أدان الاتحاد الأوروبي أمام الأمم المتحدة عمليات الإعدام التي طالت أفرادا مؤخرا في المملكة العربية السعودية ودول أخرى.
وفي بيان ألقته سفيرة الاتحاد الأوروبي في جنيف السيدة لوتي كنودسن، خلال الحوار التفاعلي الأول لدورة مجلس حقوق الإنسان 56 في 19 يونيو 2024، أكدت الكلمة أن استخدام عقوبة الإعدام في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مصدر للقلق.
وعبرت كنودسن عن قلق الاتحاد الأوروبي إزاء القيود المفروضة على الحريات الأساسية ولا سيما حرية التعبير وتكوين الجمعيات، فضلا عن تقلص مساحة المجتمع المدني في عدد من بلدان هذه المنطقة.
ومنذ بداية 2024، أعلنت السعودية عن تنفيذ 81 حكم قتل، 17 منها صدرت عن المحكمة الجزائية المتخصصة بالإرهاب سيئة الصيت، حيث اتهم المحكومين فيها بتهم لا تعد من الأشد خطورة في القانون الدولي. إضافة إلى ذلك، طالت أحكام القتل 3 متهمين بقضايا تتعلق بالمخدرات.
وبحسب تتبع المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، يواجه 70 شخصا على الأقل عقوبة القتل بينهم 9 قاصرين بتهم معظمها يتعلق بممارسة حقوق مشروعة.
ومنذ بداية 2024 حتى نهاية شهر أبريل، أعلنت وزارة الداخلية السعودية عن تنفيذ 55 إعداما، وهو ما يشكل زيادة بنسبة 189% مقارنة بارقام الإعدامات خلال الثلث الأول من 2023 الذي شهد 19 إعداما.
وقالت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان في بيان اطلع عليه “سعودي ليكس”، إن هذه الأرقام تظهر بشكل واضح توجه الحكومة السعودية إلى الاستمرار بتنفيذ وإصدار أحكام القتل، وأن الوعود التي أطلقت خلال السنوات الماضية باتت سرابا.
وأبرزت المنظمة أن 53 من الذين تم إعدامهم من الذكور، و2 إناث، فيما توزعوا على الجنسيات التالية: 38 سعوديا، 7 يمنين،4 أثيوبيين، 1 سيرلنكي، 5 باكستانيين.
وبحسب البيانات، فإن 35 شخصا من الذين تم إعدامهم واجهوا تهم قتل، فيما لم تتضمن التهم الرسمية الواردة في البيان تهم قتل بحق 20 شخصا، ومن بين التهم التي واجههوا: التستر، الاشتراك في تكوين خلايا إرهابية، تعريض الوحدة الوطنية للخطر، زعزعة أمن المجتمع.
وأظهرت المعلومات الرسمية أن 19 من أصل 20 محكوما، من الذين واجهوا تهما لا تعد من الأشد خطورة بحسب القانون الدولي تمت محاكمتهم أمام المحكمة الجزائية المتخصصة بالإرهاب، وهو ما يظهر إصرار السعودية على استخدام قانون الإرهاب والمحكمة سيئة الصيت في إصدار احكام قتل مخالفة للقانون الدولي.
وفيما من المحتمل أن يكون هناك إعدامات لم يتم الإعلان عنها رسميا، فإن بيانات وزارة الداخلية تبدأ بتغير صيغة بياناتها وإخفاء بعض البيانات منها.
وتظهر البيانات نمطا مثيرا للقلق فيما يتعلق بتفاصيل عمليات الإعدام التي نفذت، بعدم ذكر نوع الحكم في 20 قضية وهي القضايا التي تمت المحاكمة فيها بتهم إرهاب، و19 منها أمام المحكمة المتخصصة.
وبالتالي فإن 36% من الإعدامات المنفذة لم يتم ذكر نوع الحكم فيها. وتوضح المنظمة أنه فيما عدا بعض الإعدامات الجماعية، هذه هي المرة الأولى التي لا يظهر فيها نوع الحكم في بيانات أحكام الإعدام المنفذة في السعودية منذ 2004.
ووفقا لنوع التهم، وتبعا للسياق المتبع، ترجح المنظمة أن هذه الأحكام هي أحكام تعزيرية، وهي عقوبات تقع على الجاني في الجرائم التي هي دون الحدود والقصاص، وترك للقاضي حق تقديرها حسب اجتهاده.
وكانت التصريحات الرسمية السعودية التي وعدت بتقليص استخدام عقوبة الإعدام قد ركزت على القضايا التعزيرية، حيث قال ولي العهد محمد بن سلمان في مارس 2022، في مقابلة مع صحيفة ذا اتلنتيك: أن عقوبة الإعدام باتت تقتصر على الحالات التي يقتل فيها أحد شخص آخر، وبالتالي فإن عائلة الضحية لها الحق في الذهاب إلى المحكمة أو العفو عنه.
وبالتالي فإن محمد بن سلمان اعتبر أن السعودية تخلصت من عقوبة الإعدام إلا في القصاص والحدود. يضاف ذلك إلى تسريب نقاشات عن وقف الإعدامات التعزيرية.
واعتبرت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن إخفاء نوع الحكم في البيانات الرسمية حول الإعدامات التي من المرجح أنها تعزيرية، هو أسلوب جديد تتبعه الحكومة السعودية للتملص من وعودها والتنكر لها، وتحايل لإخفاء الحقيقة بدل من إلغاء العقوبة.
وأكدت المنظمة أن الاستمرار بتنفيذ أحكام القتل في تهم لا تعد من الأشد خطورة في القانون الدولي هو استخفاف صارخ بهذا القانون وتجاهل تام للالتزامات الدولية.
كما أكدت المنظمة أن أرقام الإعدامات في الثلث الأول من 2024، ينذر بعام دموي آخر في السعودية، كما أنه يدق ناقوس الخطر على حياة الأفراد الذين تتابع المنظمة قضاياهم.
وبحسب توثيق المنظمة يواجه 71 شخصا على الأقل عقوبة الإعدام في السعودية، 69 منهم تمت أو تتم محاكمتهم أمام المحكمة الجزائية المتخصصة، 2 أمام المحكمة الجزائية، و9 منهم قاصرين.
تتبع المنظمة للقضايا يؤكد افتقارها إلى شروط العدالة، حيث أكد معظم المعتقلين تعرضهم لسوء معاملة وتعذيب فيما تم حرمانهم من الحق في الدفاع الكافي عن النفس، فيما يواجهون تهما غير عنيفة وليست من الأشد خطورة في القانون الدولي بما في ذلك المشاركة في مظاهرات، وحيازة كتب، والتغريد والنشر.
وشددت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان على أن الثلث الأول من 2024، كشف مرة جديدة عن توجهات الحكومة السعودية في غسيل صورتها بالوعود والتلاعب وإخفاء الحقائق، فيما لا زالت تمارس انتهاكات جسيمة بما في ذلك القتل على أرض الواقع.