يواصل نظام آل سعود انتهاك حقوق الانسان والقوانين والاتفاقيات الدولية التي تحظر استغلال المدنيين للقتال خارج أطر القوانين العسكرية المحلية الناظمة بما لا يحفظ لهم حقوقهم المستقبلية كمقاتلين رسميين.
أخر الدلائل على ذلك ما أوردته منظمة سام للحقوق والحريات من أن نظام آل سعود يستدرج مقاتلين يمنيين، بينهم أطفال، عبر شبكات إتجار البشر للقتال في حدودها الجنوبية مع اليمن دون غطاء شرعي.
وأضافت في تقرير لها بعنوان “محرقة الحدود” أن آلاف اليمنيين الذين اضطروا للذهاب إلى القتال هناك تحت ضغط الأوضاع الإنسانية السيئة وقُتلوا أو جُرحوا، عاملتهم الرياض كما لو أنهم غير موجودين.
وأشارت إلى أنه رغم أن الرياض تعمل على ترقيم المقاتلين كجنود وتمنح بعضهم رتبا عسكرية، فإنهم في الحقيقة أشبه بجنود وضباط وصفتهم بأنهم وهميون، ولا يملكون أي حقوق بعد وفاتهم نتيجة المعارك.
ولفتت المنظمة إلى أن آلافا من الضحايا اليمنيين الذين قتلوا في معارك الدفاع عن الحدود الجنوبية للبلاد، دفنوا في مقابر داخل المملكة دون علم أسرهم، وأن آخرين ما زالت أسرهم لا تعلم مصيرهم.
وبحسب سام، فإن بعض المقاتلين يدخلون أراضي المملكة من منفذ الوديعة بموجب وثيقة سفر اضطرارية تمنح لهم من القنصلية اليمنية، ويقاتل هؤلاء الضحايا في الحدود الجنوبية للبلاد، ويحصلون على رواتب بشكل غير منتظم.
وأضافت أنه في كل مرة يحصلون فيها على الرواتب فإنهم يحصلون أيضا على رتب وهمية، يبنى عليها تقدير الرواتب، لمرة واحدة، وفي الكشوفات اللاحقة يمكن أن ترتفع الرتبة أو تنخفض، وحين يطالبون بالحصول على إجازة يكون التعامل معهم في المنفذ السعودي كمتسللين غير شرعيين، تسجل سلطات آل سعود بصماتهم إلكترونيا، ثم يمنعون من دخول المملكة حتى لو حصلوا على تأشيرة رسمية.
وطالبت المنظمة، الرياض والحكومة اليمنية بالتوقف الفوري عن الزج بالشباب اليمني في محرقة الحدود، وعن منحهم وضعا لا يتسق مع القوانين والمواثيق الدولية.
قال رئيس منظمة “سام”، توفيق الحميدي “إن “تقرير محرقة الحدود تقرير نوعي عملت علية سام منذ أكثر من سته أشهر”، لافتاً إلى أنه “بعد تلقي شكاوى كثيرة من مقاتلين؛ والأهالي، حيث تحول الحدود إلى محرقة مفتوحة تلتهم آمال وأحلام اليمنيين، للأسف تبيين لنا أن اليمني تحول إلى سلعة يتداولها سماسرة يمنيون وسعوديون”.
وأضاف أن “السماسرة يرمون هؤلاء الشبان بهذه المحرقة مقابل عائد مالي عن كل شخص، وبعد خروج هذا المقاتل عن الخدمة بسبب الإصابة أو الموت؛ يتم التخلص منه خارج الحدود، وكأنهم ليسوا بشراً”.
وأكد أن “ما يحدث في الحدود جريمة مكتملة الأركان تستوجب المسألة القانونية”، مضيفاً “استغل شباب بعمر الزهور لأجل تحقيق أحلامهم أو بسبب الظروف الاقتصادية، ليدافعوا عن حدود الجارة الرياض، إلا أن النتيجة كارثة، قصص موجعه تضمنها التقرير، حالات إنسانية تستوجب الوقوف بقوة في وجه هذه المحرقة وإطفاءها”.
في السياق، دعت “سام” إلى وقف ما وصفته بـ”المحرقة للشباب” المندفعين تحت ظروف اقتصادية صعبة، في ظل الوضع الاقتصادي والإنساني المتردي، ودأب السماسرة الحثيث للمتاجرة بأرواح اليمنيين مقابل الحصول على المال.
وخلصت سام في بحثها القانوني في وضع هؤلاء المقاتلين إلى أنه “لا يمكن وصفهم بالمرتزقة، فبرغم أنهم يقاتلون إلى جانب المملكة بدافع الإغراء المالي بالدرجة الأولى، وهو ما يعني تحقق أحد شروط توصيف المرتزقة عليهم، إلا أنه لا يمكن اعتبار هذا النوع من الأشخاص مرتزقة، وذلك لأنهم ينتمون إلى دولة طرف في النزاع الدائر، وهي اليمن، وهو ما يخرجهم من وصف المرتزقة”.
وبحسب “سام”، فإن هؤلاء الضحايا يمكن اعتبارهم “مليشيات يمنية” تعمل لصالح المملكة وبتمويل منها، وبالتالي؛ فهي المسؤولة عنهم أو عن أية انتهاكات يرتكبونها كونها تشرف على تدريبهم ورواتبهم وتعيين قياداتهم وتوجيه عملياتهم.
ونقلت المنظمة الحقوقية عن شهود أن هذه القوات تخوض بعض المعارك بمشاركة غطاء جوي تابع للتحالف، غير أنه في بعض الأحيان يقصف مواقع القوات الموالية للرياض، ولا يقتصر الأمر على الطيران، بل إن المدفعية وسلاح الدبابات أيضاً ارتكبا “بعض الأخطاء” وسقط بسببها ضحايا.
من جهة ثانية، أشارت إلى حصولها على معلومات تفيد بأن بعض الضحايا من اليمنيين المقاتلين للدفاع عن الحدود الجنوبية للمملكة يتعرضون للاعتقالات التعسفية، والإخفاء القسري في سجون استخبارات آل سعود، لفترات طويلة، قد تستمر من سته أشهر إلى أجل غير معلوم، قبل أن يتم ترحيلهم إلى محافظة مأرب اليمنية.
ودعت المنظمة إلى تصحيح كافة الأوضاع غير القانونية، وفتح تحقيق جدي وشفاف ضد كل المتسببين بهذه الكارثة، ومحاسبة كافة المتسببين بهذه الانتهاكات، وإحالتهم إلى القضاء، لمحاكمتهم وفقاً للقوانين ذات الصلة.
كذلك طالبت، في تقريرها، الجمهورية اليمنية والمملكة بالعمل فوراً على إغلاق هذه المعسكرات، وتمكين من بقي على قيد الحياة من الضحايا من العودة إلى بلاده، وتعويض ذوي القتلى والجرحى بما يتناسب مع حجم الخسائر التي تعرضوا لها.
وطالبت أيضاً المجتمع الدولي بالوقوف ضد جرائم الاتجار بالبشر واعتبار كل ما سبق جرائم قانونية وأخلاقية، تتحملها مسؤوليتها كل من المملكة، والحكومة اليمنية، كل بقدر مشاركته.