بعد أن طالبت الحكومة الأمريكية بإلغاء الاتهامات بالتجسس الموجهة إلى 3 موظفين في شركة تويتر، هم السعوديان علي زبارة وأحمد المطيري، واللبناني – الأمريكي أحمد أبو عمو، وسعت وزارة العدل الاتهامات ضد الثلاثة لتشمل تهما بالاحتيال وغسل أموال، والتزوير والتلاعب في الأدلة.
وتنظر المحاكم الأمريكية قضايا حول تورط سلطات آل سعود وأشخاص من العائلة الحاكمة في التجسس على الآلاف من مستخدمي تويتر، ومن بينهم معارضون سعوديون.
ويعمل أحمد المطيري مساعداً لمدير مكتب ولي العهد السعودي.
ونصت لائحة الاتهام على قيام المتهمين بتزويد المطيري بمعلومات خاصة، كتواريخ الميلاد، وأرقام الهواتف، وعناوين البريد الإلكتروني، وعناوين بروتوكول الإنترنت وذلك مقابل هدايا وأموال ووعود بمناصب رسمية.
كما وجهت اتهامات لمسؤولين سعوديين بتسليم أبو عمو حوالى 200 ألف دولار عبر شركة وهمية وحساب بنك في لبنان، إلى جانب إعطائه ساعة بقيمة 20 ألف دولار. ويصل المبلغ المذكور في الشكوى الأصلية إلى حوالى 300 ألف دولار.
وشملت لائحة الاتهام أيضا اتهامات جديدة توثق قيام المطيري بتدشين شركة كواجهة لنقل المعلومات، والمعلومات التي قدمها المتهمون للسلطات السعودية بهدف قمع معارضين.
وكانت عريضة اتهام سابقة قد كشفت عن قيام المتهمين بالكذب على محقق مكتب التحقيقات الفدرالي، دون معرفتهم بأنه يتم رصد جميع تحركاتهم واتصالاتهم وتعاملاتهم المالية.
وسبق أن نشر موقع “ميدل إيست آي” البريطاني مقال للباحثة والأكاديمية السعودية المعارضة الدكتورة مضاوي الرشيد أبرزت فيه أن تويتر تحول لوسيلة تجسس في المملكة إذ أصبح الموقع الشهير ساحة مفضلة لجواسيس المملكة الإلكترونيين.
وأشارت الرشيد في مقالها إلى أن الحكومة الأمريكية وظفي تويتر السابقين بالتجسس لمصلحة الرياض، بعدما زُعِم أنهما تسللا إلى البيانات الشخصية لأكثر من 6000 حساب على تويتر، بما في ذلك حسابٌ خاص بمُعارضٍ بارز أصبح مُقرباً إلى الصحفي جمال خاشقجي.
وزُعِم أنَّ الموظفين جُنِّدا على يد عميل سعودي أعطاهما عشرات الآلاف من الدولارات وهدايا باهظة الثمن. وذُكِر أنَّ مهمتهما كانت نقل معلوماتٍ شخصية عن منتقدي نظام آل سعود إلى بدر العساكر، الذي كان ينوب في هذه المهمة عن محمد بن سلمان.
وربما يكون عساكر جالساً الآن في مكتب محمد بن سلمان يُفكِّران في كيفية احتواء الفضيحة الأخيرة وإعادة تحسين صورة المملكة والترويج لها على أنَّها ملاذ آمن للسياحة والرحلات التراثية.
وبعد هذه الفضيحة الأخيرة، سقط الطاغية السعودي الذي يمارس استبداده ضد مستخدمي تويتر مرةً أخرى من برجه العاجي، في ظل استمرار فضح عملائه وجواسيسه في جميع أنحاء العالم، حسب تعبيرها.
ويسعى العديد من عملاء بن سلمان سعياً حثيثاً لمواجهة معارضة الشباب السعودي على الإنترنت، التي انتقلت كذلك إلى السعوديين المقيمين بالخارج.
فبينما شدد بن سلمان قبضته على شبكات التواصل الاجتماعي ووظَّف جيشاً إلكترونياً لنشر الأكاذيب ومراقبة الأصوات المعارضة -مما أدى إلى فرض عقوباتٍ قاسية على المعارضين- تولَّى السعوديون المقيمون في الخارج زمام المبادرة، وواصلوا نضال نظرائهم داخل البلاد.
ويستخدم بن سلمان تويتر لمراقبة المعارضة والقبض على المعارضين، بما في ذلك نشاط السعوديين في الخارج.
إذ يتابع عملاؤه أنشطة الطلاب الأكاديمية وأنشطتهم على شبكات التواصل الاجتماعي عن كثب، فيما تُرسل قنصليات المملكة في البلاد المختلفة ملفاتٍ خاصة بهؤلاء الطلاب إلى حكومة آل سعود في الرياض. وفي بعض الأحيان، يقول موظفو القنصليات للمنتقدين إنَّهم لا يمكنهم تجديد جوازات سفرهم إلا إذا عادوا إلى المملكة.
وفي هذا الصدد، تقول الرشيد : أخبرني عبدالله، نجل الشيخ سلمان العودة، والناشط عمر الزهراني في مقابلةٍ صحفية أنَّ سلطات آل سعود علَّقت منحهم الدراسية ورفضت تجديد جوازات سفرهم. لذا تقدم كلاهما بطلب للجوء في الولايات المتحدة وكندا على التوالي، وحصلا على الإقامة.
ولكنْ هناك سعوديون آخرون تقطعت بهم السبل في كندا وأوروبا وأستراليا بسبب انتهاء صلاحية جوازات سفرهم فيما لم تمنحهم البلدان المضيفة حق اللجوء أو الإقامة حتى الآن.
وما زالت منصة تويتر تعمل في المملكة لمساعدة النظام في تقييم المزاج العام والترويج لبن سلمان.
ففي بلد يشهد قمع حرية التعبير وحظر التنظيم السياسي، لا يوجد سوى صوت واحد: صوت آلة الدعاية للنظام. ومع ذلك، يريد النظام معرفة ما يفكر فيه السعوديون، وكيف يتفاعلون مع مغامرات الدولة المتعددة في الداخل والخارج.
ويبدو أنَّ تويتر أثبت أنه جهاز تنصُّت جيد، ليس فقط للقبض على المعارضين ومعاقبتهم، بل لمعرفة من يمتدح النظام كذلك، حتى يمكن مكافأته.