صدر في الولايات المتحدة الأمريكية ثلاثة كتب عن ولي العهد محمد بن سلمان خلال أشهر مهدودة بما يعكس شخصيته المنبوذة وفضائحه التي ترصدها الأوساط الصحفية.
واستقبلت المكتبات الأميركية ثلاثة كتب من العيار الثقيل منذ آذار/مارس الماضي إلى سبتمبر/أيلول الجاري، جميعها تلقي الضوء على شخصية وسياسات محمد بن سلمان وترسم أحيانا صورة مخيفة له بعد أن كسر التراتبية داخل العائلة الحاكمة في السعودية وصعد فجأة لولاية العهد.
وتعكس الكتب في مجملها قلقا أميركيا متزايدا ومخاوف لا تنتهي من تهور ومغامرات لا يمكن التنبؤ بنتائجها داخل المملكة العربية السعودية وخارجها.
الدم والنفط
وألقى صدور كتاب “الدم والنفط.. سعي بن سلمان الدؤوب للقوة العالمية” قبل يومين للصحفيين بجريدة وول ستريت جورنال، برادلي هوب وجاستن شيك، الضوء من جديد على صراع الحكم في المملكة العربية السعودية، وكيف ولماذا صعد بن سلمان بهذه السرعة، وماذا يعني ذلك لبلاده وللشرق الأوسط ولعلاقة الرياض بواشنطن؟
وقبل خمسة أشهر صدر كتاب “إم بي إس.. صعود محمد بن سلمان إلى السلطة” للصحفي بجريدة نيويورك تايمز بن هابرد الذي حاول الإجابة عن سؤال عما إذا كان يمكن أن يكون ولي العهد السعودي محمد بن سلمان “حاكما عاقلا، أم سيستمر في مفاجآته المتهورة”؟
وغاص الكتاب في تفاصيل تاريخية للعائلة الحاكمة في السعودية والتي دفعت بالملك سلمان بن عبد العزيز لمخالفة نهج والده مؤسس الدولة في عدم الإبقاء على سلالة العرش بين أبناء الملك، ومن ثم تصعيد ابنه المفضل محمد لخلافته في الحكم، في انقلاب سلمي على الترتيبات المتفق عليها بين حكماء العائلة.
وبعد أيام سيصدر الكتاب الثالث عن محمد بن سلمان والسعودية بعنوان “رؤية أم سراب.. المملكة السعودية في مفترق طرق” للدبلوماسي الأميركي السابق ديفيد رونديل، الذي يحاول الإجابة عن سؤال حول ما إذا كان ما نشهده الآن يمثل رؤية جديدة للمملكة العربية السعودية أم أنه مجرد سراب قد يدفع تجاه ثورة على الطريقة الإيرانية؟
ويشرح ديفيد رونديل، وهو أحد أبرز الخبراء الأميركيين في الشؤون السعودية، في كتابه كيف كانت البلاد مستقرة لفترة طويلة، ولماذا هي أقل من ذلك اليوم، وما هو الأكثر احتمالا أن يحدث في المستقبل.
ويستند الكتاب إلى اتصالات المؤلف الوثيقة ومعرفته الواسعة بالبلد الذي أمضى فيه 15 عاما في العيش والعمل كدبلوماسي.
قراء من الوزن الثقيل
أكثر ما يلفت الانتباه في هذه الكتب يتمثل في هوية عدد من قرأها قبل طرحها في الأسواق، فعلى سبيل المثال امتدح مستشار الأمن القومي السابق الشهير هنري كيسنغر كتاب “رؤية أم سراب”.
وأوضح كيسنغر أن الكتاب يساعد في فهم التحولات السعودية فهي “لحظة فارقة في تاريخ السعودية، تلك الدولة التي حاولت الجمع بين الحداثة والحكم الديني، وهي دولة محافظة وحازمة، ومن الصعب فهم السعودية ودورها في العالم من بعيد”.
وأضاف كيسنغر لقد قام ديفيد رونديل خلال فترة طويلة بتقطير تجربته في السعودية وعرضها بصورة واضحة وكاشفة.
في حين امتدح الجنرال ديفيد بترايوس، القائد السابق للقيادة المركزية الأميركية مدير وكالة الاستخبارات المركزية الكتاب، وقال إنه يعرض “لتاريخ غني، وبحث رائع ومتوازن عن المملكة العربية السعودية الحديثة”.
وتحدث الكاتب الشهير سيمور هيرش عن كتاب الدم والنفط، قائلا “هذا أقرب إلى الحقيقة، إلى القصة الحقيقية للفساد والابتذال والأهوال وأكاذيب المملكة وحكامها الطغاة. ويمكن قراءة الكتاب كقصة شكسبيرية عن الجشع المطلق لولي العهد”.
واعتبر موقع كركوس لمراجعات الكتب أن كتاب الدم والنفط يمثل “رسما شاملا للخطة الاقتصادية الجديدة الجشعة والطموحة لولي العهد السعودي، وأن مراسلي وول ستريت جورنال استطاعا جعل الكتاب من الإثارة بحيث لا يمكن للقارئ تركه بعد استكمال قراءته”.
من جانب آخر تضمن كتاب “إم بي إس” سردا تفصيليا شيقا لرحلة صعود محمد بن سلمان، و”هل ولي العهد، الحاكم الفعلي للمملكة العربية السعودية، مُصلح أم قاتل؟”.
ومن خلال البحث العميق والقدرة الرائعة على التنقل في متاهات المجتمع السعودي، يوضح هوبارد أن الإجابة هي “كلاهما”.
صورة مخيفة
واعتبر بروس رايدل، مسؤول الاستخبارات السابق الخبير في الشؤون الخليجية، أن كتاب أم بي إس عرض “كشف حساب ممتازا لخلفية وحياة الشخصية الجديدة الأكثر أهمية في الشرق الأوسط حاليا.. إنها صورة مخيفة”.
في حين اعتبر سكوت أندرسون، الكاتب مؤلف “لورانس في الجزيرة العربية” أن صوة محمد بن سلمان في هذا كتاب أم بي إس تعد “صورة مدمرة للأمير الشاب المستبد الذي يصفه الرئيس ترامب بصديق عظيم جدا”.
واعتبرت روبين رايت الكاتبة الصحفية الخبيرة بمركز ويلسون أن كتاب إم بي إس عرض “صورة مدمرة للأمير السعودي الذي صعد بسرعة ليصبح أحد أقوى اللاعبين في الشرق الأوسط، وأحد أكثر قادة العالم قسوة”.
وخلصت إلى أن “بن هوبارد قدم صورة (عن بن سلمان) تقشعر لها الأبدان ومرعبة في بعض الأحيان”.