السعودية الأكثر استقبالاً للاجئين: خرافة وتلاعب لتبييض السمعة
في محاولة تضليل متعمد وترويج كاذب للسعودية على أنها “بلد الإنسانية” زعم حساب “أخبار السعودية” المقرب من الديوان الملكي، أن المملكة من أكثر الدول استقبالًا للاجئين (الزائرين)، وتتيح لهم العلاج والتعليم مجانًا، بالإضافة إلى إتاحة فرص عمل لهم، مشيرا إلى أن ذلك معلن “رسمياً”.
لكن وكالة الأنباء السعودية ووسائل الإعلام الرسمية لم تشر إلى هذه الإحصائية، ولم يصدر عن منظمة الأمم المتحدة أو منظمة الهجرة الدولية أو أي جهة معنية برصد وتوثيق أحوال اللاجئين أو أي كيان إحصائي إعلاناً يؤكد ذلك، كما لم تفصح أي تقارير لجوء أو حتى مركز دراسات بشكل رسمي عن أن السعودية الأكثر استقبالا للاجئين.
والسلطات السعودية لم تقر أي قانون خاص باللجوء ضمن تشريعات الدولة، ولم توقع على اتفاقية عام 1951، التي تعتبر المظلة القانونية الأممية لأوضاع اللاجئين الموقعة من 139 دولة.
وتعرف المادة الأولى من الاتفاقية اللاجئ بأنه شخص يوجد خارج بلد جنسيته أو بلد إقامته المعتادة، بسبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد بسبب العنصر، أو الدين، أو القومية، أو الانتماء إلى طائفة اجتماعية معينة، أو إلى رأي سياسي، ولا يستطيع بسبب ذلك الخوف أو لا يريد أن يستظل/ تستظل بحماية ذلك البلد أو العودة إليه خشية التعرض للاضطهاد.
وتشير الاتفاقية إلى أن اللاجئون هم أشخاص عبروا حدوداً دولية إلى بلد ثان التماسا للأمان، وعلى اللاجئين أن ينصاعوا لقوانين وأنظمة بلد اللجوء الذى يقيمون فيه، وعلى الدول المستضيفة للاجئ أن تحترم أحواله الشخصية فيما يخص الزواج والمعاملات الأخرى، إضافة إلى حرية الوصول إلى المحاكم وتقديم المساعدات ووثائق السفر والسماح لهم بلم شمل أقاربهم.
كما تلزم الاتفاقية الدولة المضيفة للاجئ بأن تؤمن له إمكانية استيعاب اللاجئين وتجنيسهم، وهو ما لا تفعله السعودية ولم تطبقه.
وسبقت مزاعم الحساب المقرب من الديوان الملكي، ترويجاً إعلامياً على مدار الأشهر القليلة الماضية بأن السعودية “منارة دولية في دعم اللاجئين والنازحين، وأنها كانت دوما من أكبر 10 دول تقديماً للمساعدات دون تمييز على أساس لون أو دين أو عرق”.
كما قال المستشار بالديوان الملكي المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة، خلال مشاركتهم في المنتدى العالمي الثاني للاجئين 2023 في مدينة جنيف بسويسرا، في ديسمبر/كانون الأول 2023، إن المملكة قدمت ما يتجاوز 18 مليارًا و57 مليون دولار أميركي لصالح اللاجئين (الزائرين) في السعودية.
وزعم أن نسبة اللاجئين داخل السعودية بلغت 5.5% من إجمالي عدد السكان السعوديين؛ إذ استضافت السعودية 1.07 مليون زائر (لاجئ)، تُقدِّم لهم فرص العلاج والتعليم مجانًا، وتحرص على اندماجهم في المجتمع، بتكلفة وصلت إلى 18.57 مليار دولار أميركي، خلال السنوات الماضية.
وسخر أعضاء بحزب التجمع الوطني خلال حديثهم مع صحيفة “صوت الناس” المعارضة، من ترويج حساب أخبار السعودية لإحصاءات مضللة عن استقبال السعودية للاجئين ووصفه بأنه خرافة، مؤكدين أن المملكة بلد طارد لمواطنيه خاصة من أصحاب الكفاءات لمجرد أنهم أصحاب آراء مخالفة لهوى السلطة، وتدفعهم للهجرة إلى دول غربية كطالبي لجوء.
وبحسب دراسة استقصائية سرية حول المواطنين السعوديّين في المهجر بعنوان “المغتربون السعوديّون: مجتمع متنامٍ من المهاجرين واللاجئين” أجرتها منظمة القسط لحقوق الإنسان، فإن عدد السعوديين الفارين من بلادهم والطالبين اللجوء في الخارج شهد زيادة كبيرة خلال العقد الماضي -وذلك وفقًا لبيانات مفوضيّة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين-.
وتناولت القسط في دراستها الاستقصائية الأسباب التي تدفع أعدادًا متزايدة من السعوديين إلى الفرار من بلادهم الغنيّة، أهمها انعدام الحريّة السياسيّة (63%) أو الحريّة الدينية (49%) والشعور بالضعف بسبب نشاطهم أو نشاط أفراد عائلاتهم، أو بسبب توجّههم الجنسي، كما ذكرت نسبة مرتفعة بشكل مفاجئ العنف الأسري (25%).
وأوضحت أن فشل النظام السعودي في توفير الحماية هو العامل الذي دفع بالضحايا إلى اللجوء إلى الخارج بحثًا عن الأمان، وقد اعتقدت الغالبيّة العظمى (93.5%) أنهم لن يكونوا آمنين إذا عادوا إلى السعوديّة، حتى ولو قدّمت لهم السلطات ضمانات بالسلامة.
وبدوره، عد الأمين العام لحزب التجمع الدكتور عبدالله العودة، الزعم بأن المملكة أكثر الدول استقبالا للاجئين “خرافة”، مؤكدا أن الحكومة السعودية هي الأكثر طردا للمواطنين قبل اللاجئين، وأن ولي العهد محمد بن سلمان، عمل منذ وصوله إلى السلطة على طرد أصحاب الإبداعات المختلفة، وتسبب في هجرة عقول إلى شتى دول العالم.
وأستدل على ذلك بتقرير للأمم المتحدة يفيد بأن السعودية تمر بحالة أكبر لجوء في العالم من السعوديين، مؤكدا أن السلطات السعودية والطغممة الفاسدة عملت منذ مجيئها على طرد كل العاملين والمقيمين والمولدين والاستنفار ضد المواطنين الذين يعتبروهم “مجنسين”.
وقال العودة، إنها حالة شوفينية وتحريض سخيف وضخم وممنهج ضد هذه المجموعات المختلفة، مضيفاً أن السعودية ستصبح بلدا للاجئين في حالة واحدة إذا أصبحنا بلدا غير طارد لمواطنيه أولا ثم للاجئين.
والشوفينية تعني التعصب القومي أو القومية المتطرفة أو المغالاة في الوطنية والاعتقاد المغالي والتعصب للوطن والقومية والعنجهية في التعامل مع خلافه، والتعامل بفوقية واستكبار على الآخرين.
وأكد العضو المؤسس للحزب يحيى عسيري، أن السعودية لا يوجد فيها لاجئ واحد وفق التعريف القانوني لكلمة لاجئ، ووفق احصائيات الأمم المتحدة، موضحاً أن السعودية لديها أجانب بتأشيرات دخول مختلفة قابلة للإنهاء وطرد أصحابها في أي وقت، ولا تكفل أيًا من حقوق اللاجئين المتفق عليها في اتفاقية 1951.
وأشار إلى أن السعودية ترفض توقيع اتفاقية اللاجئين حتى تظل تتهرب من استقبال اللاجئين وتخادع الجهلة بأن من هم في السعودية يُعدون لاجئين، قائلا “يبقى كل من في السعودية في خطر عدم توفر الحقوق والطرد والإبعاد والسجن، مثل المواطن الذي لا تكفل له حقوقه”.
وأضاف عسيري: “لا يوجد تعريف واضح للسلطات لمعنى لاجئ، وتعلن أرقام عبثية، فمرة وصفت السوريين الذين يقيمون مؤقتًا في السعودية بتأشيرات عمل أو زيارة بأنهم لاجئون، ومرات تطرد شخصيات معرضة للخطر في تناقض واضح مع اتفاقية 1951، ولكن لأنها غير ملتزمة بها، فهي حريصة على هذا التلاعب القانوني والكذب الدعائي”.