المحكمة الجزائية في السعودية: أداة سياسية لإسكات الأصوات المعارضة

تُعد المحكمة الجزائية المتخصصة في السعودية أكثر من مجرد أداة قضائية نافذة، أداة سياسية تستخدمها الحكومة السعودية لإسكات أصوات الراغبين في لفت الانتباه إلى أوضاع محددة داخل البلاد.
وتطبق السلطات السعودية بصرامة قانونين محددين: نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية (2008) وقانون العقوبات لجرائم الإرهاب وتمويله (2014)، وقد استخدمت مضمونهما الغامض مرارًا وتكرارًا لاعتقال واحتجاز المعارضين السياسيين أو المتظاهرين السلميين تعسفيًا.
وتُعرض القضايا التالية أمام المحكمة الجزائية المتخصصة، التي أُنشئت عام 2008، والتي لطالما كانت مساءلتها موضع تساؤل، بحسب المركز الأوروبي للديمقراطية وحقوق الإنسان.
وأبرز المركز أن المشكلة تكمن بشكل خاص عندما يُشتبه في أن الأشخاص المستهدفين لديهم علاقات مع معارضين أو ينشرون منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تتعارض مع القوانين المذكورة أعلاه.
إذ أن هناك العديد من الأمثلة على أشخاص تعرضوا للاحتجاز التعسفي دون محاكمة عادلة لهذه الأسباب. ومع ذلك، فإن حالة حديثة تستحق الاهتمام وتثير نقاشًا حول كيفية تطبيق السعودية لهذه القيود على حرية التعبير.
على سبيل المثال أُلقي القبض على أحمد الدوش، وهو مواطن بريطاني، في 31 أغسطس أثناء وجوده مع عائلته في مطار الملك خالد الدولي بالرياض. لم يُقدم للرجل أي سبب لتبرير اعتقاله ولم يتمكن من التواصل مع عائلته أو الخدمات القنصلية لمدة 33 يومًا.
وحتى عندما تمكن من التواصل مع المسؤولين البريطانيين، ظلت أسباب اعتقاله غير واضحة، وسيواجه الآن محاكمة دون توجيه تهمة مناسبة. قد يتعلق الأمر الأخير بتغريدة كتبها الدوش قبل سنوات، لا تظهر فيها أي إشارة إلى السعودية. قد يتعلق ادعاء آخر محتمل بكون الدوش صديقًا لشخص والده معارض سعودي.
هذه حالة أخرى من حالات استخدام السلطات السعودية لقوانين مكافحة الإرهاب كأداة لقمع حرية التعبير وملاحقة شخص ما بالاحتجاز التعسفي. في هذه الحالة، الشخص المعني ليس مواطنًا سعوديًا.
والدوش مواطن من دولة أخرى سافر إلى السعودية كسائح، وليس له أي تاريخ في النشاط السياسي. يتناقض هذا الوضع مع الصورة التي حاولت السعودية رسمها لنفسها في السنوات الأخيرة، حيث سعت إلى الظهور بمظهر التقدمي والراغب في الترحيب بالسياح.
لذلك، إذا كان هدف السعودية هو جذب أكبر عدد ممكن من الناس، فإن هذا القمع لحرية التعبير مثير للجدل. أي شخص يسافر إلى السعودية قد يواجه الاحتجاز دون توجيه تهم واضحة، ويُحرم من أي إمكانية للتواصل. وهكذا، يُسلط استخدام السلطات السعودية لقوانين مكافحة الإرهاب الضوء على المخاوف المستمرة بشأن حقوق الإنسان، رغم جهود البلاد لتحسين صورتها العالمية.
وبحسب المركز الأوروبي تُسلِّط حالاتٌ مشابهةٌ لقضية أحمد الدوش الضوءَ على كيفية قمع المملكة العربية السعودية للمشتبه في مخالفتهم قوانين مكافحة الإرهاب.
ويشهد تطبيق هذه القوانين في البلاد انتشارًا واسعًا. لذا، من الضروري ضمان ألا تُخفي الصورة التي تُريد المملكة أن تُرسِّخها عن نفسها غموض استخدامها. وما دامت هذه الإجراءات مستمرة، فسيظل تحديث السعودية مثيرًا للجدل فيما يتعلق بما يحدث داخلها.