإسرائيل.
لكن هذه الحرب كشفت زيف هذه الميزانية بل وأنها مفارقة في التاريخ العسكري وذلك لسببين وهما:
الأول أن العتاد العسكري السعودي برمته محدود للغاية لا يعكس نهائيا ميزانية 70 مليار دولار.
فالمملكة تتوفر على عشرات الطائرات من إف 15 تفتقد لنظام جوي مضاد للصواريخ والطيران وتفتقد للذخيرة الكافية.
وعمليا، كشفت الحرب كيف تعاني السعودية من الحصول على الذخيرة بعد الفيتو الأوروبي على بيعها الذخيرة وحاليا الأمريكي.
ومن باب المقارنة، فهذه الميزانية لوحدها تتجاوز كل ميزانيات أفريقيا والعالم العربي، لكن الجيش السعودي لا يمتلك جاهزية جيوش أفريقيا مثل جنوب أفريقيا أو عربية مثل المغرب والجزائر ومصر.
السبب الثاني أن المملكة ذات إمكانيات وميزانية ضخمة لكنها لجأت إلى دول ثالثة لشن الحرب على حركة الحوثيين.
إذ كان الائتلاف مكونا من السعودية والإمارات ومصر والبحرين والأردن والمغرب وقطر والسودان في البدء.
ولم تستطع السعودية تحقيق أي انتصار على الحوثيين باستثناء ارتكاب جرائم في حق المدنيين وتدمير مستشفيات ومدارس أكثر بكثير من المعاقل العسكرية.
وتتحدث الأمم المتحدة عن جرائم ضد الإنسانية في اليمن.
واضطرت السعودية اللجوء إلى الخبرة الأمريكية والبريطانية والفرنسية لإيقاف الطائرات المسيرة والصواريخ.
وختم الكاتب المغربي الحرب اليمنية التي اقتربت من نهايتها بفضل الموقف الحازم للإدارة الأمريكية والإنهاك الذي أصاب السعودية وتبحث عن مخرج مشرف ينتهي بالخلاصات التالية:
أولا، فشل سلمان من خلال هذه الحرب تكريس نفسه زعيما سنيا في العالم العربي بل شهد العالم السني مع هذه الحرب مزيدا من التدهور.
ثانيا، ضعف السعودية عسكريا، وبالتالي لا يمكنها نهائيا الانتقال إلى مصاف دولة إقليمية عسكريا مثل إيران وباكستان وحتى مصر.
بل أنها دولة في حاجة إلى دفاع الآخرين عنها، وهي الحماية التي توفرها فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة.
ثالثا، وضع السعودية والإمارات أمام المنتظم الدولي بمثابة دول تسببت في جرائم ضد الإنسانية.
إذ أصبحتا هدفا للمحاسبة وربما محاكمات في المستقبل.
رابعا، التغيير الحاصل في الحروب، حيث جاءت هذه الحرب لتبرز الأهمية التي تكتسيها الصواريخ في مواجهة التفوق الجوي.
فأصبح دور الطائرة المقاتلة ينحصر في الحسم أمام الصاروخ الهجومي. وهذا سيجر معظم دول العالم إلى اقتناء وتطوير الصواريخ للردع.