تتعرض عاملات منازل فلبينيات لمعاملة غير إنسانية وأشكال مختلفة من العنف في المملكة، وهن مسجونات عمليًا ومحرومات من الطعام من وكالة التوظيف الخاصة بهم.
وعلى الرغم من إيوائهم في ملجأ للعمال المهاجرين المنكوبين، إلا أن المساعدة المطلوبة القادمة من الحكومة الفلبينية لا تزال بعيدة المنال.
وقالت العاملات الفلبينيات اللاتي تقطعت بهن السبل إن معاملتهن اللاإنسانية كانت تهدف إلى إجبارهن على العودة إلى العمل على الرغم من الممارسات التعسفية والاستغلالية من أرباب العمل السعوديين.
وهؤلاء من بين 24000 فلبيني يعانون من ضائقة في السعودية، يعيش ما لا يقل عن 9000 منهم في ملاجئ مختلفة للمهاجرين واستفادوا من برنامج الإعادة الحكومي.
وبعد مرور أكثر من 10 سنوات على اعتماد منظمة العمل الدولية لاتفاقية العمال المنزليين، من الواضح أن “العمل اللائق لم يصبح حقيقة واقعة بعد” لملايين العاملين في الخدمة المنزلية في السعودية.
ومن بين أولئك الذين يقيمون في مكان الإقامة ليا (اسم مستعار)، وهي أم لأربعة أطفال، وكانت ضحية لمعاملة غير إنسانية وتحرش جنسي من صاحب عمل عملت مع عائلته اعتبارًا من عام 2019.
وقالت: “ذات مرة، جرني إلى غرفة النوم لكني تمكنت من الفرار ثم دخلت إلى غرفة طفل صاحب العمل”.
وأضافت “القشة الأخيرة لي كانت عندما استمنى صاحب العمل أمام عيني. كنت مرعوبة ومرتعشة، وهربت من المنزل”، وفق شهادتها لمنظمة العمل الدولية.
وتقيم “ليا” الآن في سكن وكالة التوظيف منذ أسبوعين تقريبًا، وقالت إن معاناتها لم تنته بعد.
وقالت: “لقد كنت أعيش في حالة مرهقة منذ سنوات. لم أتوقع أبدًا أن هذا هو الوضع هنا، حتى شرب الماء بعيد عن متناولنا”.
عنف وتحرش
من ناحية أخرى، كانت آيزا فيلافير تخشى أن يتم الإتجار بها من صاحب عملها السابق حيث تم بيعها إلى وكالة توظيف أخرى، وهي الآن من بين عاملات المنازل الفلبينيات العالقات.
وقالت إنها أُجبرت على التوقيع على وثائق تزعم أنها رفضت العمل.
وقالت منظمة العمل الدولية إن العنف والتحرش يحدثان لملايين عاملات المنازل في جميع أنحاء العالم، مشيرة إلى أنه “غالبًا ما يُنظر إلى هذا على أنه طبيعي وجزء من الحياة”.
وذكرت منظمة العمل الدولية أنهم عرضة للعنف لأن “العمل يتم خلف أبواب مغلقة، في عزلة وفي بيئات عمل مع اختلالات عميقة في ميزان القوى”.
وأشارت إلى أن الانتهاكات الاقتصادية هي تجربة شائعة لعاملات المنازل الفلبينيات وأصحاب الجنسيات الأخرى.
ريبيكا بيريز، وهي أم لأربعة أطفال، كانت في سكن الوكالة منذ سبتمبر 2020 بعد أن هربت من رب عملها بسبب تأخر الرواتب وسوء ظروف العمل.
وقالت بيريز (30 عامًا): “أنا كنت آكل واقفة لأنني ما زلت أعمل بين ملاعق طعام ممتلئة”.
وفي محاولتها الأخيرة للحصول على أجر أربعة أشهر، رافقها صاحب عملها إلى البنك، ليُظهر لها أن بطاقة الصراف الآلي فارغة، وعندها أدركت أنها انتهت، ثم هربت فيما بعد.
وقالت بيريز إن السفارة الفلبينية في السعودية تدرك أنها تقيم في سكن وكالتها أثناء التفاوض على الإفراج عن راتبها المتبقي.
لكن بدلاً من الحصول على مطالباتها كاملة، قال صاحب عملها في البداية إنه سيُفرج عن راتب شهرين فقط، وعندما وصلت أوراق التوقيع إلى المسكن، نصت على راتب شهر فقط.
وبصرف النظر عن العمل الزائد، تعرضت زميلتها جوينالين أنشيتا، المساعدة المنزلية العالقة أيضًا، للعنف اللفظي، وحرمت من النوم، وكثيراً ما كانت تتلقى رواتب متأخرة.
ويبدو أن صرخات هؤلاء العاملات طلباً للمساعدة والعدالة لا يتردد صداها إلا داخل جدران مساكنهم المغلقة، إذ إنهم في أمس الحاجة إلى لم شملهم مع أحبائهم.
مزاعم الإصلاح
رغم مزاعم سلطات آل سعود إدخال إصلاحات على نظام الكفيل، غير أن النظام الجديد يشوبه العديد من الثغرات القانونية والإنسانية.
ويسمح نظام الكفيل الجديد الذى بدأت سلطات آل سعود بتطبيقه مارس الماضي، باستغلال العمالة الوافدة والسيطرة على الفئات الأكثر ضعفا.
وهناك فئات من العمالة الوافدة ما يزالون يخضعون لنظام الكفالة الاستغلالي، ويتعين عليهم الحصول على إذن أرباب عملهم.
عدا عن جزء كبير من تفاصيل القانون الجديد ما تزال غير واضحة.
ويمكن للأشخاص المشمولين بالإصلاحات نقل الكفالة إلى صاحب عمل آخر عندما ينتهي عقدهم دون موافقة الكفيل الأول
شريطة أن يقدموا إشعارًا وأن يستوفوا “تدابير محددة” أخرى غير معروفة.
ورغم ذلك هناك خمسة أنواع من العمال (يشكلون حوالي 60% من المهاجرين في السعودية) مستثنون من الإصلاحات.
وهؤلاء هم السائقون الخاصون، والحراس، وخادمات المنازل، والرعاة، وعمال الحدائق.