ناشطون حقوقيون: السعودية فشلت في التغطية على دمويتها

أكد ناشطون حقوقيون أن السلطات السعودية فشلت في التغطية على دمويتها وذلك بعد أن نفذت في 2024 نحو 345 حكما بالإعدام بحسب ما أعلنت وزارة الداخلية في بياناتها الرسمية.

وبالتزامن مع إطلاقها تقريرها السنوي حول عقوبة الإعدام في المملكة العربية السعودية تحت عنوان: عهد الدم، رقم تاريخي للإعدام، عقدت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان ندوة عبر منصة زوم في 9 يناير 2025.

وأبرزت الباحثة الرئيسية في المنظمة دعاء دهيني، أن السلطات السعودية توسعت في التهم التي طالتها العقوبة، وارتفع عدد النساء الذين تم إعدامهم 50%، وارتفعت نسبة الأجانب من مجمل المحكومين، في ظل مؤشرات أخرى أظهرت دموية في تنفيذ العقوبة. ومع بداية 2025، يبدو أن السعودية ماضية في تنفيذ أحكام قتل بأرقام قياسية حيث نفذت 14 حكما في 9 أيام.

من جهتها اعتبرت الناشطة الحقوقية سمر الحسيني، أن الحقائق التي أظهرها تقرير المنظمة الأوروبية السعودية كانت صادمة وتتناقض مع الصورة العامة التي تحاول المملكة تصديرها وتتناقض مع رؤية السعودية.

وأوضحت أن مشكلة حكم الإعدام أنه من العقوبات التي لا يمكن التراجع عنها، ولهذا تتعامل معها الدول بحذر شديد، وتحاول إيجاد بديل. في المقابل، فإن توسع السعودية في التنفيذ مرتبط بعدم وجود عواقب لما تفعله، وهذا ما يحصل مع المصريين المهددين. فالنفوذ السعودي في مصر والتقارب بين البلدين جعل المحكومين بالإعدام موضوع من المحظور التعاطي فيه.

وأكدت الحسيني أن الحكومة المصرية لا تطالب بأي شيء متعلق بمواطنيها في السعودية، وهو ما يجعل الأخيرة لا تتورع في اعتقال المصريين والحكم عليهم.

وأشارت إلى المخاوف من الانتقام تمنع العائلات من الدفاع عن أبنائها بالشكل الكافي، كما أن السعودية بلد مغلق تماما أمام النشطاء والمنظمات.

وشددت الحسيني على أنه بما أن السعودية مكان مفضل للعمالة الأجنبية وخاصة المصرية، فهناك مسؤولية على السفارات لمتابعة حقوقهم وأوضاعهم، وخاصة الذين يخضعون لنظام العدالة، ومن بينهم المحكومين بالقتل.

ورأت الحسيني أن أي تغيير لا يمكن أن يحصل إلا في حال كان هناك إرادة سياسية، حيث أن الانتقادات الدولية وتوصيات الأمم المتحدة والوعود الرسمية المتتالية تحتاج هذه الإرادة السياسية التي يبدو أنها غائبة في السعودية.

من جهته، أشار المحامي طه الحاجي إلى أن أعداد الإعدامات في 2024 تؤكد أن هناك توجه عملي إلى زيادة القتل على عكس تصريحات ولي العهد وهذا غير مفهوم بتاتا.

وأوضح أن هناك بعض التحليلات الممكنة لما وراء هذه الأرقام المرتفعة، بينها إمكانية السعي إلى تفريغ السجون المتكدسة، أو محاولة ولي العهد الظهور كمصلح عند تسلمه الفعلي للعرش من خلال وقف هذه الأحكام، ولكن لا يمكن الجزم.

وأشار الحاجي إلى أنه لا دستور في السعودية وبالتالي القوانين مزاجية، حيث لا قانون عقوبات يحدد ما هو الأساس الذي يجب حصر الإعدام فيه، واستخدام الأحكام التعزيرية وسيلة لتسهيل استخدام هذه العقوبة.

واعتبر الحاجي أن التوسع في عمليات القتل طال مواطنين من دول أجنبية ليس لها دور في السعي لحمايتهم وضمان حقوقهم، كما طال تهم جديدة بينها الترويج للحشيش وهذا لم يرصد سابقا.

وفي القضايا السياسية أكد الحاجي أن الحكم يكون محسوم منذ الاعتقال، حيث أن المحاكمات شكلية ولا تأخذ بعين الاعتبار الانتهاكات التي يتعرض لها الأفراد من التعذيب والحرمان من المحامي وغيرها.

وشدد الحاجي على أنه لا يمكن معرفة العدد الفعلي للمهددين حاليا، إلا أن أرقام الإعدامات في 2024 تؤكد أن الرقم كبير جدا، وأن هناك أحكام تصدر لا نعرف عنها. وعلى الرغم من محاولات السعودية إخفاء الانتهاكات الحقوقية، اعتبر الحاجي أن هناك أنشطة حقوقية لافتة تنجح في إفساد خططها.

ولفت إلى أن السعودية حاولت في 2024 التلاعب وإخفاء المعلومات التي كانت تنشرها في السابق بهدف التضليل، حيث أخفت نوع الحكم في أحكام القتل التعزيرية على سبيل المثال.

وشدد على مسؤولية الملك وولي العهد المباشرة عن الإعدامات، حيث أنه لا قضاء مستقل في السعودية، ولا يتم التنفيذ إلا بتوقيعهم، فيما يعطلون الحق في العفو الذي في يدهم. كما أشار إلى أن الكلام عن تطبيق الشريعة من خلال هذه الأحكام باطل، وخاصة أن الأرقام التي تضاعفت في عهد الملك سلمان تؤكد أن هناك استخدام لهذه العقوبة بعيدا عن حجة الردع.

فيما تحدث الناشط حسين النمر، وهو أحد أقارب ضحية الإعدام عبد المجيد النمر، عن مأساة قتل عمه ر في أغسطس 2024، مشيرا إلى أن اعتقاله كان على خلفية نشاط ديني واجتماعي له، حيث تعرض لانتهاكات واسعة بما في ذلك التعذيب الشديد الذي أدى إلى نقله إلى المشفى.

وأوضح أن العائلة تفاجأت حين صدر حكم بالقتل ضده، حيث كان حكم ابتدائي سابق قد صدر بالسجن 9 سنوات. وأكد النمر أن قضية عبد المجيد وجه واضح من وجوه تخبط السعودية وتلاعبها، حيث أنه واجه تهمة الانتماء لتنظيم القاعدة على الرغم من مخالفة هذا التنظيم لأفكاره وأيديولوجيته وتوجهاته بشكل كامل حيث انه من منطقة القطيف من العوامية.

وفيما يتعلق بتنفيذ الحكم، أشار النمر، إلى أن العائلة عرفت من الإعلام ومن بيان وزارة الداخلية، وحرمت من حقها في الوداع وفي الدفن، كما أكد أن السعودية تمنع أساسا المطالبة بالجثمان.

واعتبر النمر أن على النشطاء والعوائل في الخارج الاستمرار بمحاولة كشف الحقيقة حول ما يحصل في السعودية، إلا أن الدور الأساسي هو على الداخل الذي يتعرض لمختلف أنواع الترهيب والتخويف.