عادت تطبيقات الهواتف في السعودية لتبرز مجددا في دائرة الاتهام باستخدامها كوسيلة بممارسة القمع مجددا ضمن مؤامرات الرياض باستغلالها في التجسس والقرصنة.
وكشفت صحيفة “الجارديان” البريطانية، أن اعتقال الناشطة السعودية “سلمى الشهاب“، التي صدر بحقها حكم بالسجن 34 عاما، قد يكون نتيجة بلاغ أرسل عبر التطبيق السعودي “كلنا أمن”.
وأطلقت وزارة الداخلية السعودية التطبيق في عام 2018، لتمكين المواطنين من الإبلاغ عن انتهاكات الخصوصية على الإنترنت.
وأشارت الصحيفة، إلى أن “سلمى”، طالبة الدكتوراه في جامعة ليدز البريطانية، اعتقلت بعد عودتها إلى السعودية في زيارة لعائلتها، خلال ديسمبر/كانون الأول 2020.
وقبل أيام، صدر حكم ضدّ “سلمى” بالسجن 34 عاماً، بسبب تغريدة انتقدت فيها السلطات في السعودية، وهو أطول محكومية سجنية بحق ناشط سلمي في تاريخ السعودية.
وصدر الحكم عن محكمة مختصة بقضايا الإرهاب بعد أسابيع من زيارة الرئيس الأمريكي “جو بايدن”، إلى السعودية، والتي حذر نشطاء حقوق الإنسان من أنها قد تشجع المملكة على تصعيد حملتها القمعية ضد المعارضين وغيرهم من النشطاء المؤيدين للديمقراطية.
ورجّحت “الجارديان”، أن يكون التطبيق الذي يمكن للمقيمين في المملكة استخدامه، هو السبب في إلقاء القبض على “سلمى”.
وأشارت إلى أنّ مراجعة تغريدات الناشطة السعودية وتفاعلها، أظهرت رسالة من أحد الأشخاص يستخدم حساباً سعودياً، في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، أخبر فيها “سلمى”، أنه قدم بلاغا عنها باستخدام تطبيق “كلّنا أمن” السعودي، وذلك ردّاً على تغريدة سابقة في أكتوبر/تشرين الأول من ذات العام، انتقدت فيها منشورا للحكومة السعودية حول المواصلات العامّة.
وبينت الصحيفة، أن المستخدم الذي أبلغ عن تغريدتها لتطبيق “كلّنا أمن”، وجّه إساءات لـ”سلمى”، وانتقد وضعها صورة تتضمن العلم الفلسطيني إلى جانب العلم السعودي على حسابها.
ولفتت الصحيفة إلى أنه ليس واضحا إن كانت السلطات قد تجاوبت مباشرة مع البلاغ، لكن الناشطة التي تبلغ من العمر 34 عاماً، اعتقلت بعد ذلك بشهرين.
وذكرت أن الطالبة كانت تكمل دراستها لنيل شهادة الدكتوراه في جامعة ليدز في بريطانيا، وقامت بزيارة عائلتها في السعودية في ديسمبر/كانون الأول 2020، لكنها بعد أسابيع استدعتها السلطات السعودية، وأبلغتها بإلقاء القبض عليها ومحاكمتها بسبب استخدام “تويتر”.
وأوضحت الصحيفة أن “سلمى”، واجهت مزاعم حول استخدام موقع على الإنترنت “لإثارة الاضطرابات العامة ومساعدة أولئك الذين يسعون للتسبب باضطرابات وتقويض الاستقرار المدني والقومي من خلال متابعة حساباتهم”.
وقالت إن الناشطة كانت قد ردّت في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2019 على تغريدة لحساب رسمي يعلن عن مشاريع البنى التحتية الحكومية، وإطلاق شبكة حافلات جديدة، بكلمة “أخيراً”.
ووفق ما جاء في “الجارديان”، تعرّف مواقع سعودية رسمية تطبيق “كلنا أمن” على أنّه يسمح للمواطنين والمغتربين بتقديم تقارير أمنية وجنائية، تتعلق بالاعتداءات على الحياة، والتهديدات، وانتحال الهوية، والابتزاز، واختراق حسابات وسائل التواصل الاجتماعي، والتشهير، والاحتيال، والجرائم الجنائية الأخرى.
وقالت الباحثة في “سيتيزن لاب” بجامعة تورنتو، “نورا الجيزاوي”، إن استخدام مثل هذه التطبيقات يمثل “مرحلة جديدة من السلطوية الرقمية”.
وأضافت: “كان هذا النوع من الرقابة من قبل قوات المخابرات الأمنية، ولكن الآن وجود هذه التطبيقات وتشجيع المواطنين على الإبلاغ عن بعضهم البعض، يفتح الباب أمام رقابة واسعة النطاق”.
وتابعت “الجيزاوي”: “إنه أمر مقلق للغاية لأن الأشخاص الذين ينشرون شيئا لا يمكنهم التنبؤ بالمخاطر أو من سيبلغون عنها، ومن سيعود ويبحث في خلاصته عن منشورات لا تتوافق مع الدعاية الحكومية”.
وأدانت جماعات حقوق الإنسان وغيرها من المنافذ المؤيدة للديمقراطية قضية “سلمى”، وقالوا إن الحكم القاسي ضدها “كان دليلًا إضافيًا على حملة ولي العهد محمد بن سلمان التي لا هوادة فيها ضد المعارضين”.
وعبر وسمي “سلمى الشهاب” و”freeSalma”، أعرب ناشطون وحسابات معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان عن التضامن مع “سلمى” ضد “الحكم الجائر” بحقها، مبرزين المفارقة في دفاعها “المستميت” عن معتقلي الرأي الذين انضمت إليهم.
واسترجع بعضهم الكثير من تغريداتها على غرار: “لا تخذلوا المعتقلين بالنسيان”، قائلين إن هذا بالتحديد ما تحتاجه هي الآن.
وسخر البعض من الحكم بقولهم إنه يعكس “الحقيقة مقابل الوعود”، بالنسبة للسلطات السعودية التي تزعم الانحياز لحقوق المرأة وتفعل عكس ذلك.