عيد حزين لذوي معتقلي الرأي في سجون آل سعود
بينما ينطلق ملايين العرب للاحتفال بعيد الاضحى المبارك مع ذويهم في المناطق المفتوحة الساحرة، يقبع الآلاف من معتقلي الرأي، في سجون آل سعود، تحت سياط الانتهاكات في زنازين انفرادية معتمة أو ظروف غير آدمية.
ويأتي عيد الاضحى المبارك على معتقلي الرأي في المملكة بغير وجه سعيد، اشفاقًا على الأوضاع المزرية التي يقضونها في السجون، بحسب حقوقيين ومراقبين، إن السلطات مازالت تتكتم عن أخبار المعتقلين وظروف احتجازهم وما إن كانت ستقدمهم إلى المحاكمات أم لا, وهم بلا مسببات قانونية قابعون خلف جدران الزنازين، يقضون الأعياد تحت التعسف والقهر.
ومنذ 10 سبتمبر/أيلول من العام 2017، تشهد المملكة حملة اعتقالات طالت دعاة ومفكرين وعلماء بارزين، وحسب مراقبين، من أسباب تلك الحملة رفض كثير من هؤلاء توجيهات الديوان الملكي، ورغبة ولي العهد محمد بن سلمان في عدم وجود أي معارضة داخلية للإجراءات التي يتخذها.
وطالبت عشرات المنظمات الحقوقية الدولية ومنها “هيومن رايتس ووتش” و”العفو الدولية” سلطات آل سعود بالإفراج الفوري عن معتقلي الرأي والمدافعين عن حقوق الإنسان، والكشف الفوري عن مكان احتجازهم، إضافة إلى السماح لهم بالاتصال بعائلاتهم والمحامين.
يعد الشيخ سلمان العودة, في 7 سبتمبر/أيلول 2017، من أبرز معتقلي الرأي حاليا في المملكة وتعاني عائلته الأمرين في غيابه وفي ظل التعسف بأفرادها بمنعهم من السفر.
اعتقلت سلطات آل سعود الشيخ العُودة، البالغ من العمر 61 عاماً, من منزله دون أمر قضائي, وذلك بعد ساعات قليلة من نشره تغريده دعا فيها إلى الصلح بين قطر والمملكة.
ويواجه الداعية العودة 37 تهمة وصفها نجله بأنها “فضفاضة وفي غاية التفاهة”، وقال إن من التهم الغريبة التي توجَّه إلى العُودة تقصيره في الدعاء لولي الأمر، متساءلاً: “هل هذه تهمة؟! وتهم فضفاضة كحيازة كتب محظورة”.
واحتُجز العُودة بمعزل عن العالم الخارجي، وفي الحبس الانفرادي طوال الأشهر الخمسة الأولى من اعتقاله، ولم يُسمح له بالاتصال بأسرته أو بمحامٍ، باستثناء مكالمة هاتفية قصيرة واحدة بعد شهر من اعتقاله، وفقاً لمنظمة العفو الدولية.
وفي يناير/كانون الثاني 2018، تم نقل العُودة إلى المستشفى، بسبب تدهور حالته الصحية, ولم يُسمح له بالاتصال بعائلته إلا بعد شهر.
خديجة الحربي, اعتقلت في أبريل/نيسان الماضي وهي حامل مع زوجها الصحفي ثمر المرزوقي، وحمّل نشطاء حقوقيون سلطات آل سعود مسؤولية سلامة خديجة وجنينها.
مؤخرا نشر نشطاء تغريدات على حساب تويتر “بولادة خديجة الحربي في السجن، سنكون أمام حالة قمعية فريدة من نوعها، ستكون أسرة بالكامل خلف قضبان السجون، سيقضي المولود بعيدا عن والده المكبل في زنزانة لا أحد يعرف مكانها غير الله ثم السلطات، وسيكون مكبل الحركة مثلما انتهت الحال بالأبوين مكبلين”.
واضاف ايضا “إن وقعت لخديجة الحربي ولادة في السجن، فلن تكون الأولى التي تتعرض لهذا الانتهاك الحقوقي الخطير، وستكون عائلة بأكملها حينها خلف القضبان، من الزوج ثمر المرزوقي والزوجة والطفل حديث الولادة”.
لجين الهذلول, اعتقلت سلطات آل سعود في 15 أيار/مايو 2018 الناشطة والمدافعة عن حقوق المرأة.
ولجين الهذلول هي من بين الناشطات الشابات والمدافعات عن حقوق المرأة و نشطت لمدة طويلة ضد الحظر الذي كان مفروضا على قيادة المرأة السعودية للسيارة والذي انتهى منذ أشهر قليلة.
كانت بداية نشاط الهذلول المستفز لنظام آل سعود أنها قادت سيارة برخصة إماراتية على الحدود السعودية عام 2015، وأي نظام تستفزّه امرأة تقود سيارة.
أوقفتها السلطات الاماراتية على الحدود، وهي تستقل سيارتها ثم سلّمتها إلى سلطات بلادها، ومنعتها من دخول “جنّة” دبي، واتهمتها بالتحريض على حكومة آل سعود من خلال استغلالها قضية قيادة المرأة.
لم تدخل سلطات آل سعود إلى بيت الهذلول وتعتقلها فقط، بل ركلت الباب ودخلت حياتها وعبثت بها، وفرّقتها عن أقرب الناس إليها، إذ أجبرت زوجها الفنان الكوميدي فهد البتيري على تطليقها، بعد اختطافه من الأردن وإعادته إلى المملكة في 2018.
مُنعت الهذلول من الظهور في وسائل الإعلام واستخدام شبكات التواصل الاجتماعي، وجرى التضييق عليها إلى أن اعتقلت في 2018 بتهمة التواصل مع جهات أجنبية، وكانت التهمة جاهزة تناسب انتقاء عدد من النساء اللواتي يردن تغيير المجتمع و”إفساده” ثم اتهامهن بالعمالة لـ “قطر”، استخدمت لجين والأخريات كوقود لتأجيج غضب المجتمع ضد الدولة الجارة.
نسيمة السادة و سمر بدوي, قامت سلطات آل سعود في 30 يوليو 2018 باعتقال نسيمة السادة وزميلتها سمر بدوي, المدافعات عن حقوق المرأة في المملكة, والتي كانا قد شاركن في حملة إلغاء نظام وصاية الرجل والتي طالبن ايضا بحق المرأة في قيادة السيارة.
نسيمة السادة نسيمة المحرومة من نور الشمس وممنوعة من الاتصال بذويها, المحتجزة منذ 10 اشهر تقبع في غرفة العزل الانفرادي, افرادي يحمل بطياته شتى ألوان الانتهاكات التي تمارسها عناصر السلطات السعودية بحق المعتقلين غير مهتمة بأنهم نساء أم رجال, صغارا كانوا أم كبارا, وتتبلور الصورة القاتمة للعزم الانفرادي بانعكاساتها السلبية على وضع المعتقلين واهاليهم أيضا.
“من جنس بني آدم أبحث عن الكرامة” بهذه العبارة تعرف الناشطة الحقوقية نسيمة عن نفسها عبر مواقع التواصل الاجتماعي “تويتر”.
بدأت حملة على مواقع التواصل الاجتماعي للتضامن من نسيمة السادة وطالبوا بإطلاق سراحها فوراً ونقلها من العزل الانفرادي.
نسيمة التي اعتقلت من دون أي ذنب اقترفته ومن دون اتهام يوجه لها وأيضا دون وجود مذكرة قانونية, واستتبعت اعتقالها من غير أن يتم عرضها على المحكمة, فيما يبدو أنه انتقاماً واضحا وفاضحا من نشاطها الحقوقي والاجتماعي والثقافي الذي أرًق السلطات, حتى داخل سجنها, ليدفع بها في السجن الانفرادي بصورة متتالية.
في سجن مباحث الدمام تزج الناشطة نسيمة السادة, في الزنازين المعتمة والخانقة التي تكشف نتانة الاوضاع المأساوية خلف سجون آل سعود.
ومع حلول عيد الاضحى لازالت أوضاع معتقلي الرأي في المملكة رهن التعسف والقهر والتجويع، حيث يعاني المعتقلون في سجون نظام آل سعود من التعذيب وسوء المعاملة والازدراء والحرمان من العلاج.
ويعيش عدد كبير من اهالي المعتقلين أوضاعًا إنسانية ونفسية خطرة تبدد أية فرحة للعيد، في ظل اعتقال ابنائهم في سجون نظام آل سعود.