ذهب تمويل ولي العهد محمد بن سلمان بقيمة ٢٥٠ مليون دولار لقناة إيرانية معارضة مقرها العاصمة البريطانية لندن، أدراج الرياح بعد الاتفاق الأخير بين السعودية وإيران على إنهاء التوتر في العلاقات بينهما.
وبحسب صحيفة “صوت الناس” المعارضة فإن إيران إنترناشيونال شبكة تلفزيونية فارسية مقرها لندن، وتُبث مجانًا عبر الأقمار الصناعية.
وقد تم إطلاقها في 18 مايو 2017، وحظيت باهتمام إعلامي كبيربسبب تغطيتها لانتهاكات حقوق الإنسان والتطورات السياسية وحقوق المرأة في إيران.
والقناة الممولة من قبل السلطات السعودية تدعي اهتمامها بالإيرانيين وحقوق المعارضة الإيرانية، بينما تعتبرها طهران محطة تلفزيونية معادية لنظام الجمهورية الإسلامية في إيران.
ممولو الشبكة
اتهمت الحكومة الإيرانية والحرس الثوري الإيراني شبكة إيران انترناشيونال بأنها ممولة من قبل السعودية.
نشرت صحيفة الغارديان البريطانية تقريراً مطولاً عن شبكة إيران انترناشيونال في نهاية أكتوبر 2018 بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.
أفاد التقرير بأن محمد بن سلمان هو القوة الداعمة التي تقف خلف إيران إنترناشيونال. كما أشارت الغارديان إلى انقسام موظفي الشبكة حيال مصدر الدعم الذي تتلقاه إيران إنترناشيونال.
وأضاف التقرير أن الشبكة تلقت تمويلاً قدره 250 مليون دولار من السعودية عبر مسؤولين سعوديين رفيعي المستوى لهم صلات وثيقة بولي العهد السعودي هم: المستشار سعود القحطاني، والصحفي والمدير السابق للعربية عبدالرحمن الراشد، ونبيل الخطيب المسؤول عن مشروع بلومبيرج الشرق.
كما أن بعض المساهمين في تمويل إيران انترناشيونال هم رجال أعمال سعوديين مقربين من السلطات السعودية منهم فهد الدغيثر وعادل عبدالكريم. ولم تنكر القناة أخبار تلقيها تمويلًا من الديوان الملكي السعودي.
فريق عمل القناة
أشارت التقارير الإعلامية إلى أن عدد العاملين بالمحطة يصل إلى مائة موظف/ة، وأنهم يتقاضون رواتب مجزية، تبلغ ضعف ما يتلقاه العاملون بالمحطات الأخرى ببريطانيا، الأمر الذي يثير التساؤل حول أجندة ممولي القناة.
وحسب التقارير فإن منحة الديوان الملكي السعودي للمحطة والتي بلغت 250 مليون دولار تشمل مصاريف القناة لمدة خمس سنوات. المدير الحالي للقناة محمود عنايت والذي عمل سابقاً مديراً لقسم إيران في شبكة البي بي سي.
وتتضمن برامج القناة أخبارًا سياسية واقتصادية وثقافية ورياضية، في الشأن الإيراني والعالمي، وجولات في الصحافة من داخل إيران وخارجها، وأفلامًا وثائقية أغلبها عن أوضاع إيران الداخلية.
سبق أن تحدث روب باينون، القائم بأعمال رئيس محطة إيران إنترناشيونال حول سياسة القناة قائلًا: “إنتاجنا لا يخضع لأي أشخاص من الخارج، بل لسياستنا التحريرية، المنشورة على موقعنا الإلكتروني بالإنجليزية والفارسية”.
وتنشر المحطة على موقعها السياسة التحريرية الخاصة بها باللغتين الفارسية والإنجليزية، والتي تركز فيها على الحياد وعدم الانحياز، والحرص على النزاهة والوصول للحقيقة.
أصبحت محطة إيران إنترناشيونال المدعومة من السعودية المتنفس الأول للمعارضة الإيرانية، التي تواجه آلة القمع من في الوقت الذي يعاني فيه المعارضين السعوديين من عدم توفر متنفس لهم وشبكة داعمة بنفس قوة شبكة إيران.
إحصائيات وأرقام
تستهدف إيران إنترناشيونال ٨٠ مليون إيراني داخل وخارج إيران.
أشارت استطلاعات تم إجراؤها إلى أن القناة تحظى بأكبر عدد من المشاهدات اليومية بين الإيرانيين، حيث بلغت النسبة ٣٣٪ لصالح إيران انترناشيونال، بينما بلغت النسبة ١٥.٦٪ للشبكة الإيرانية الحكومية الرسمية.
كما تم ترشيح المحطة مرتين لقناة العام الدولية من قبل جمعية البث الدولي.
أشارت شبكة الأسوشيتد برس أن المحادثات بين إيران والسعودية قد توقفت، بسبب الدعم السعودي للاحتجاجات عبر القنوات الإعلامية الممولة من السعودية. من جهة أخرى ذكرت الفورين بوليسي أن السعودية تستغل المظاهرات الإيرانية لتحقيق مكاسب سياسية.
إذ أشار مقال الفورين بوليسي إلى تصريح سابق لولي العهد السعودي عام 2017 ، والذي هدد فيه بمواجهة إيران وأن السعودية تعمل على نقل الحرب إلى طهران.
لكن أهم ما تلخص عنه تقرير الفورين بوليسس إلى أن السعودية لا تسعى لإسقاط النظام الإيراني، لكنها فقط تسعى لتحقيق مصالحها، ودفع إيران للتنازل في عدد من الملفات والقضايا الجيوسياسية في المنطقة.
صدى الشارع الإيراني
حظيت إيران إنترناشيونال بمتابعة كبيرة من قبل الإيرانيين داخل وخارج إيران، خاصةً إثر المظاهرات الأخيرة التي اندلعت في إيران إثر وفاة الناشطة مهسا أميني، وذلك تبعًا للتغطية النشطة للقناة لحظة بلحظة للأحداث من داخل إيران.
يُذكر أن القناة قابلت العديد من المسؤولين الإيرانيين السابقين، وقادة أحزاب إيرانيين، كما نشرت تقارير صحفية تكشف مزاعم فساد لمسؤولين إيرانيين وجهات تتبع الحكومة الإيرانية، ومن التقارير التي اشتهرت تقرير حول فساد مسؤولين في صفقات تتعلق بمواجهة جائحة كورونا.
لكن المسؤولين الإيرانيين ينفون تلك المزاعم، ويؤكدون بأن القناة تخدم أهداف السعودية وأمريكا وإسرائيل، وأن هدفها زعزعة إيران.
أشار وزير المخابرات الإيراني إسماعيل خطيب إلى أن “إيران إنترناشيونال” تعتبر منظمة إرهابية من قبل جهاز الأمن الإيراني.
من جانب آخر أعلنت وزارة الأمن والاستخبارات الإيرانية عن تجميد أموال موظفي إيران إنترناشيونال داخل إيران، وهددت بملاحقتهم دوليا.
وأكدت الوزارة اعتقالها عدد من المواطنين الذين كانوا على علاقة مع الشبكة، واعتبرت الوزارة أن أنشطة الشبكة وموظفيها تعتبر تعاونًا مع أعداء الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
ومن بين الذين تم اعتقالهم على يد الحرس الثوري الإيراني المسؤول الرئيسي بإيران إنترناشونال في مدينة خوي بمحافظة أذربيجان الغربية الإيرانية.
كما أكدت القناة أن عائلات منتسبيها يتعرضون للاعتقال وممارسة الضغط عليهم من قبل السلطات الإيرانية، بهدف إجبار موظفي القناة على تركها.
تحذير إيراني للسعودية
ذكرت صحيفة طهران تايمز بأن إيران أرسلت تحذيرًا رسميًا للسعودية عبر القنوات الدبلوماسية، وذلك حول شبكة إيران إنترناشيونال التي تتهم إيران السعودية بتمويلها والوقوف خلفها.
وأوردت الصحيفة أن المسؤولين السعوديين ردوا بأنه لا علاقة لهم بإيران إنترناشيونال.
كما أشارت الصحيفة إلى أن المسؤولين الإيرانيين لم يقبلوا التبرير السعودي، وهدد المسؤولون الإيرانيون السعودية بشكل مبطن، قائلين: أنه إذا كان السعوديين يقولون بأنه ليس لهم علاقة بشبكة إيران إنترناشيونال، فإن هجمات محتملة على السعودية ليس لإيران علاقة بها.
أشارت شبكة سي إن إن الأمريكية إلى تلك الاتهامات إذ صرح وزير الخارجية الإيراني أمير عبداللهيان بأن الفضائيات الموجودة في المملكة المتحدة والولايات المتحدة هم المتهم الأول بنشر العنف والإرهاب، وذلك في إشارة إلى إيران إنترناشيونال التي نقلت استديو البث الخاص بها من لندن إلى واشنطن بناءً على نصيحة الشرطة البريطانية.