حذرت أوساط حقوقية من ترحيل مرتقب لشخصين من أقلية الإيغور المسلمة المضطهدة محتجزان في السعودية إلى الصين رغم احتمالات تعرضهما للاضطهاد.
وعلم “سعودي ليكس”، أن السلطات السعودية نقلت الرجلين من أقلية الإيغور إلى الرياض من مكة، حيث كانا محتجزين منذ نوفمبر 2020 بدون تهمة أو محاكمة.
وتخشى الأوساط السعودية أن يكون ذلك مقدمة لترحيلهما إلى إقليم شينجيانغ الذي تقمه السلطات الصينية منذ سنوات طويلة.
ووصف حقوقيون الخطوة السعودية الوشيكة بأنها خيانة للقضايا العادلة والأقلية المسلمة متوقعة من حكومة تتعامل مع مواطنيها بالقمع والإعدام والقتل في القنصليات والتحرش والصعق الكهربائي في المعتقلات.
وفي يناير الماضي قالت “هيومن رايتس ووتش” إن السلطات السعودية تستعد لترحيل رجلَين مسلمَيْن إيغور إلى الصين، حيث يواجهان خطر الاعتقال التعسفي والتعذيب.
وتحتجز السلطات السعودية الرجلين تعسفا منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2020 دون تهمة أو محاكمة.
قال مصدر مطلع لـ هيومن رايتس ووتش إنه في 3 يناير/كانون الثاني 2022، قال مسؤول سعودي لأحد المحتجزَين، نورميميت روزي (أو نورميميتي على جواز سفره الصيني) (46 عاما)، إنه “يجب أن يستعد نفسيا لترحيله إلى الصين في غضون بضعة أيام”.
نشرت ابنة الرجل الآخر، عالم الدين حمد الله عبد الولي (أو إيميدولا وايلي على جواز سفره الصيني) (54 عاما) والمقيمة في تركيا، مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي باللغة العربية تفيد بأن والدها وروزي معرضان لخطر الترحيل الوشيك، مناشدةً السعودية للسماح لهما بالعودة إلى تركيا حيث كانا يقيمان. يُحتجز الرجلان حاليا في سجن المباحث العامة في ذهبان، شمال جدة.
قال مَايكل بيْج، نائب مدير الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “إذا رحَّلت السعودية هذين الرجلين الإيغور، فإنها توجّه رسالة واضحة بأنها تقف جنبا إلى جنب مع الحكومة الصينية وجرائمها ضد الإنسانية التي تستهدف المسلمين التُرك. ترحيل الأشخاص إلى أماكن حيث قد يتعرضون للاحتجاز التعسفي، أو التعذيب، أو أسوأ من ذلك، قد يلطّخ صورة السعودية العالمية أكثر فيما يتعلق بحقوق الإنسان”.
في أواخر 2020، قالت هيومن رايتس ووتش إن على السلطات السعودية الكشف فورا عن وضع عبد الولي وروزي وتوضيح أسباب احتجازهما.
قال ناشط إيغوري لـ هيومن رايتس ووتش إن عبد الولي قصد السعودية في فبراير/شباط 2020 لأداء الحج. قال مصدر آخر تحدث إلى عبد الولي إنه كان مختبئا منذ أن ألقى خطابا أمام جالية الإيغور هناك، شجعهم والمسلمين على الصلاة لأجل ما يحدث في شينجيانغ و”ردع الغزاة الصينيين… باستخدام الأسلحة”.
في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني 2020، تحدث عبد الولي إلى الموقع الإخباري في لندن “ميدل إيست آي”، قائلا إنه يخشى أن تكون السلطات الصينية قد أرسلت طلبا إلى السعودية لاحتجازه وترحيله. نشر الموقع صورا لجواز سفر عبد الولي الصيني، وبطاقة إقامته التركية، ومعلومات تأشيرته السعودية.
قال عبد الولي أيوب، ناشط إيغوري على اتصال بجالية الإيغور في السعودية، إنّه وثّق سابقا خمس حالات لأفرادٍ إيغور رحلتهم السعودية قسرا إلى الصين في 2017 و2018.
يتحدث الإيغور لغةً قريبة من التركية، ومعظمهم مسلمون يعيشون في منطقة شينجيانغ ذات الحكم الذاتي في شمال غرب الصين.
ولطالما أظهرت الحكومة الصينية عداءً للعديد من أشكال التعبير المتصلة بهوية الإيغور، وفرضت قيودا واسعة، منها دينية، على الحياة اليومية في شينجيانغ.
منذ أواخر 2016، تصاعد القمع كثيرا في شينجيانغ كجزء من جهود مكافحة الإرهاب المزعومة، حيث أُخضع 13 مليون مسلم تركي في المنطقة إلى التلقين السياسي القسري، والمراقبة الجماعية، والقيود الشديدة على التنقّل. يُقدَّر أنّ مليون منهم محتجزون في معسكرات “التربية السياسية”.
قالت هيومن رايتس ووتش إن هذه الانتهاكات، المنهجية والواسعة، ترقى إلى مرتبة الجرائم ضد الإنسانية المتمثلة في السَّجن غير القانوني؛ والاضطهاد؛ والإخفاء القسري؛ والتعذيب؛ والقتل؛ والأفعال اللاإنسانية كالعمل القسري والعنف الجنسي.
يستهدف جزء كبير من هذا القمع ممارسات الإيغور الدينية. يُحتجز الإيغور ويُحاكَمون بسبب دراستهم القرآن، وتأديتهم الحج من دون موافقة الدولة، وارتدائهم ملابس دينية، وما وصفته السلطات بالأفكار أو السلوكيات “غير الطبيعية” التي تُعبّر عن “حماسة دينية مفرطة”. دُمّر أو تضرّر نحو 16 ألف مسجد في شينجيانغ، أو 65% من إجمالي عددها، نتيجة سياسات الحكومة منذ 2017.
في زيارة إلى الصين في فبراير/شباط 2019، بدا أن ولي العهد محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للسعودية، يؤيد سياسات الحكومة الصينية في شينجيانغ.
في حينه نقلت وكالة أنباء الصين الرسمية “شينخوا” عن بن سلمان قوله: “نحترم وندعم حقوق الصين في اتخاذ تدابير لمكافحة الإرهاب والتطرف لحماية الأمن القومي”. أيدت السعودية رسائل مشتركة إلى “الأمم المتحدة” لدعم سياسات الصين في شينجيانغ في 2019، ومرّة أخرى في 2020.
يدعو سجلّ السلطات الصينية في الاعتقالات التعسفية، والتعذيب، والإخفاءات القسرية للإيغور، بالإضافة إلى غياب الاستقلالية القضائية والإجراءات القانونية الواجبة، إلى القلق من تعرّض عبد الولي وروزي لخطر التعذيب أو غيره من أشكال سوء المعاملة إن رُحِّلا إلى الصين.
بموجب القانون الدولي العرفي بشأن عدم الإعادة القسرية، وكون السعودية طرفا في “اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب”، عليها الحرص على عدم إرسال أيّ شخص بعهدتها قسرا إلى مكان قد يتعرّض فيه لخطر الاضطهاد، أو التعذيب، أو غيره من الانتهاكات الحقوقية الخطيرة.
قال بَيْج: “تأييد محمد بن سلمان على ما يبدو لاضطهاد الصين للإيغور سيئ بحد ذاته، لكن ينبغي لحكومته ألا تلعب دورا مباشرا في ذلك بترحيل مواطنَيْن إيغور ليواجها الاحتجاز التعسفي والتعذيب المحتملَين”.