دلالات تصاعد تصريحات إسرائيل عن قرب التطبيع العلني مع السعودية
يرى مراقبون أن تصاعد تصريحات كبار المسئولين في إسرائيل عن قرب التطبيع العلني مع السعودية يمثل تهيد متفق عليه مع ولي العهد محمد بن سلمان لتقبل الشعب السعودي للخطوة.
ويشير المراقبون إلى أنه لا يوجد دخان من دون نار وإطلاق تصريحات قرب التطبيع تعبر عن استراتيجية مشتركة مع محمد بن سلمان للتدرج في إقامة العلاقات مع تل أبيب.
وتتوارد الأخبار التي تجمع اسم المملكة مع إسرائيل بشكل شبه يومي، بالحديث عادة عن تقارب وتفاهمات بين البلدين لاسيما ما يتعلق بالاتفاقيات التجارية والعسكرية السرية.
وصرح وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد بأن التوصل إلى اتفاق لتطبيع العلاقات مع السعودية سيكون “عملية طويلة وحذرة”، لكن إسرائيل تعتقد أن في الإمكان إتمام ذلك.
وقالت إسرائيل إنها تأمل في البناء على اتفاقات عام 2020، التي توسطت فيها الولايات المتحدة الأمريكية، مع أربع دول إسلامية، وتقيم علاقات دبلوماسية مع السعودية.
وقال لبيد، متحدثا لإذاعة الجيش الإسرائيلي، إنه في حالة التوصل إلى اتفاق، فلن يأتي في إعلان مفاجئ مثلما حدث في اتفاقات سابقة مع دول من بينها الإمارات والبحرين.
وأضاف لبيد “لن نستيقظ ذات صباح على مفاجأة، بل ستكون عملية طويلة وحذرة على الجانبين. هناك مصالح أمنية لكلا البلدين”.
وقال إنها ستكون “عملية بطيئة من التفاصيل الصغيرة”، لكنه يعتقد أنه يمكن التوصل إلى اتفاق. وأضاف “نعمل على الأمر مع الأمريكيين وبعض أصدقائنا في دول الخليج وعلى مستويات مختلفة. مصر بالطبع طرف مهم”.
يأتي ذلك بعد أن كشفت صحيفة “غلوبس بزنس” الإسرائيلية اليومية أن العشرات من رجال الأعمال والمختصين بالتكنولوجيا الإسرائيليين زاروا السعودية في الأشهر الأخيرة، حيث دخلوا إلى المملكة بتأشيرات خاصة.
وقالت الصحيفة إن سبب الزيارة هو إجراء محادثات حول الاستثمارات السعودية في الشركات الإسرائيلية، وأضافت نقلا عن مصدر وصفته بالقريب من الحدث، أنه سيتم التوقيع على اتفاقيات تشمل مجال الطيران، والتعاون في البحث والتكنولوجيا في الطب والزراعة والطاقة.
المصدر قال إن السعوديين يفضلون حاليا أن تركز العلاقات على الشأن الاقتصادي لأن الملفات الأخرى مازالت تعتريها العديد من المعوقات، في حين اعتبر أن الانفتاح الاقتصادي قد يمهد إلى خطوات أكبر.
في هذه الأثناء كشفت صحيفة “يسرائيل هيوم” أن العديد من المسؤولين الإسرائيليين قد زاروا السعودية خلال العشر سنوات الأخيرة، من ضمنهم وزير الأمن الحالي بيني غانتس عندما كان يشغل منصب رئيس هيئة الأركان الإسرائيلية، رئيسي الموساد السابقين تامير فيردو ويوسي كوهين، ورئيس مجلس الأمن القومي السابق مائير بن شابات.
وزيارات المسؤولين الإسرائيليين إلى السعودية حدثت حتى الآن بشكل سري. باستثناء زيارة رئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو في تشرين ثاني/نوفمبر 2020 حيث رافقه خلالها رئيس الموساد.
ومنذ اتفاق مصر والسعودية على إعادة جزيرتي تيران وصنافير الخاضعتين للسيادة المصرية إلى الرياض، والتقارير تتسرب بخصوص تقارب سعودي إسرائيلي خاصة وأن هناك مفاوضات تجري بينهما وبوساطة أمريكية بحسب موقع أكسيوس الذي نقل إن الرئيس بايدن يقود هذه المفاوضات.
وهذه الأخبار لم تنفيها السعودية ولم يصدر أي تعقيب رسمي من الديوان الملكي بشأنها.
فيما قالت صحيفة ” هآرتس” نقلا عن مصادر إن السعودية تواصلت مباشرة مع إسرائيل بشأن إعادة انتشار قوات المراقبة الدولية على جزر البحر الأحمر قبل خمس سنوات، دون تدخل الولايات المتحدة.
وقبل حوالي خمس سنوات وبدون تدخل الولايات المتحدة، قدمت السعودية طلبها إلى إسرائيل لإعادة انتشار القوات الدولية.
بدأت إسرائيل بدراسة التداعيات الأمنية لمثل هذه الخطوة وبدا أنها في طريقها للموافقة على الطلب.
ووفقا لمسؤولين شاركوا في الاتصالات بين البلدين، فقد تم تأجيل العملية بسبب مقتل الصحفي جمال خاشقجي في عام 2018، وما تلاه من مقاطعة فرضتها الولايات المتحدة على محمد بن سلمان، الذي حملته الولايات المتحدة مسؤولية مقتل الصحفي جمال خاشقجي. لهذا السبب لم يتم المضي قدما في الاتفاق.
المصادر تقول إن نقطة الخلاف التي قد تجمع البلدين هي وضع الجزيرتين والسلاح عليهما، فبينما تريد إسرائيل بقاء الوضع على ما هو عليه، أي منزوعتي السلاح مع وجود قوة متعددة الجنسيات، تريد السعودية إنهاء وجود هذه القوة والتعهد بالأمن الكامل. وإذا ما تم الاتفاق فسيكون هو الاتفاق العلني الأول بين البلدين.
ولا تمتلك السعودية علاقات رسمية مع إسرائيل لكنها باركت تطبيع العلاقات بين الإمارات والبحرين مع إسرائيل بما يعرف اتفاق ” إبراهام” الذي تم التوقيع عليه في عهد الرئيس السابق للولايات المتحدة دونالد ترامب.
لكن رغم ذلك جميع الإشارات بين البلدين تبين أن هناك تقارب ربما يصبح في المستقبل القريب تطبيع كامل للعلاقات بين البلدين.
في مارس/أذار، قال محمد بن سلمان، في مقابلة مع مجلة “ذي أتلانتيك” الأميركية إن بلاده لا تنظر الى إسرائيل “كعدو” بل “كحليف محتمل في العديد من المصالح التي يمكن أن نسعى لتحقيقها معا، لكن يجب أن تحل بعض القضايا قبل الوصول إلى ذلك”.