آل سعود يزجون بقبائل المملكة عنوة في حرب اليمن

تخوض المملكة العربية السعودية منذ أكثر من أربعة أعوام حرباً فرضتها على الشعب اليمني وحملت اعبائها لأهالي المملكة.
الحرب التي لم تحقق للمملكة إلا صيتاً سيء السمعة, لم تمنعها من فتح معارك أخرى, آخرها كان معركة ضمن الحدود وجهت ضد القبائل الحدودية, حرب تهجير لقبائل عمل معظم أبنائها كضباط وأفراد بالجيش السعودي, دون أن يحظى هؤلاء بالاعتراف بمواطنتيهم.
قبل أسابيع أصدرت وزارة الداخلية السعودية قراراً يأمر قوات حرس الحدود بتنفيذ عملية إخلاء لمناطق واسعة من محافظة الداير في منطقة جازان, جنوب غرب المملكة, ومنحت الوزارة هذه القوات مدة 72 ساعة لتنفيذ القرار, قبل أن تنفجر المعركة بين القوات السعودية وأبناء القبائل.
في حين رفضت قبائل آل زيدان وقبائل آل مالك التي تقطن أقصى شرق جبال جيزان تنفيذ القرار.
في رسالة نشرتها القبائل, قالت إن القوات السعودية فرضت حصاراً عليهم, ومنعت عنهم الماء وإدخال الطعام ودخول زوارهم وضيوفهم, وتقوم بإستفزاز شبابهم واعتقالهم لمساومة أهاليهم على الرحيل وإخلاء تلك المنطقة التي تصل مساحتها 51مليون متر مربع لتصبح جزيرة مهجورة بين السعودية واليمن, ولا نعلم ما هو السبب الحقيقي حتى الآن.
وأضافت الرسالة أن السلطات المحلية, “لا تكف عن إرهابهم وابتزازهم, فكل اسبوع تقوم بإشعارهم بأن لهم مهلة اسبوع لترك ديارهم أو سيتم استخدام القوة الجبرية لطردهم من ديارهم وأرضهم”.
وكشفت معركة القوات اليمنية في جيزان والتي انتهت بالسيطرة على معسكر الجابري عن ما اتخذته السلطات السعودية من إجراءات بحق القبائل في جيزان أثناء الحرب، والتي وصلت إلى التهجير بالقوة وسجن العديد من أبناء القبائل لرفضهم ترك قراهم ومزارعهم.
وتشير المعلومات الواردة إلى أن النظام السعودي قام خلال العامين الماضيين بتهجير القبائل في جيزان ومنعهم من البقاء في أراضيهم وترك قراهم ومزارعهم ومصادر عيشهم على وقع الضغوطات التي تلقوها من النظام السعودي، الذي وعدهم بمنحهم تعويضات فورية مقابل خروجهم من قراهم.
وتكشف المعلومات الواردة بأن النظام السعودي يتخوف من حدوث تحالفات بين أنصار الله الحوثيين والقبائل في جيزان وفتح الطريق أمام مقاتلي أنصار الله والجيش اليمني للتوغل داخل الأراضي السعودية باتجاه جيزان، الأمر الذي دفعها إلى إخلاء عشرات القرى جنوب جيزان إما بالقوة أو بالإغراءات وقطع الوعود بمنحهم تعويضات سخية، ومؤخراً قام النظام السعودي بسجن العشرات منهم لمعارضتهم علناً ممارسات الإخلاء ومماطلة السلطات السعودية في دفع التعويضات.
ومع بداية الحرب على اليمن وبدء الهجوم من قبل القوات اليمنية على الحدود السعودية الجنوبية واحتلال المواقع العسكرية، تمكن مقاتلو أنصار الله من الدخول إلى العديد من المواقع العسكرية والتقدم باتجاه وسط جيزان بدون وجود أي عوائق من المواطنين والقبائل في جيزان، الأمر الذي دفع بالسعودية إلى تهجير قبائل جيزان خوفاً من تحالفها مع أنصار الله ضد القوات السعودية نظراً للعلاقات المتوترة بين تلك القبائل والنظام السعودي منذ نشأته بسبب المعتقد الديني والمذاهب التي تنهجها قبائل جنوب المملكة وعدم خضوعها لقبول الوهابيين وتبني أفكارهم، كون معظم تلك القبائل ينتمون للمذهب الشافعي والاسماعيلي وبعضهم من المكارمة.
وبالإضافة إلى ذلك تتخوف السعودية من احتمالية حدوث هذا التحالف خاصة بعد الاتفاق الذي تم بين أنصار الله وقبائل جيزان في العام 2010م بعد الحرب السادسة التي خاضها نظام الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح بمشاركة القوات السعودية ضد مقاتلي الحركة، حيث وقع الحوثيون اتفاقيات مع قبائل جيزان لحفظ حسن الجوار وعدم التعرض لأي طرف، بالإضافة إلى وجود علاقات مصاهرة وتزاوج بين قبائل جيزان وقبائل صعدة، الأمر الذي يجعل ارتباط قبائل جيزان بمحافظة صعدة أكثر من ارتباطها بالنظام السعودي.
القبائل النازحة وجدت في الشمال وفي الجنوب وفي مناطق مختلطة, وعندما تم ترسيم الحدود في عهد الملك فيضل بن عبد العزيز في السبعينات, تعرضت هذه القبائل لمشاكل لأنها من أصول سعودية, أدخلت هذه القبائل إلى الأراضي السعودية, وتم حصرهم في مناطق معينة.
وتم منح هؤلاء بطاقة للسماح بالتنقل والعمل لحين حل وضعهم, عبر منحهم الجنسية, وقد منح عدد من هذه العوائل الجنسية إلا أن العديد منهم ظل محروماً منها لأسباب عدة.
وتعاني قبائل جنوب المملكة من التهميش من قبل السلطات السعودية، حيث يسعى النظام السعودي إلى فرض الوهابية المتشددة دينياً على كل مواطني السعودي رغم اختلاف وتباين تلك القبائل في ديمغرافيتها ومذاهبا، ومنذ نشأة النظام السعودي يتلقى قبائل شمال المملكة وجنوبها لمعاملات سيئة من الأجهزة الأمنية والسلطة المذهبية الوَهَّـابية التي دفعت برجال الدين من الوهابيين المقربين من السلطة بالإفتاء بتكفيرهم ومحاربتهم علناً، فضلاً عن معاملتها لمواطني جنوب المملكة وشمالها الشرقي كمواطنين من الدرجة الثالثة وإهانتهم في أقسام الشرطة ونقاط المرور والمُؤسّسات الخدمية الحكومية.
ورفض القبائل الانصياع لدعوات التهجير وأبدوا استعدادهم للتصدي لمحاولات اغتصاب أراضيهم, “التي تعتقدون أنها قد تحول لمشاريع سياحية او تؤول لشركات, لصالح أمراء آل سعود بحجة الحرب.”
ومثّلت الاعتقالات المتكررة التي يشنّها جهاز أمن الدولة التابع بشكل مباشر لولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، ضدّ شيوخ القبائل في المملكة، دلالة على سياسة جديدة للتعامل مع القبائل التي تشكّل غالبية سكان المملكة العربية السعودية، وكان لها الدور الأبرز في حملة توحيد البلاد مطلع القرن الماضي، ما قد يؤدي إلى اختلال سياسي جديد في البلاد التي تعاني من صعوبات سياسية وعسكرية واقتصادية.
وضمن حملات الاعتقال التي شنّتها السلطات السعودية ضدّ “تيار الصحوة” أولاً في “حملة سبتمبر”، ومن ثمّ الأمراء ورجال الأعمال في “حملة ريتز كارلتون”، ولاحقاً الناشطين الحقوقيين والناشطات النسويات في “حملة رمضان”، اعتقلت السلطات السعودية أيضاً عدداً من شيوخ القبائل وأمرائها، وطاردت آخرين يعيشون في دول الخليج المجاورة.
ومنذ وصول محمد بن سلمان لكرسي ولاية العهد منتصف العام الماضي، توقّفت المنح والعطايا التي كان الديوان الملكي يمنحها بشكل سنوي لأمراء وشيوخ القبائل، والتي تسمى محلياً بـ”الشرهات”، وهو ما زاد من حدّة الحنق على ولي العهد بين شيوخ القبائل الذين يرون أنفسهم كصمام أمن للبلاد، ووقود لحروب التأسيس الأولى.
كما أنّهم يقولون إنّ هذه المنح لا تذهب إلى جيوبهم، بل تذهب إلى فقراء القبائل في القرى الريفية البعيدة التي تعاني من الإهمال ونقص الخدمات ووعورة الطريق، ما يعني أنّ قطع المنح سيتسبّب بأزمة كبيرة لمجتمعات كاملة داخل البلاد.
وتنذر تصرّفات ولي العهد تجاه شيوخ القبائل وقادة الأفواج في الحرس الوطني باختلال كبير في هذه الصيغة التفاهمية بين القبيلة والنظام، كما اختلت الصيغة ذاتها بين “تيار الصحوة” والنظام والتي كان قد توصّل إليها الأمير الراحل نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية الأسبق، وابنه ولي العهد المعزول محمد، بفعل الاعتقالات التي شنتها أجهزة الأمن السعودية ضدّ التيار منذ مطلع سبتمبر/ أيلول من العام الماضي، وأدّت إلى تحوّل التيار إلى تيار معارض يعيش مطارداً في الداخل ونشطاً في الخارج.