لم تشبع الحرب على اليمن وقتل مواطنيه شهية نظام آل سعود، وإحلاله للفوضى والقتل والدمار في البلاد، ليهاجم “الذباب الإلكتروني” الموجه شخصية يمنية حائزة على جائزة نوبل للسلام.
وتخشى توكل كرمان، أول امرأة عربية حائزة على جائزة نوبل للسلام لعام 2011، وثاني امرأة مسلمة تفوز بذات الجائزة، على نفسها كما حدث مع الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي.
وكشف أكاديمي بريطاني النقاب عن وقوف نظام آل سعود وراء حملة ممنهجة ومنظمة، للتحريض ضد توكل كرمان، وذلك عقب اختيار الأخيرة عضوا بمجلس “حكماء فيسبوك” للإشراف على محتوى موقع التواصل الاجتماعي.
وقال الأكاديمي مارك أوين جونز، وهو متخصص في العلوم الإنسانية الرقمية، إن حملة “خلافة فيسبوك” التي تم تدشينها عبر وسم على موقع “تويتر” بعنوان “خلافة فيسبوك” Facebookcaliphate، مدعومة في مجملها من السعودية.
ووسم “خلافة فيسبوك” تهدف من خلاله الحسابات التي غردت عليه للزعم بأن توكل كرمان تدعو لعودة “الخلافة الإسلامية”، وأنها ستمثل تلك الخلافة في مجلس “حكماء فيسبوك”، مُوجهين اتهامات للناشطة اليمينة البارزة بـ “الإرهاب والتطرف”، بحسب زعمهم.
وقال جونز، في سلسلة تغريدات على حسابه بموقع “تويتر”، أرفقها بتحليل مدعم بالأرقام والرسومات التوضيحية،: “أكثر ما يلفت الانتباه في هذا الوسم هو عدد الحسابات الوهمية التي تغرد في هذه الحملة”.
ونوه إلى أن وسائل الإعلام التقليدية السعودية تنقل عن بعض تلك الحسابات “المزيفة” باعتبارها مصدر موثوق.
وأشار إلى أنه قام بتحميل “حوالي 17000 تغريدة (منها تفاعلات) من حوالي 10000 حساب مختلف يستخدمون وسم خلافة فيسبوك #Facebookcaliphate. ومن هذه الحسابات، “أشك في أن 2000 حساب على الأقل يعملون كدمى أو ذباب إلكتروني”.
وقال أوين جونز إن “هذا سلوك منسق ومنظم وممنهج، لكنه غير حقيقي ولا يمثل الواقع”.
وتابع: “عند التعمق في البحث في هذه الحسابات نلاحظ أن كل الـ 2000 حساب المشكوك في أمرهم غردوا حوالي 200 مرة. وأيضا ما يمكنك ملاحظته من خلال الرسم البياني، أن معظمهم من الرياض أو السعودية بشكل واضح ومرتب بشكل غير عشوائي منظم”.
وذكر الباحث المتخصص في الدراسات الشرق أوسطية “عند تغيير حجم النقاط بحسب عدد التغريدات يمكننا ملاحظة أنها مجموعة تغرد بشكل مكرر جدا (spam)، مما يعني تغريدات مدفوعة”.
وبحسب الرسوم البيانية التي أرفقها جونز، يؤكد أن من بين الملاحظات التي رصدها وجود “مجموعتين بارزتين تعملان بشكل غريب، لا علاقة لهم بالمحادثة الأصلية الخاصة بوسم (خلافة فيسبوك)”.
واستطرد: “عندما نرتب الحسابات حسب تواريخ إنشائها سنرى تصاعدا كبيرا بين شهري أيار/ مايو وآب/ أغسطس 2019. والخطين الملونين في التصاعد يمثلان نفس المجموعتين المنفصلتين في الرسم البياني السابق. وهكذا حصلنا على تطابق”.
ورأى أن هناك أمر مثير للاهتمام، وهو عندما أجرينا بحثا في عينة من 31000 حساب بموقع “تويتر” من الذين كانوا يغردون في “الحملة الكاذبة التي ادعت انقلابا في قطر في الرابع من أيار/ مايو كانت بعض تلك الحسابات هي المشاركة في الحملة ضد توكل كرمان”، مستدركا: “منذ ذلك التاريخ وإلى اليوم، تم حذف أو إيقاف أو تغيير 1100 حساب منهم”.
واختتم الأكاديمي البريطاني أن “هناك حملة صبيانية يتم التريج لها بشكل مصطنع، وهي مثال واضح لكيفية التلاعب بالمنصات”.
وتوكل كرمان، صحفية وسياسية وناشطة حقوقية يمنية. تقود منظمة «صحفيات بلا قيود» التي شاركت بتأسيسها عام 2005، وأصبحت الواجهة الأشهر دوليًا للانتفاضة اليمنية عام 2011 والتي تعد جزءًا من ثورات الربيع العربي.
وأطلق يمنيون عليها لقب «المرأة الحديدية» و«أم الثورة». شاركت في الحصول على جائزة نوبل للسلام لعام 2011، لتصبح أول يمنية، وأول امرأة عربية، وثاني امرأة مسلمة تفوز بجائزة نوبل.
وقبل أيام، كشفت كرمان، عن تعرضها لحملة تحريض وتنمر واسعة من الإعلام السعودي وحلفائه.
وقالت كرمان، في تغريدة عبر حسابها في “تويتر”،: “أتعرض لتنمر واسع وتحريض فظيع من قبل الإعلام السعودي الموجه وحلفائه”.
وتابعت: “المهم أن أسلم من المنشار الذي قُطعت به جثة المرحوم جمال خاشقجي، أنا ذاهبة إلى تركيا”، مؤكدة أن “هذا بلاغ للرأي العام العالمي”.
وقُتل خاشقجي في 2 أكتوبر 2018 في قنصلية بلاده في إسطنبول، ويعتقد المحققون أن الصحفي قتل عندما كانت خطيبته تنتظر خروجه من القنصلية وقطعت جثته، ولم يعثر عليها حتى الآن.
وأثارت عملية القتل الوحشية سخطا عالميا، إذ قالت مقررة الأمم المتحدة، آنياس كالامار إن أدلة موثوقة تبين أن ولي العهد محمد بن سلمان ومسؤولين كبار يتحملون المسؤولية الشخصية عن جريمة القتل. ودعت إلى تحقيق دولي مستقل في القضية.
ومطلع شهر نيسان/ أبريل الماضي، حذفت شركة “تويتر” الأمريكية شبكة مكونة من 5 آلاف و350 حسابا مرتبطين بالسعودية، وتعمل من مصر والإمارات، وذلك لانتهاكها سياسة النشر لديها، في إشارة إلى ما يُعرف بـ “الذباب الإلكتروني”.
وبحسب “تويتر” فإن “الحسابات المحذوفة كان من شأنها تضخيم المحتوى الذي يشيد بالقيادة السعودية، وضخ رسائل تنتقد نشاط قطر وتركيا في اليمن”.
وفي كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وبعد أسابيع من توجيه السلطات الأميركية اتهامات بالتجسس لثلاثة سعوديين لوصولهم إلى بيانات شخصية لمعارضين على “تويتر”، أعلنت الشركة أنها حذفت نحو ستة آلاف حساب كانت جزءا من عملية معلوماتية مدعومة من أحد البلدان وصادرة من السعودية.
وأغلقت “تويتر” في أيلول/ سبتمبر 2019، آلاف الحساب المؤيدة للسعودية في مصر والإمارات لنشرها أخبارا كاذبة ومزيفة ومضللة للرأي العام، خصوصا ما يتعلق بالحرب في اليمن، والأزمة مع قطر، والنزاع مع إيران، فضلا عن تضخيم الرسائل المؤيدة للسعودية في شكل مصطنع كجزء من حرب الدعاية الإقليمية.