غلبت السخرية على تغريدات وتعليقات مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الأخيرة منذ الإعلان عن وصول قوات أميركية إلى المملكة لحماية نظام آل سعود وتعزيز مكانته.
وقد احتل وسم القوات الأميركية قائمة التداول في المملكة خلال الساعات القليلة الماضية.
وفي الوقت الذي قالت فيه مشاركات إن هذا الوجود يهدف إلى حفظ أمن المنطقة ضد الأطماع الإيرانية؛ استغربت مشاركات أخرى من لجوء المملكة -وهي الأعلى إنفاقا على التسليح عالميا- إلى قوات أميركية لحمايتها.
تساءل النشطاء عمن قدم طلب النشر خصوصا أن المملكة تقول إنها وافقت على طلب أميركي، بينما تقول أميركا إنها وافقت على طلب سعودي.
وكانت وكالة الأنباء السعودية ذكرت أن الملك سلمان بن عبد العزيز وافق على استضافة قوات أميركية.
وقالت الوكالة في تغريدة على تويتر: “مصدر مسؤول بـوزارة الدفاع: صدور موافقة خادم الحرمين الشريفين على استقبال المملكة لقوات أميركية، لرفع مستوى العمل المشترك في الدفاع عن أمن المنطقة واستقرارها”.
لكن الرواية كانت متناقضة من الجانب الأميركي؛ فبعد تغريدة أل سعود بأربع ساعات نشر حساب القيادة المركزية الأميركية تغريدة جاء فيها أن انتشار القوات الأميركية جاء بطلب من السعودية: “بيان القيادة المركزية الأميركية بشأن تحرك الأفراد الأميركيين للانتشار في المملكة العربية السعودية: بالتنسيق وبدعوة من المملكة؛ أذن وزير الدفاع بنقل الأفراد والموارد الأميركية من أجل الانتشار في المملكة العربية السعودية”.
كما أن قناة “أن بي سي” قالت إن آل سعود وافقوا على دفع بعض التكاليف المرتبطة بوجود قوات أميركية في البلاد.
وفي السياق، نشرت شبكة “سي أن أن” الأميركية صوراً جوية لقاعدة الأمير سلطان بن عبد العزيز الجوية، والتي تبعد 150 ميلاً شرق الرياض، وهي تتحضر لاستقبال القوات الأميركية التي يتوقع أن يصل قوامها إلى 500 جندي إضافة إلى مدرج طيران يجرى إعداده لاستضافة أحدث طائرة من نوع “اف 22”.
كما نشرت شبكة “سي بي أس” الأميركية مقطعا يُظهر الصور الأولى لوصول قوات أميركية إلى قاعدة الأمير سلطان الجوية، ويشمل الانتشار الأميركي طائرات حربية وأنظمة دفاع صاروخي بعيدة المدى، إضافة إلى مئات من الجنود.
كما برز إعلان آل سعود عن “استضافة” قوات أميركية جديدة، ليطرح تساؤلات عن حقيقة القدرات العسكرية التي كان النظام السعودي يتباهى بها ويعزز الشكوك حول قدرة الرياض على حماية نفسها، خصوصاً أنها لم تنجح حتى الآن في إنهاء الحرب في اليمن وتحقيق انتصار ملموس بعد نحو أربعة أعوام من تدخّلها العسكري فيها.
وعلى الرغم من عدم الإعلان عن وجود جنود أميركيين في السابق، فإن صوراً ومقاطع نُشرت لأول مرة تبيّن وجود عدد من الجنود والخبراء الأميركيين على جبهات الحرب الخلفية في اليمن مع الجيش السعودي، ويتولى الجنود الأميركيون إدارة منظومة “باتريوت” الدفاعية في الصحراء السعودية وذلك في محاولة لوقف هجمات الحوثيين الصاروخية المتواصلة.
وقال المسؤولون إن النشر يركز على القدرات الدفاعية، مع بطاريات باتريوت للدفاع الصاروخي والطائرات المقاتلة التي تهدف إلى الدفاع عن القوات الأمريكية على الأرض. لكنهم أقروا بأنه يمكن استخدام الطائرة بشكل هجومي.
ووصف المسؤولون هذا الانتشار بأنه استكشافي وليس دائمًا، مع بقاء الوجود الجديد هناك طالما ظلت التوترات عالية مع إيران.
وقال المسؤولون إن المملكة وافقت بالفعل على دفع بعض التكاليف المرتبطة بوجود أفراد وممتلكات أمريكية هناك.
ويبقي السؤال الأهم كيف لدولة تدعي أنها دولة عظمى مثل المملكة أن تستعين بجنود لحمايتها، الدول العظمى تحمي نفسها، وكيف يروج أل سعود أنهم قادة العالم الإسلامي وهم يحتمون بجنود أمريكيين.
وبات من الواضح أن الرياض لا تملك القوة العسكرية أو التقنيات اللازمة للدفاع عن نفسها ضد أي هجمات إيرانية محتملة، على الرغم من صفقات بمليارات الدولارات قام بن سلمان بتوقيعها مع دونالد ترامب منذ وصول الأخير إلى البيت الأبيض.
وانسحبت القوات الأميركية من قاعدة الأمير سلطان الجوية أثناء الغزو الأميركي للعراق عام 2003 بسبب القيود المفروضة عليها من النظام السعودي آنذاك والتي جاءت نتيجة لتصاعد الغضب الشعبي السعودي من الوجود الأميركي في المنطقة.
وترفض القوى السياسية والثقافية المحسوبة على تيار “الصحوة” الديني، أحد أكبر تيارات البلاد، أي وجود للقوات الأميركية، وهو ما تسبب بصدامات عام 1990 حينما وصلت قوات التحالف إلى المملكة للمشاركة في تحرير الكويت من الغزو العراقي.