تصف هيئة الأمم المتحدة نفسها في ميثاقها بأنها سلطة أخلاقية دولية أُنشئت من أجل “إنقاذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب”، لكن النشطاء الذين يحلمون بإنهاء الدعم الأمريكي للحرب في اليمن قالوا “إن الهيئة تحجب الانتقادات عن التحالف العسكري الأمريكي السعودي، وتثني على زعمائها لكي تتجنب تعريض المساعدات الإنسانية للخطر، التي تهدف إلى المساعدة في تخفيف المعاناة التي سببتها الحرب”.
وقال جيهان حكيم، رئيس لجنة التحالف اليمني: “نفس اليد التي تدعي تقديم المساعدة، هي نفس اليد التي تساعد على قصفهم”.
وسلطت مجلة “إن ذيس تايمز” الأميركية الضوء على موقف الأمم المتحدة الأخير من الحرب السعودية في اليمن مع الكثير من التحفظات.
وأشارت الكاتبة سارة لازار إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة قد أزال “التحالف السعودي” الذي يشن حربا في اليمن منذ 6 سنوات من “قائمة سوداء” للدول والجماعات المسلحة المسؤولة عن قتل الأطفال وتشويههم.
وتحدثت لازار عن انخفاض مفترض في قتل الأطفال، وأضافت أن هذه الخطوة أثارت الكثير من التوبيخ الفوري من المنظمات المناهضة للحرب، لا سيما أنها تزامنت مع قصف التحالف لسيارة في شمال اليمن، مما أسفر عن مقتل 11 مدنياً، بينهم أربعة أطفال.
واستنتجت الكاتبة أن هذه الخطوة لها تفسير بسيط هو محاولة الحصول على دعم لجمع المزيد من الأموال لليمن لمواصلة المساعدات الإنسانية.
وأضافت أن هناك العديد من المؤشرات التي تؤكد على صدق هذه النظرية، مشيرة إلى أن الأمم المتحدة أزالت في عام 2016 المملكة من قائمة ”قتل الأطفال” رداً على التهديدات غير المحددة لسحب التمويل من برامج الأمم المتحدة.
ولفتت الكاتبة لازار إلى دليل أحدث يمكن الاعتماد عليه، حيث شاركت الأمم المتحدة في 2 يونيو الجاري باستضافة قمة افتراضية لجمع الأموال للإغاثة الإنسانية في اليمن، التي دمرها التحالف السعودي، حيث قصفت قوات التحالف المستشفيات وفرضت الرياض حصاراً ساهم في قطع الإمدادات الطبية.
ووجه نظام آل سعود طعنة جديدة لليمن المنكوبة بالحرب والفقر والأمراض والأوبئة، بدعمه لمليشيات مسلحة تتبع لدولة الإمارات العربية التي تسيطر على موانئ اليمن بهدف نهب خيراتها وإضعافها مقابل تعزيز موانئها.
وكشف وزير النقل اليمني المستقيل صالح الجبواني، أن الجيش الوطني اليمني – التابع لحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي- المدعوم من السعودية، كان سيبدأ حملة عسكرية قبل رمضان لاستعادة زنجبار وعدن من أيدي المليشيات الموالية للإمارات، لكن سلطات آل سعود منعته من ذلك، وأعادت وحداته العسكرية إلى ثكناتها.
وقال الجبواني في تصريحات تلفزيونية أن هذا السلوك السعودي دفع “المسلحين التابعين للمجلس الانتقالي الجنوبي” الذي تدعمه الإمارات العربية إلى الإعلان عن “الإدارة الذاتية” في جنوب اليمن في نهاية أبريل/نيسان الماضي.
واعتبر الجبواني -الذي استقال من منصبه في نهاية مارس/آذار الماضي بعد خلاف مع رئيس الحكومة- هذا الإعلان “خروجا عن الدستور اليمني وخرقا للقانون الدولي وإنشاء لسلطة غير شرعية”، كما اعتبر أن هذا السلوك “قوبل بالبرود من قبل المملكة العربية السعودية”.
وتساءل الجبواني موجها خطابه إلى السعوديين “لماذا تتعاملون مع هذه الأوضاع في عدن بهذه الطريقة؟ هل أنتم مشتركون بهذه المناورة؟”، وتابع “لم يتم الجواب، بل تم التسويف والمطالبة بتنفيذ اتفاق الرياض”.
وتابع إن الجيش اليمني على الرغم من كل ذلك “قام بحملته العسكرية الجديدة في أبين لاستعادة زنجبار وعدن”، لكن الإمارات استدعت أسطولا من السفن محملا بالدبابات والمدفعية وصواريخ كاتيوشا والصواريخ الحرارية والألغام، وأمدّت “مليشياتها” بكل هذه الأسلحة الحديثة “لتقف سدا أمام الجيش الوطني كي لا يدخل عدن وزنجبار”.
واستطرد: “فوجئنا بأن السعودية سلمت جزيرة سقطرى للإماراتيين، هناك أكثر من ألف جندي سعودي في سقطرى، وهم ليسوا سياحا هناك، بل جاؤوا للحفاظ على مؤسسات الشرعية اليمنية في محافظة أرخبيل سقطرى، لكنهم أفسحوا الطريق للمليشيات الإماراتية لتحتل المحافظة وتسيطر على المعسكرات في حديبو (عاصمة المحافظة) وتنزل العلم اليمني وترفع أعلام الإمارات وأعلام دولة الجنوب السابقة وعلم السلطنة المهرية”.
واستدرك: “كنا نعول على تدخل سعودي قوي باعتبار المملكة تدخلت في اليمن وأنشأت التحالف لاستعادة الشرعية واستعادة صنعاء من مليشيا الحوثي، وإذا بنا نرى انقلابا مليشياويا جديدا في عدن”.
وأكد الوزير السابق أن ذلك يعني أن هناك تواطؤا في سقطرى، وأن هناك تآمرا على الشرعية اليمنية، معتبرا أن “وجود السعودية والإمارات في اليمن بعدما جرى في سقطرى هو وجود غير شرعي، ويجب أن يواجه من قبل أبناء الشعب اليمني بموقف حاسم”.
وتابع الجبواني: “سقطرى أرض يمنية، ولن نترك شبرا من أرض اليمن لأي غازٍ أو محتل مهما كانت التضحيات”، وقال إن على ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد “أن يدرك أن ذرة واحدة من تراب اليمن تساوي قصوره وملكه وعرشه، واليمنيون سيضحون بأرواحهم من أجل بلادهم، واليمن ليس كباريها في دبي ولا فندقا للمتعة”.
ودعا النظام السعودي إلى مراجعة حساباته إذا أراد جوارا جيدا مع اليمن، “وإذا ظلت على ما هي عليه اليوم فسيكون لليمنيين شأن آخر إزاء الوجود السعودي في اليمن”.
وتتصاعد الاتهامات لنظام آل سعود بالمسؤولية عن المعدلات القياسية من المجاعة والكوارث الإنسانية في اليمن في ظل الحرب المستمرة على البلاد منذ أكثر من خمسة أعوام.
وقالت الناشطة اليمنية الحائزة على جائرة نوبل للسلام توكل كرمان، في منشور لها على صفحتها بفيسبوك، إن نظام آل سعود يتحمل المسؤولية عن الكوارث والأوبئة والمجاعة في اليمن.
وذكرت كرمان: تتحمل المملكة لمسؤولية القانونية والأخلاقية عن الكوارث والأوبئة والمجاعة التي حلت وتحل باليمن، مشيرة إلى احتجاز آل سعود قيادات ومسؤولي الدولة في اليمن “كرهائن” لديها.
وأضافت: “تقوم السعودية باحتكار تمثيل اليمن أمام العالم بواسطة ذلك الاحتجاز”.
وقالت الأمم المتحدة إن أكثر من 20 مليون يمني يعانون من الجوع المزمن. وأوضح برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، في تغريدة عبر “تويتر“: “هناك 20.1 مليون يمني يعانون من الجوع المزمن ومعرضون جدا لآثار فيروس كورونا على الأمن الغذائي”.
وطالبت منظمة “أوكسفام” الدولية الإنسانية، المجتمع الدولي بوقف بيع الأسلحة إلى السعودية والأطراف المتحاربة باليمن.
وقال خوسيه ماريا فيرا المدير التنفيذي لمنظمة “أوكسفام” إن الحل الدائم والوحيد لليمن يكمُن في وقف إطلاق النار.
وأضاف: “يحتاج المُجتمع الدولي إلى وقف جميع عمليات بيع الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية أو للأطراف المُتحاربة، وأن يبذل قُصارى جهده للضغط على جميع الأطراف للموافقة على وقف إطلاق النار والعودة إلى مفاوضات مُجدية هدفها الأساسي هو الوصول إلى حل سلمي”.
ويشهد اليمن للعام السادس حربا عنيفة أدت إلى خلق واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية بالعالم، حيث بات 80% من السكان بحاجة إلى مساعدات إنسانية، ودفع الصراع الملايين إلى حافة المجاعة.
وتقول الأمم المتحدة إن الصراع أدى إلى مقتل وجرح 70 ألف شخص، فيما قدرت تقارير حقوقية سابقة أن النزاع أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 100 ألف يمني.
ويزيد من تعقيدات النزاع أنه له امتدادات إقليمية، فمنذ مارس/ آذار 2015 ينفذ تحالف عربي، بقيادة الجارة نظام آل سعود عمليات عسكرية في اليمن، دعمًا للقوات الحكومية، في مواجهة الحوثيين، المدعومين من إيران، والمسيطرين على عدة محافظات، بينها العاصمة صنعاء.