مع اقتراب التطبيع: صمت سعودي مشين على خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين

سلطت وسائل إعلام دولية الضوء على حالة الصمت السعودي المشين على خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم ونقلهم إلى دول مجاورة.
وأبرزت شبكة “سي إن إن” الأمريكية أنه بينما يرحب اليمين المتطرف في إسرائيل بخطة ترامب لترحيل سكان غزة ويعمل على تشجيعها علنا، فإن السعودية وحليفتها الإمارات التزمتا الصمت تماما.
وأكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مجددًا اقتراحه بـ “تطهير” غزة من خلال إزالة الفلسطينيين الذين يعيشون هناك ونقلهم إلى الأردن ومصر، وهي خطة أثارت استياء بعض الحلفاء لكنها لقيت تأييدًا سريعًا من اليمين الإسرائيلي المتطرف.
وبعد أن طرح الفكرة لأول مرة يوم السبت، عمّق ترامب موقفه يوم الاثنين قائلًا عن سكان غزة: “أود أن أجعلهم يعيشون في منطقة يمكنهم العيش فيها دون اضطرابات وثورات وعنف بشكل كبير.”
ولم يوضح ما إذا كانت هذه الهجرة ستكون طوعية أم لا. وفقًا للأمم المتحدة، فإن التهجير القسري للمدنيين “يمكن أن يشكل جريمة حرب و/أو جريمة ضد الإنسانية” حسب السياق.
ولم يصدر أي رد رسمي من مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، لكن الفكرة لقيت ترحيبًا من قبل السياسيين اليمينيين المتطرفين في إسرائيل.
وقال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، زعيم حزب “الصهيونية الدينية”، إن ترامب أدرك أن غزة “أرض خصبة للإرهاب”، مضيفًا: “لا شك أن تشجيع الهجرة هو الحل الوحيد الذي سيحقق السلام والأمن لسكان إسرائيل، وسيخفف معاناة سكان غزة العرب.”
وأشار سموتريتش، الذي يشغل أيضًا منصبًا وزاريًا في وزارة الجيش، إلى أنه يعمل على خطة لتنفيذ رؤية ترامب. وقال: “عندما يريد شيئًا، فإنه يحدث.”
لكن فكرة التهجير، سواء كانت طوعية أم لا، تعتبر مرعبة بالنسبة للأردن ومصر، ومن المرجح أن تثير قلق حلفاء آخرين للولايات المتحدة في العالم العربي، حيث تهدد عقودًا من الإجماع الدولي على حق الفلسطينيين في وطنهم.
وبينما أشار ترامب إلى أن إزالة الفلسطينيين قد تكون “مؤقتة أو طويلة الأمد”، يؤكد المنتقدون العرب أن الفلسطينيين لم يُسمح لهم أبدًا بالعودة إلى أراضيهم بمجرد تهجيرهم من قبل إسرائيل.
ولن تقبل مصر أو الأردن أبدًا بأن يكونا جزءًا من تكرار النكبة الفلسطينية عام 1948، عندما أُجبر حوالي 700,000 فلسطيني على مغادرة منازلهم مع قيام دولة إسرائيل. تكرار مثل هذا السيناريو سيكون بمثابة إقرار ودعم للتطهير العرقي.
زمن المرجح أن تسعى الأردن ومصر إلى التنسيق مع حلفائهما في الخليج، خاصة السعودية والإمارات، لتقديم موقف موحد.
لكن حتى الآن، لم تُصدر السعودية والإمارات أي تعليق علني بشأن خطة ترامب. كما أن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني لم يتحدث عن مكالمته مع ترامب يوم السبت.
لكن الديوان الملكي الأردني نشر بيانًا حول مكالمته مع وزير الخارجية الأمريكي الجديد ماركو روبيو يوم الاثنين، في خطوة قد تكون محاولة لاحتواء الضرر.
وجاء في البيان أنهما ناقشا سبل “تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي… ووسائل تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الأردن والولايات المتحدة، فضلاً عن الحرص على استمرار التنسيق والتشاور بشأن القضايا المختلفة.”
وفي القاهرة، كان الرد أكثر غموضًا. إذ نفى مسؤول مصري كبير أن الرئيس عبد الفتاح السيسي تحدث مع ترامب، على الرغم من تأكيد ترامب يوم الاثنين أنهما تحدثا.
وأشارت شبكة “سي إن إن” إلى أنه على الرغم من علاقته الوثيقة بترامب، أكد ولي العهد محمد بن سلمان مرارًا أن التطبيع مرتبط بإقامة دولة فلسطينية فيما إفراغ غزة من سكانها لا يتوافق مع هذا الشرط.
من جهة أخرى أكد آدم بوهلر، المستشار الخاص للرئيس الأمريكي دونالد ترامب لشؤون الأسرى، أن محمد بن سلمان يرغب بشدة في المضي قدما باتجاه التطبيع العلني مع إسرائيل.
وصرح بوهلر للإعلام الإسرائيلي إن التطبيع مع السعودية “أقرب بكثير مما كان قبل أن يتولى ترامب الرئاسة وهناك فرصة حقيقية، لأن لدينا فريقًا مميزًا يعمل على هذا الملف”.
وأضاف “أعتقد أن محمد بن سلمان يريد بشدة أن يحدث هذا التطبيع. لذا، أشعر بثقة أكبر من أي وقت مضى بفضل الرئيس ترامب.”
وحول احتمال إصرار السعودية على إقامة دولة فلسطينية كشرط للتطبيع، قال مبعوث ترامب “سأترك هذا القرار للسعوديين، لكني أعتقد أن مصلحتهم تكمن في تحقيق التطبيع. هناك سياسة معقدة متداخلة في هذا الملف، لكن في نهاية المطاف، سيتعين اتخاذ قرار ما في مرحلة معينة. دولة أو لا دولة – أيًّا كان. أعتقد أن السعودية تريد أن تكون جزءًا من هذه العملية”.
وأضاف “السعوديون يريدون أن يكونوا جزءًا من صنع القرار إلى جانب إسرائيل ودول أخرى. وأعتقد أنه يمكن اتخاذ خطوات حتى قبل ذلك لتحقيق تقدم. ستيف ويتكوف موجود هناك، وهو مفاوض بارع، ويحظى بدعم الرئيس ترامب، والفريق الذي يعمل على هذا الملف ممتاز. هناك فرص عديدة لم تكن متاحة في السابق”.