
في عمل فني عالمي ساخر قامت مجموعة “يقودنا الحمير” (Led by Donkeys)، المعروفة بأعمالها التي تسخر من القادة السياسيين العالميين، بإطلاق جدارية ضخمة تعكس انتقاداً حاداً لعدد من أبرز الشخصيات السياسية العالمية، من بينهم ولي العهد محمد بن سلمان.
وضمت قائمة الزعماء المستهدفين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والرئيس التنفيذي لشركة تسلا إيلون ماسك.
وتحمل الجدارية التي أُزيحت الستار عنها مؤخراً عنواناً لافتاً: “أرسلوهم إلى المريخ بينما نحتفل على الأرض”، وتظهر محمد بن سلمان في قلب مجموعة من القادة الذين يرمزون إلى السلطة والنفوذ، لكن في مظهر يعكس السخرية والانتقاد الواسع الذي يحيط بهم على المستوى الدولي.
ويُظهر العمل الفني كيف أن هؤلاء القادة يعيشون في “عوالمهم الخاصة”، بعيداً عن الواقع المأساوي الذي يعاني منه ملايين البشر حول العالم، بينما يواصلون اتخاذ قراراتها ذات التأثير المدمر، خصوصاً في ما يتعلق بالحروب، قضايا حقوق الإنسان، والفساد السياسي.
محمد بن سلمان: سمعة دولية متدهورة
يأتي ظهور ولي العهد في هذا العمل الفني في ظل سلسلة من الأحداث التي طالت سمعته الدولية، وجعلت من صورته رمزاً للجدل والنقد.
فمن جهة، يُنظر إلى محمد بن سلمان كمهندس برنامج اقتصادي واجتماعي طموح في السعودية، عبر رؤيته المعروفة بـ”رؤية 2030″ التي تسعى لتنويع الاقتصاد السعودي وتقليل الاعتماد على النفط، وإحداث إصلاحات اجتماعية، مثل السماح للنساء بقيادة السيارات.
لكن هذه الصورة الإيجابية تتلاشى بسرعة تحت وطأة ملف حقوق الإنسان، الذي شهد تدهوراً حاداً في عهد محمد بن سلمان. فقد وُجهت إليه اتهامات دولية بالمسؤولية عن حملة قمع وحشية ضد المعارضين والنشطاء، واعتقالات تعسفية، وتكميم للأصوات الحرة، مما جعل السعودية هدف انتقادات حقوقية غير مسبوقة.
جريمة اغتيال جمال خاشقجي: نقطة سوداء
من أبرز الملفات التي لطخت سمعة ولي العهد على الساحة الدولية قضية اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي في أكتوبر 2018 داخل قنصلية بلاده في إسطنبول. التحقيقات الدولية والأممية، إضافة إلى تقارير استخبارات غربية، أشارت إلى تورط مباشر أو غير مباشر لولي العهد في هذه الجريمة.
هذه الحادثة ألقت بظلالها على العلاقات الدولية للمملكة، وأثارت موجة استنكار دولي واسعة، بالإضافة إلى تداعيات اقتصادية ودبلوماسية، مما زاد من عزلة بن سلمان على الساحة العالمية.
تورط في الحروب الإقليمية وتدمير اليمن
إلى جانب قضايا حقوق الإنسان، يُحمّل محمد بن سلمان مسؤولية العدوان المستمر في اليمن، الذي تسبب في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، مع مئات آلاف القتلى والجرحى، وملايين النازحين والمهددين بالمجاعة.
الحرب التي تقودها السعودية في اليمن مع تحالف إقليمي بدعم من الولايات المتحدة وحلفائها، واجهت انتقادات شديدة على خلفية استهداف المدنيين وتدمير البنية التحتية. وما زالت السعودية تواجه دعوات دولية للتحقيق في جرائم حرب محتملة، مما يؤثر سلباً على صورتها ودورها القيادي في المنطقة.
انتقادات دولية مستمرة بسبب القمع الداخلي
داخل المملكة، شهدت السنوات الماضية موجات من الاعتقالات السياسية ضد ناشطين وأكاديميين وحقوقيين وصحفيين، مع تقارير مستمرة عن التعذيب، والمحاكمات غير العادلة، والإخفاء القسري.
السمعة الدولية لمحمد بن سلمان اتسمت بالتناقض الحاد بين خطابه الإصلاحي ووقائع القمع الفعلية، مما أدى إلى اعتبار كثير من الحكومات والمنظمات الدولية أنه يقود نظاماً استبدادياً يستغل السلطة لمصالحه الشخصية والسياسية.
العمل الفني رسالة للعالم
تأتي جدارية “أرسلوهم إلى المريخ بينما نحتفل على الأرض” ضمن سلسلة أعمال فنية تستخدم السخرية والرمزية لتسليط الضوء على الانفصال بين قادة العالم وواقع شعوبهم، وتبرز كيف أن محمد بن سلمان، إلى جانب ترامب ونتنياهو وماسك، يمثلون رموزاً لهذا الانفصال، وللأزمات والدمار التي يعيشها العالم.
المجموعة التي أبدعت هذا العمل تشدد على أن هؤلاء القادة يعيشون “في عالمهم الخاص”، بعيداً عن معاناة الملايين، متجاهلين مسؤولياتهم الإنسانية والسياسية، مما يحث الجمهور على التفكير والنقاش حول سلطة القادة وتأثيرهم على مستقبل الشعوب.
وتُجسد جدارية “أرسلوهم إلى المريخ بينما نحتفل على الأرض” غضباً دولياً متزايداً تجاه قادة مثل محمد بن سلمان، الذين يُنظر إليهم على أنهم يتحكمون في مصير ملايين البشر بقرارات تعسفية وانتهاكات حقوقية، بينما يعيشون في عالم منفصل عن الواقع.
ويبقى هذا العمل الفني تذكيراً قوياً بأن السمعة الدولية لشخصيات مثل ولي العهد السعودي ليست مجرد قضية دبلوماسية، بل انعكاس حقيقي لأفعالهم وتأثيرها المدمّر على شعوبهم والعالم.