ليس غريبا على ولى عهد المملكة محمد بن سلمان – المتهور والطائش – أن يعود لطلب النجدة من الجارة الخليجية، دولة قطر، بعدما فرض عليها الحصار في يونيو/ حزيران 2017 لتحقيق أهدافه الخاصة.
ومنذ سعى بن سلمان، شراء نادي نيوكاسل يونايتد، تطفو على السطح أزمتي المملكة مع قطر وسجل حقوقها الإنساني سيما قضية الصحفي المعارض جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بمدينة إسطنبول 2018م.
وقبل أيام، كشفت وسائل إعلام دولية رفض آل سعود طلبا أمريكيا بتسوية الخلافات القائمة مع دولة قطر، التي تقول إنها لم تتأثر من تداعيات الحصار العربي الذي تتزعمه المملكة منذ 2017م.
لكن، صحيفة “ميل أون صنداي” البريطانية كشفت النقاب عن سعى المملكة حاليا بالعمل على التوصل إلى “تسوية” مع قطر بشأن حقوق البث التلفزيوني، وسط مخاوف من أن تؤثر على شراء صندوق الاستثمار السعودي لفريق نيوكاسل يونايتد.
ونقلت الصحيفة عن مصادر مقربة من المفاوضات، أن صندوق الاستثمار تعهد باستخدام نفوذه لدى المملكة لفتح محادثات بين الدولتين، عقب تهديد قناة beIN بعرقلة صفقة شراء الفريق بسبب قرصنة حقوقها للبث التلفزيوني من قبل شبكة “beoutQ” التي ترعاها المملكة.
وتتضمن صفقة الاستحواذ التي تحاول مجموعة بقيادة صندوق الاستثمار إتمامها، نقل ملكية 80% من أسهم نادي نيوكاسل من المالك الحالي مايك آشلي إلى صندوق الاستثمار الذي يرأسه ولي العهد محمد بن سلمان، مقابل 300 مليون جنيه إسترليني (نحو 370 مليون دولار).
أما الـ20% المتبقية من الأسهم فستقسم ملكيتها بين شركة تابعة لسيدة الأعمال أماندا ستافيلي (التي تلعب دور الوسيط في الصفقة)، وشركة “روبين براذرز” المملوكة لثاني أغنى العائلات في بريطانيا.
وبينت الصحيفة أن هذه الخطوة تأتي قبيل نشر منظمة التجارة العالمية تقريرها الخاص بانتهاكات المملكة لحقوق beIN الذي أطلع عليه الاتحاد الإنجليزي وينشر رسميا يوم 16 يونيو/حزيران الجاري.
وكانت صحف بريطانية قد كشفت أن التقرير النهائي لمنظمة التجارة يقع في 130 صفحة، ويتضمن “إدانة واضحة للسعودية” بالوقوف خلف شبكة القرصنة “beoutQ”.
ونقلت صحيفة “ميل أون لاين” عن المجموعة التي تنوي شراء نيوكاسل، أنها لا تقف خلف القرصنة ولا تستطيع ضبط “beoutQ”، لكنها بدأت الآن تشكيل “الضغط على وزراء الحكومة” للتوصل إلى حل.
وأضافت أن نطاق التسوية التي تضغط لأجلها ليس معلوما، ولكنها تأمل التوصل إلى صفقة تمكن مواطني البلدين من مشاهدة مباريات كرة القدم.
ونقلت الصحيفة عن مصادر مقربة من قطر، أنه لم يجر التواصل معها من الجانب السعودي، مؤكدة أن تنازلات كبيرة يجب أن تقدم للتوصل إلى أي اتفاق.
وأدانت منظمة التجارة العالمية، سابقا، سلطات آل سعود بتمويل قناة “beoutQ”، التي كانت تسرق إشارة ومحتوى مجموعة beIN القطرية الرياضية، الناقل الحصري للبريميرليغ والدوريات الأوروبية الكبرى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وقالت صحيفة “الغارديان” البريطانية إن استحواذ سلطات آل سعود على أسهم نادي نيوكاسل يونايتد، أضحى في محل شك أكثر من أي وقت مضى، وذلك بعد إدانة المملكة من قبل منظمة التجارة العالمية، بتمويل قناة “بي أوت كيو”.
وقالت إن: الفيفا واليويفا والبريميرليغ والليغا وآخرون، اتخذوا بالفعل إجراءات قانونية ضد الشبكة المجهولة الهوية، بسبب بث المباريات بشكل غير قانوني، لكن تسع شركات قانونية محلية رفضت قبول قضية حقوق الطبع والنشر، وذلك قبل تحريك دعوى قضائية ضد المملكة إلى منظمة التجارة العالمية، باعتبارها أعلى هيئة قضائية يمكنها البت في الأمر.
وخلصت المنظمة العالمية في النهاية إلى أن سلطات آل سعود انتهكت القانون الدولي بما فعلته مع “beoutQ”وهي الإدانة التي قد تفسد استحواذ المملكة على طيور الماكبايس، كونها جريمة لا تتماشى مع سياسة البريميرليغ.
وعارض ستة عشر نائبا بريطانيا من جميع الأحزاب خطط ولي العهد محمد بن سلمان للاستيلاء على نادي نيوكاسل الذي ينافس الدوري الإنجليزي الممتاز، واعتبره الخطوة تبييض رياضي لصرف الانتباه عن انتهاكات حقوق الإنسان.
ووجه النواب رسالة إلى الحكومة البريطانية تثير القلق بشأن خطر غسل الرياضة في المملكة المتحدة في حال الموافقة على المساعي بن سلمان لشراء نادي نيوكاسل يونايتد.
وقال السياسيون – بمن فيهم زعيم حزب العمال السابق نيل كينوك والنائب المحافظ السير بيتر بوتوملي – إن دفع 300 مليون جنيه استرليني من بن سلمان مقابل حصول صندوق الاستثمار العام السعودي على 80 في المائة من النادي، وسيلة لصرف الانتباه عن سجل حقوق الإنسان في المملكة.
وتشير الرسالة، التي نشرتها صحيفة الإندبندنت، إلى جريمة بن سلمان في قتل الصحفي البارز جمال خاشقجي، وسجن نشطاء حقوق الإنسان، واستخدام التجسس عبر الإنترنت، فضلا عن تورط نظام آل سعود في الحرب على اليمن.
ودعا النواب بموجب مبادرة من منظمة فيفا ووتش، الحكومة إلى “أخذ زمام المبادرة النشط” في منع الغسيل الرياضي في المملكة المتحدة وتطوير اختبار أكثر صرامة لائقا وصالحًا لإيقاف المواءمة بين الشركات والأنظمة مع سجلات حقوق الإنسان سيئة مع الدوري الممتاز.
يأتي ذلك بعد أن أبلغ الدوري الإنكليزي الممتاز (بريميير ليغ)، خديجة جنكيز خطيبة الصحفي خاشقجي، بتعاطفه معه، واعدا بالنظر في مطالبها قبل إتمام صفقة نادي نيوكاسل يونايتد.
وذكرت صحيفة “ديلي تلغراف” في تقرير حصري، أن الدوري الإنكليزي الممتاز (بريميير ليغ) ينظر في مطالب دعت لوقف عملية استحواذ مجموعات مدعومة من السعودية على نادي نيوكاسل يونايتد.
وقال رئيس الدوري ريتشارد ماسترز في رسالته، لمحامي جنكيز إنه “متعاطف جدا مع موقف موكلتك”، بعدما كتب المحامي رودني ديكسون مرتين إلى رئيس الدوري يحثه على منع عملية بيع أسهم نادي نيوكاسل إلى مجموعة تقودها هيئة الاستثمار العام السعودية التي يتولاها ولى العهد محمد بن سلمان.
وهذه هي المرة الأولى التي يكشف فيها الدوري الممتاز أنه يقوم بالنظر في مزاعم انتهاكات حقوق إنسان كجزء من فحص الملاك والمدراء الذي يقوم الدوري عادة بإجرائه كعملية روتينية قبل موافقته على عرض بيع لواحد من النوادي التابعة له.
ولكن ماسترز رفض مقابلة جنكيز بعدما حثه ديكسون على عمل هذا “في أسرع وقت”.
وكانت جنكيز قد تحدثت لأول مرة عن الموضوع في نيسان/إبريل حيث حذرت من مخاطر السماح لصندوق سيادي خليجي بشراء النادي وأنه سيكون “لطخة في سمعة أغنى دوري ممتاز في العالم وبريطانيا بشكل عام”.
واتهمت ولي العهد محمد بن سلمان الذي اتهمته الأمم المتحدة والمخابرات الأمريكية بإصدار أوامر قتل الصحفي السعودي في قنصلية بلاده بإسطنبول عام 2018 بأنه “يقوم باستخدام الرياضة وبطريقة استراتيجية لتحسين صورته التي تضررت بشكل سيئ”.