تحذير دولي صارخ: كأس العالم 2034 قد يتحوّل إلى واجهة لتبييض انتهاكات السعودية

وجّه ائتلاف عالمي يضم 15 منظمة حقوقية ونقابات عمالية وروابط لمشجعي كرة القدم ومنظمات تمثّل العمال المهاجرين، تحذيراً عاجلاً إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، مطالباً إياه بالتدخل الفوري إزاء «التصاعد الخطير والمنهجي» لانتهاكات حقوق الإنسان في السعودية، وذلك بعد عام كامل على منحها حق استضافة كأس العالم 2034 دون أي ضمانات ملزمة.
ويضع التحذير، الذي وُجّه في رسائل رسمية إلى رئيس الفيفا جياني إنفانتينو وإلى رؤساء الاتحادات الكروية حول العالم، السعودية في قفص الاتهام، ويكشف أن كل التعهدات الضبابية التي رافقت ملف الاستضافة لم تُترجم إلى أي إصلاح فعلي، بينما يتعمّق القمع وتتسع دائرة الانتهاكات مع تسارع مشاريع البنية التحتية المرتبطة بالبطولة.
وبحسب الائتلاف، فإن الفيفا ارتكبت «فشلاً أخلاقياً وقانونياً» عندما ثبّتت قرار استضافة السعودية في ديسمبر 2024، متجاهلةً تحذيرات مسبقة من منظمات دولية، ودون إجراء مشاورات حقيقية مع أصحاب المصلحة، أو اشتراط التزامات قابلة للقياس في مجالي حقوق الإنسان وحقوق العمال.
وبعد مرور عام، لم يتحسن الوضع، بل ازداد سوءاً، ما يجعل كأس العالم 2034 «مهدداً بأن يُلطَّخ بوصمة القمع والاستغلال».
وأكدت المنظمات أن عام 2025 شهد استمراراً، بل تصعيداً، لانتهاكات جسيمة شملت المواطنين والمقيمين والعمال المهاجرين، في تناقض صارخ مع الخطاب الرسمي السعودي الذي يروّج لصورة «الانفتاح والإصلاح».
طفرة عمرانية على جثث العمال
أحد أخطر محاور التحذير يتعلق بظروف العمال المهاجرين، الذين يشكّلون العمود الفقري لمشاريع الملاعب والمدن الجديدة.
فقد تحدثت تقارير موثقة خلال 2025 عن وفيات في مواقع بناء مرتبطة بمشاريع كبرى، وسرقة أجور، وانتهاكات جسيمة في مشاريع مثل مترو الرياض، إضافة إلى إساءات ممنهجة بحق عاملات المنازل، خصوصاً القادمات من شرق أفريقيا.
ورغم ادعاء السلطات إلغاء نظام الكفالة، تؤكد المنظمات أن هذا النظام «ما يزال قائماً فعلياً»، ويُستخدم لإخضاع العمال، ومنعهم من تغيير وظائفهم أو مغادرة البلاد، ما يجعلهم عرضة للاستغلال والعمل القسري.
وبحسب الائتلاف، فإن إقامة بطولة عالمية في ظل هذه الظروف تعني «ثمناً إنسانياً فادحاً» تدفعه الفئات الأضعف.
نيوم… مشروع عالمي بإخلاءات قسرية
لم تتوقف الانتهاكات عند مواقع البناء، بل امتدت إلى المجتمعات المحلية.
فقد وثّقت منظمات حقوقية عمليات إخلاء قسري مرتبطة بمشروع «نيوم»، أحد المواقع المرشحة لاستضافة مباريات كأس العالم.
وتكشف هذه الإخلاءات، التي جرت دون ضمانات كافية أو تعويض عادل، كيف تُستخدم البطولة كذريعة لإعادة هندسة الجغرافيا والسكان بالقوة بحسب الائتلاف الحقوقي.
قمع متصاعد وأحكام قاسية
سلطت الرسائل الضوء أيضاً على تدهور خطير في ملف الحريات العامة خلال 2025، شمل أحكاماً قاسية في قضايا حرية الضمير والتعبير، واستخداماً واسعاً لقرارات حظر السفر التعسفية، إلى جانب ارتفاع غير مسبوق في معدلات الإعدام، حيث سُجلت نحو 330 حالة خلال العام وحده.
كما استمر التمييز القائم على أساس النوع الاجتماعي والدين والميول الجنسية، ما يطرح تساؤلات جدية حول سلامة المشجعين والزوار خلال البطولة.
ولم تخف المنظمات تحميلها الفيفا مسؤولية مباشرة، معتبرة أن الصمت والتسويف يجعلان الاتحاد شريكاً في تبييض الانتهاكات.
وطالب ائتلاف المنظمات بربط استمرار حق السعودية في الاستضافة بتنفيذ إصلاحات محددة وقابلة للقياس، تشمل إشراك خبراء مستقلين ومنظمات حقوقية في تقييم المخاطر، وتكليف جهة مستقلة بإجراء مراجعة سنوية علنية لمدى الالتزام بمعايير حقوق الإنسان، إضافة إلى ممارسة ضغط حقيقي على السلطات السعودية لتنفيذ تدابير فورية تتعلق بحقوق العمال والحريات الأساسية.
وختمت المنظمات تحذيرها بالقول إن الإخفاق في التحرك الآن لن يهدد فقط سمعة كأس العالم، بل سيكشف أن الفيفا والاتحادات الداعمة لملف السعودية اختارت المصالح والصفقات على حساب الكرامة الإنسانية، محوّلةً أكبر حدث كروي في العالم إلى منصة لتلميع نظام يقوم على القمع والتمييز.




