وثقت دراسة أجرتها مؤسسة “غرانت ليبرتي” لحقوق الإنسان، عن وجود 311 معتقل رأي في سجون السعودية في عهد حكم ولي العهد محمد بن سلمان.
وأوردت صحيفة “إندبندنت” البريطانية، إن سجناء سياسيين معتقلين بسبب معارضتهم للحكومة السعودية يتعرضون للقتل و“الاعتداء الجنسي” و“الوحشية المطلقة” خلال فترة وجودهم في السجن.
ونقلاً عن الباحثين في المؤسسة الخيرية، أكدت الصحيفة أن 53 سجينا تعرضوا للتعذيب، بينما تعرض ستة آخرون للاعتداء الجنسي، وأُجبر 14 آخرون على الإضراب عن الطعام.
وبيّنت أن التقرير نظر في معاناة 23 ناشطة في مجال حقوق المرأة، 11 منهن ما زلن خلف القضبان، بالإضافة إلى أن حدد أن هناك 54 صحفياً معتقلاً.
وكان اعتقل النظام السعودي نحو 22 سجيناً بسبب جرائم ارتكبوها عندما كانوا أطفالا، تم إعدام خمسة منهم، وتوفي أربعة في الحجز، فيما يواجه 13 آخرون عقوبة الإعدام.
من جانبها، طالبت منظمة سند الحقوقية الجهات الدولية بالتدخل والضغط على السلطات في المملكة، بحسم قضية معتقلي الرأي وإنهاء المعاناة التي يتعرض لها المعتقلون في المعتقلات الحكومية.
وقبل أيام قالت منظمة القسط لحقوق الإنسان إن القمع الوحشي يسيطر على فترة عهد محمد بن سلمان في السعودية بعد مضي خمسة أعوام على توليه ولاية العهد.
وذكرت المنظمة أن المملكة شهدت وما زالت، فترة محمد بن سلمان ذات المركزية الشديدة غير المسبوقة قمعًا وحشيًّا وانتهاكات حقوقية جسيمة، وهو ما يتناقض مع ادّعاءاته حول الإصلاح الليبرالي.
واكتسب محمد بن سلمان المزيد من السلطات، وتوسَّع نفوذه أكثر من أي وقت مضى منذ تولِّي والده العرش في 2015.
ففي عام 2015 تم تعيينه وزيرًا للدفاع ونائبًا لولي العهد ورئيسًا لصندوق الثروة السيادية الهائل للمملكة، صندوق الاستثمارات العامة. وفي 21 يونيو 2017، تم تعيينه وليًّا للعهد ليصبح الحاكم الفعلي للبلاد.
والنظام السياسي في السعودية ملكي مطلق منذ ما يقرب من مئة عام، وأصبح أكثر مركزية في عهد سلمان وابنه محمد.
فعلى سبيل المثال، في يوليو/ تموز 2017، أصدر الملك مرسومًا بإنشاء رئاسة أمن الدولة، وهي جهاز أمني شامل تدمج كلًّا من مكافحة الإرهاب وأجهزة المخابرات الداخلية تحت قيادة واحدة، وترفع تقاريرها مباشرة إلى الملك دون المرور بوزارة الداخلية.
ولطالما كانت السعودية دولةً قمعيةً قبل عهد محمد بن سلمان، إلا أن الفترة التي تلت صعوده إلى السلطة نتج عنها قمع وحشي غير مسبوق لحرية الرأي والتعبير.
إذ اعتقلت أمن الدولة مئات المدافعين والناشطين الحقوقيين تعسفيًّا، إلى جانب العديد من الشخصيات الدينية والأكاديميين والكُتّاب، وأي شخص ينتقد الأداء العام للسلطات، أو حتى لا يلتزم بالاتجاه العام للسلطة. وهذه الاعتقالات طالت حتى المسؤولين الحكوميين ورجال الأعمال وأفرادًا من الأسرة الحاكمة.
وتم تعزيز هذا القمع من خلال المزيد من التعديلات القانونية الرجعية، بما في ذلك النسخة المحدثة لقانون مكافحة الإرهاب، والصادرة في 2017، والتي أتت أكثر قسوة من سابقتها، حيث إنها تتضمن قوانين تُعاقب أيَّ شخص “بشكل مباشر أو غير مباشر”، يصف الملك أو ولي العهد بأنه وبطريقة ما يضر الدين أو العدالة.
ومازال العديد من المستهدفين محتجزين، ويتم إسكاتهم في سجون يكتنفها الغموض إلى حد كبير دون أي رقابة مستقلة. انتهاكات حقوق السجناء تزايدت بصورة متسارعة منذ وصول محمد بن سلمان إلى السلطة، بما في ذلك التعذيب الوحشي في أماكن الاحتجاز غير الرسمية، مثل قبو القصر الملكي، ومكان آخر مجهول يُسمى بــ”الفندق”.
وهذه الممارسات تورط فيها مسؤولين رفيعو المستوى، مثل سعود القحطاني، المستشار المقرب من محمد بن سلمان، الذي يقف كذلك خلف الحملات المنظمة لقمع المعارضة خارج البلاد وعلى الإنترنت.
جريمة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، في أكتوبر 2018، سلَّطت الضوء على التورط المباشر لولي العهد. حيث وجدت المقرِّرة السابقة الخاصة للأمم المتحدة، المعنية بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة، أو تعسفا، أغنيس كالامارد، “أدلة موثوقة” تدل على مسؤولية محمد بن سلمان المباشرة عن جريمة القتل.
كما أن تقييم المخابرات الأمريكية خلص إلى أن محمد بن سلمان وافق على عملية الاغتيال.
وحاول محمد بن سلمان تبييض صورة السعودية، وسط الانتقادات الدولية للسجل الحقوقي السيئ، خاصة بعد جريمة قتل خاشقجي. متذرعًا بـ”رؤية 2030″ للاقتصاد والمشاريع الضخمة مثل مدينة نيوم، وصاحَب ذلك الإعلان عن بعض الإصلاحات الاجتماعية المحدودة، والتي رافقها كذلك المزيد من الانتهاكات.
فعلى سبيل المثال، الحكم بإعدام شاب تم اعتقاله وهو قاصر قوّض الادعاءات بأن السعودية قد ألغت عقوبة الإعدام للقُصّر، بالإضافة إلى العديد من الثغرات القانونية.
كما أن السعودية تعتبر اليوم واحدة من الدول التي نفذت أعلى عدد من عمليات الإعدام في العالم، بما في ذلك الإعدام الجماعي لـ81 شخصًا في يوم واحد، في وقت سابق من هذا العام.
وعلى الرغم من الإصلاحات المحدودة لنظام الكفالة السيئ، والذي يَعتمد بموجبه العمّالُ الأجانب في السعودية على مُواطن يكون كفيلًا لهم، ليتمكنوا من العمل في السعودية، فإن النظام لم يُفكك بالكامل بعد.
كما أن نظام الولاية القمعي لا زال يُشكل حجر عثرة أمام المرأة في السعودية، رغم تفاخر محمد بن سلمان بمناصرته لفكرة تمكين المرأة. كما لا يجب أن نتجاهل الدور السعودي في الحرب المدمِّرة في اليمن، الحرب التي شنتها السعودية في 2015، وقت تولّي محمد بن سلمان منصب وزير الدفاع، الحرب التي دخلت عامها الثامن.
من جهتها، علقت رئيسة الرصد والاتصالات في منظمة القسط لحقوق الإنسان، لينا الهذلول، قائلة: “تميّزت السنوات الخمس الماضية من حكم محمد بن سلمان بحملة قمع وحشية وقاسية على أي شكل من أشكال المعارضة، منتهكًا بذلك أبسط حقوق الإنسان”.
وأكدت منظمة القسط أنه الضغط الدولي المستمر على السلطات السعودية حده سيؤدي في نهاية المطاف إلى إحراز تقدم ملموس نحو الاحترام الكامل لحقوق الإنسان والحريات في المملكة العربية السعودية.
وحثت المنظمة المجتمع الدولي مرةً إلى استمرارية الضغط على أصحاب أو صنّاع القرار في السعودية، من أجل كبت جماح انتهاكاتهم المتكررة والمتزايدة لحقوق الإنسان.