قالت منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي إن التجسس على مواقع التواصل الاجتماعي في السعودية يعتقد أنه يطال تطبيق كلوب هاس.
وذكرت المنظمة في مقالة للباحثة الدولية إليزا كامبل، أن المستخدمين التابعون للحكومة السعودية يقومون بمراقبة غرف الدردشة في تطبيق كلوب هاوس.
وأبرزت المنظمة أنه تزداد احتمالية قيام السلطات بمراقبة المناقشات عن كثب، بغرض تجريم المستخدمين ومعاقبتهم على آرائهم.
ورأت أن تطبيق كلوب هاوس يمثل كابوسا جديدا على ولي العهد محمد بن سلمان الذي ينتهج قمع الحريات العامة.
وجاء في المقالة: هناك نوع من التفاؤل المتكرر وغير المستند للوقائع التاريخية حول تسهيل المنتجات التقنية لحرية التعبير والديمقراطية في الشرق الأوسط، ولا يُعد كلوب هاوس، تطبيق المحادثات الصوتية الذي اشتهر فجأة، استثناءً من هذا التفاؤل.
كما أن الطريقة التي تُسهم فيها التكنولوجيا افتراضًا في إحداث الثورات قد تبدو أكثر وضوحًا مع تطبيق كلوب هاوس.
لا سيما وأن التطبيق وضع نفسه في البداية كمكان حصري لإنشاء العلاقات مع أصحاب رؤوس الأموال ورواد الأعمال في مجال التكنولوجيا والمشاهير الذين يعجبون بهم.
فقد كان إلون ماسك وجاك دورسي وإم سي هامر من بين أوائل المستخدمين للتطبيق.
إذن، كيف أصبح التطبيق الذي كان يومًا ما يقيّد دخول الصحفيين—والذي كان محتواه المبكر يتعلق بتحدّث أثرياء العالم مع أنفسهم وعن أنفسهم—بشيرًا لحرية التعبير في بعض أكثر دول العالم استبدادًا؟
وهل يمكن لهذا التطبيق في الواقع أن يكون بمثابة وسيلة محتملة للنقاش السياسي والمناقشة المفتوحة التي تشتد الحاجة إليها في الشرق الأوسط؟ أم أن الأنظمة ستتحكم وستتلاعب به، مثل منصات وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى التي سبقته؟
منذ أقل من عامين ومنذ أن أصبح متاحًا في منطقة الشرق الأوسط منذ أوائل هذا العام، يتميز تطبيق كلوب هاوس عن منصات مشابهة مثل تويتر وفيسبوك بعدة طرق رئيسية.
إنه تطبيق صوتي فقط ويتم التسجيل فيه عن طريق الدعوة فقط حيث يسمح للمستخدمين باستضافة وحضور محادثات جماعية مباشرة مختلفة، بطريقة تقع بين طريقة عمل البودكاست والندوات على الإنترنت.
وعلى الرغم من أن تطبيق كلوب هاوس قد تم توفيره مؤخرًا على أجهزة الأندرويد، إلا أنه كان في البداية فقط على أجهزة الآيفون، وكان التسجيل فيه يتطلب دعوة من مستخدم حالي—ما أدى إلى بيع الدعوات بالمزاد على الانترنت، وإضفاء طابع الحصرية.
وفي حين هيمن نخبة المستخدمين المهتمين بالتكنولوجيا في الولايات المتحدة على أيامه الأولى، انتشر التطبيق بسرعة إلى الشرق الأوسط وما وراءه.
تم الآن تنزيل تطبيق كلوب هاوس أكثر من 1.1 مليون مرة في المنطقة، وهو ما يمثل حوالي 7 بالمئة من إجمالي التنزيلات العالمية للتطبيق.
في السعودية والإمارات، على وجه الخصوص حيث ينتشر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل لا يصدق، انطلق كلوب هاوس، وإن كان مع بعض القيود الكبيرة.
جاء ذلك في سياق الشرق الأوسط الذي لا يزال يتشكل، ثقافيًا وسياسيًا، من خلال معدلات الاستثمار المرتفعة في قطاع التكنولوجيا العالمي.
وأثبت تطبيق كلوب هاوس، من خلال نقاشاته المباشرة والطبيعة المفتوحة والانتشار السريع في عالم غارق في التوتر الخانق من عمليات الإغلاق الوبائي على مدار العام الماضي، أنه مساحة للنقاش الحقيقي حول الموضوعات السياسية والاجتماعية المحظورة في الشرق الأوسط، بما في ذلك النوع الاجتماعي والجنس وحقوق الإنسان والإصلاح السياسي.
هذه، بالطبع، نفس القصة التي رويت عن تويتر وفيسبوك خلال فترة الانتفاضات العربية قبل أكثر من عقد. ومنذ ذلك الحين، أصبحت حكومات الشرق الأوسط بارعة بشكل مذهل في التلاعب بقوة الاتصالات الشبكية والأشكال الجديدة من التكنولوجيا لتعزيز سلطتها.
وفعلت ذلك من خلال الرقابة الجماعية وانتشار الدعاية والمعلومات المضللة وقوانين “الأمن السيبراني” و “الآداب العامة” التي تم إقرارها حديثًا والتي تُستخدم كذرائع لتجريم التعبير على وسائل التواصل الاجتماعي. لكن كيف يمكن أن يكون تطبيق كلوب هاوس مختلفًا على الإطلاق؟
ليس من المستغرب أن بعض المخاوف الحقيقية بشأن التهديد المحتمل للتطبيق على النشطاء والمستخدمين في الشرق الأوسط تماثل تلك الموجودة في منصات التواصل الاجتماعي الأخرى.
اتبعت العديد من الحكومات في المنطقة نفس قواعد القمع التي طورتها على تويتر وفيسبوك: الحظر والمراقبة والتحكم.
ربما تمنع الإمارات بشكل غير رسمي الوصول إلى تطبيق كلوب هاوس، في حين أن الأردن وسلطنة عمان حظرتا التطبيق تمامًا.
ويبدو أن المستخدمين التابعين للحكومات يراقبون غرف دردشة كلوب هاوس في السعودية وأماكن أخرى، بينما ملأت إيران التطبيق بالدعاية الحكومية.
وكما هو الحال مع منصات التواصل الاجتماعي الأخرى، بدأ المسؤولون الحكوميون أيضًا في استخدام تطبيق كلوب هاوس بأنفسهم، واستضافوا بعض المحادثات تحت غطاء من الشفافية وإمكانية الوصول.
وفي الوقت نفسه، من المرجح أن تزداد احتمالية قيام السلطات بمراقبة المناقشات عن كثب في تطبيق كلوب هاوس بغرض تجريم المستخدمين ومعاقبتهم على آرائهم، كما حدث على تويتر وفيسبوك.
وعلى الرغم من صعوبة تتبع ومراقبة النقاشات المباشرة، لا يستطيع تطبيق كلوب هاوس منع المستخدمين من تسجيل النقاشات عبر أجهزة خارجية.
يقوم التطبيق نفسه أيضًا بتسجيل كل محتوياته ويخزنها داخليًا، ما يزيد من مخاوف الخصوصية.
ربما يكون الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن تطبيق كلوب هاوس يطلب من المستخدمين التسجيل باستخدام أسمائهم الحقيقية وأرقام هواتفهم.
ومن خلال السرعة التي انتشر فيها تطبيق كلوب هاوس في الشرق الأوسط، يبدو أنه قد استقر بالفعل من حيث شعبيته.
لكن سرعان ما كشف التطبيق عن بعض الأشياء الأساسية حول مستقبل حرية التعبير ووسائل التواصل الاجتماعي في المنطقة، بدءًا من التداعيات المعقدة على إدارة المحتوى وخطاب الكراهية على وسائل التواصل الاجتماعي وكيف يمكن أن يكون لها دور في المستقبل.
أصبحت إدارة المحتوى في المنطقة بشكل متزايد مسألة قرارات سياسية صريحة من قبل منصات وسائل التواصل الاجتماعي حول التعبير، ما يمكن اعتباره سياسيًا، وما يمكن اعتباره محتوى إرهابيًا أو متطرفًا، وكيفية تحديد أولويات أنواع معينة من التعبير أو إهمالها.
وفي حين أن معظم هذه المنصات تضع نفسها كمحكّم محايد، إلا أنه لم يعد من الممكن النظر إلى القدرة على حذف المحتوى أو تقليصه أو الترويج له على أنه غير سياسي.
كما يثير تطبيق كلوب هاوس الصوتي أيضًا أسئلة حول كيفية تكيّف استراتيجيات التكنولوجيا الاستبدادية في الشرق الأوسط، ما يحفز أنواعًا جديدة من الرقابة الذاتية من قبل المواطنين والناشطين حيث تتوسع قدرات الحكومات على التلاعب والمراقبة في المجال الصوتي.
ولكن، حتى لو وقع تطبيق كلوس هاوس فريسة لأنماط الانتهاكات الاستبدادية مثل المنصات التي سبقته، فإن بعض عناصر استخدامه تُظهر كيف أن السعي وراء حرية التعبير والتعبير السياسي مع ذلك، يستمر في التطور في المنطقة.
على سبيل المثال، كان تطبيق كلوس هاوس يميل إلى استضافة أصوات الشتات المهمة القادرة على التحدث بحرية وسلطة أكبر لجمهور أوسع، بعيدًا عن القمع الوحشي في بعض بلدانهم الأصلية.
كما تعني الطبيعة المباشرة والصوتية لتطبيق كلوس هاوس أنه على الرغم من أن الكلام الذي يحض على الكراهية وإنشاء الحسابات الوهمية أمر لا مفر منه، إلا أنهما أصعب قليلًا في تطبيق كلوب هاوس.
حيث قد يكون التجسيد الحسي للأصوات الأخرى ونقص الأدوات لضخ هجمات نصية في التطبيق، يشجع أحيانًا على نقاشات سياسية أكثر واقعية وتعددية (على الرغم من أن هذا لم يتضح بعد).
أخيرًا، تشير الاستضافات الصوتية للنقاشات باللغة العربية واللغات الأخرى إلى أن تطبيق كلوب هاوس قد يسمح بمزيد من النقاشات السياسية ذات التوجه المحلي حول الشرق الأوسط، على عكس تلك الموجودة على تويتر وفيسبوك، حيث تميل النقاشات إلى أن تتمحور حول وجهات نظر الأشخاص من خارج المنطقة حول المنطقة.
في نهاية الأمر، وبغض النظر عن أين ينتهي المطاف بهذه المنصة، فإن ما يكشفه تطبيق كلوب هاوس هو أن أجندة حقوق الإنسان التي تعتمد على فترات الانهيار والازدهار في صناعة التكنولوجيا هي غير مفيدة، في أحسن الأحوال.
في الواقع، مع وجود المزيد من منصات التكنولوجيا التي تفرض رقابة على بعض المستخدمين في الشرق الأوسط، قد يكون من المفيد البدء في التفكير بدلًا من ذلك في سبب وجود مثل هذا الاتجاه المستمر في تخيّل أن التطبيق الجديد التالي سيفتح بطريقة ما مساحة سياسية في البلدان الاستبدادية في الشرق الأوسط بشكل كامل.
يجب أن يكون الإصلاح الحقيقي في المنطقة، كما هو الحال دائمًا، متجذرًا في شيء آخر: الاستماع إلى الحركات والأصوات المحلية القائمة وتمكينها، مع الاستعداد للتضامن ضد الأنظمة الاستبدادية التي تجعل قمع حرية التعبير أمرًا أساسيًا لسلطتها.
إنّ الاستبشار بقدرة تطبيق جديد على توفير حرية التعبير في الشرق الأوسط ببساطة، لن يقدّم المزيد حول هذا الأمر.