غضب دبلوماسي دنماركي ضد قضية تجسس لصالح آل سعود
في تطور دبلوماسي لافت، استدعت وزارة الخارجية الدانماركية سفير المملكة في كوبنهاغن، وسلمته مذكرة احتجاج على خلفية قضية تجسس لصالح المملكة كانت قد وجهت التهم فيها -في فبراير/شباط الماضي- لثلاثة إيرانيين بالدانمارك.
وقال وزير الخارجية الدانماركي يبي كوفود إن السفير السعودي “أُبلغ بكل وضوح بأننا لن نقبل في أي حال من الأحوال أنشطة كهذه، كما نقل سفيرنا في السعودية فورا الرسالة نفسها إلى السلطات السعودية”، مشيرا إلى توجيه “اتهامات جديدة في غاية الخطورة”.
وجاء ذلك بعدما أعلنت الشرطة الدانماركية -في بيان- وجود ملاحقات قضائية بحق “ثلاثة أشخاص، بشبهة التحريض على الإرهاب وتمويله في إيران، بما في ذلك التعامل مع جهاز استخبارات سعودي”.
والمتهمون الثلاثة يقيمون في الدانمارك، وهم أعضاء في “حركة النضال العربي لتحرير الأهواز” التي تتخذ مقرات لها في هولندا والدانمارك، وهم ملاحقون منذ فبراير/شباط بشبهة التجسس لحساب السعودية بين عامي 2012 و2018.
وسبق أن استدعى وزير الخارجية الهولندي شتيف بلوك السفيرَ السعودي لدى بلاده في فبراير/شباط، للاشتباه في وجود صلة لنظام آل سعود بما تعرف بحركة تحرير الأهواز، حيث اعتقلت هولندا آنذاك أيضا إيرانيا آخر يقيم لديها، للاشتباه بالتخطيط لشنّ هجوم في إيران وبالانتماء لمنظمة إرهابية.
ويعتقد المحققون في الدانمارك أن الثلاثة استُهدفوا بمحاولة اعتداء في خريف عام 2018 من قبل النظام الإيراني -وهو ما تنفيه طهران بشدة- انتقاما لهجوم استهدف منطقة الأهواز جنوب غرب إيران في سبتمبر/أيلول 2019، أوقع 24 قتيلا.
وأكد مدير جهاز الأمن والمخابرات الدانماركي بورش أندرسن -في بيان- أن “من غير المقبول على الإطلاق أن تنقل دول خارجية وأجهزتها الاستخبارية نزاعاتها إلى الدانمارك، وأن تستخدم الدانمارك نقطة انطلاق لتمويل الإرهاب ودعمه”.
وكانت الدنمارك أعلنت سابقا رفض لما أسماه “حروباً بالوكالة بين السعوديين والإيرانيين” على الأراضي الدنماركية، في معرض تعقيبه على أخبار توجيه اتهام لأشخاص بالتجسس لمصلحة الرياض.
والمتهمون الثلاثة الآخرون هم أيضاً إيرانيون لكن من جماعة المعارضة الأحوازية المعروفة باسم “جبهة النضال العربي لتحرير الأحواز”، وتم اتهامهم بالتجسس لصالح نظام آل سعود.
وقال مدير جهاز الاستخبارات الدنماركي فين بورك أندرسن، في مؤتمر صحافي في كوبنهاغن: “تم توقيف ثلاثة عناصر من (حركة النضال العربي لتحرير الأحواز)، ووجهت إليهم تهم التجسس. وبحسب جهاز الأمن والاستخبارات، قام هؤلاء بأنشطة تجسس لصالح جهاز مخابرات سعودي من العام 2012 إلى 2018”.
ويشتبه في أن الثلاثة قاموا بجمع معلومات عن أفراد وشركات في الدنمارك وخارجها، ونقلها إلى جهاز مخابرات سعودي، بحسب أندرسن. ويعيش الثلاثة الذين لم تكشف هوياتهم في الدنمارك ويخضعون للمراقبة منذ عدة أشهر.
واعتقلت السلطات هؤلاء في العام 2018، واتُهموا بالإشادة بخمسة أشخاص هاجموا عرضاً عسكريًا في مدينة الأهواز الإيرانية في 22 سبتمبر/ أيلول، ما أدى إلى مقتل 24 شخصاً.
وتذهب الدنمارك إلى اعتبار القضية أشمل من الدنمارك، وهو الأمر الذي أكده كوفود، بتأكيد أنه “سنقوم بمناقشة القضية (الاتهام بالتجسس) مع شركائنا في الاتحاد الأوروبي، بحيث يتم إرسال رسالة واضحة أنه لن نقبل حصول حرب بالوكالة”، في إشارة إلى الطرفين الإيراني والسعودي وتحركاتهما على الساحة الأوروبية.
وأكدت الخارجية الدنماركية أنه “من المهم جداً القول أن الحكومة ستتخذ خطوات دبلوماسية هامة وجدية في هذا الاتجاه”.
ومن جانبه أعلن رئيس الوزراء السابق، لارس لوكا راسموسن، الذي اندلعت أزمة 2018 بشأن الأحوازيين في فترة حكمه، أن رد الفعل الحالي لحكومة يسار الوسط تصرف غير كاف.
وقال “نحن قمنا باستدعاء سفيرنا من طهران في ذلك العام، حين جرت محاولة اغتيال معارضين إيرانيين، ولا يمكن التعليل بعدم اتخاذ موقف قوي بأن ما جرى (مجرد تجسس) وأنه سابقاً كانت محاولة اغتيال”، وفقاً لراسموسن.
وعبر رئيس حزب راديكال (يسار وسط) مورتن اوسترغورد عن “ضرورة اتخاذ موقف حازم تجاه الحكومة السعودية وإيران بنفس الوقت، وإفهام الطرفين أن عداوتهما لا نريدها أن تمارس فوق الأرض الدنماركية”. وهو الأمر نفسه الذي اتخذه الحزب اليميني المتشدد، حزب الشعب الدنماركي، معتبراً أن “مثل هؤلاء الناس لا يجب أصلاً أن يكونوا في الدنمارك”.