الكهوف ملجأ عمال أثيوبيين يعانون الأمرين في المملكة

قالت إمباكت الدولية لسياسات حقوق الإنسان إن كهوفًا في مناطق نائية من العاصمة الرياض باتت ملجأ لعمال إثيوبيين هربًا من عمليات ترحيل قسري يهددهم بها نظام آل سعود بشكل جماعي في المملكة، رغم المخاطر الإنسانية والصحية التي تلاحقهم.

ووثقت مؤسسة الفكر ومقرها لندن، أوضاعًا مزرية يعانيها عشرات العمال الإثيوبيين وهم يخوضون معركة الهروب من عمليات الترحيل، ما يزيد أوضاعهم الإنسانية -المتدهورة أصلًا- سوءًا ويشكل خطرًا جسيمًا على حياتهم.

وقالت إمباكت إنها اطلعت على مقاطع مصورة توثق اختباء عمال أثيوبيين داخل الكهوف والتصدعات الجبلية الوعرة في مناطق مختلفة من الرياض مثل حي “المهدية” من حملات الملاحقة التي تشنها ضدهم الشرطة السعودية.

وفي الثالث من شهر مايو الجاري، أعلنت الشرطة السعودية عن ضبط 1,467 من “مخالفي أنظمة الإقامة وأمن الحدود” في الرياض من عدد من الجنسيات، وذلك في عدد من المواقع المختلفة، بينهم من اتخذ من الكهوف والتصدعات الجبلية الوعرة أوكارًا للاختباء.

وفي حينه، ذكر المتحدث الإعلامي لشرطة منطقة الرياض العقيد “شاكر بن سليمان التويجري”، أنه تم الوقوف على تلك المواقع والقبض على (53) مخالفًا لنظام الإقامة، جميعهم من الجنسية الإثيوبية، واتخذت بحقهم كافة الإجراءات النظامية.

وأشارت إمباكت إلى أن ذلك يتم في ظل تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد – 19)، الأمر الذي يعرض سلامة العمال للخطر الشديد في ظل افتقاد أدنى معايير السلامة والوقاية.

يأتي ذلك رغم تأكيد الأمم المتحدة في 14 أبريل الماضي أن ترحيل السعودية للعمال المهاجرين غير الشرعيين إلى إثيوبيا يهدد بانتشار فيروس كورونا المستجد، وحثت الرياض على وقف الإجراء في الوقت الراهن.

وقالت “ماهليت” ذات الـ 23 عامًا إن السلطات السعودية اتهمتها بالبقاء في البلاد دون وضع قانوني وبكونها مهاجرة غير شرعية رغم امتلاكها لتأشيرة عمل، وأضافت أن الشرطة السعودية لم تكلف نفسها بالتواصل مع مشغلها للتأكد من وضعها القانوني حين تم القبض عليها واحتجازها بهدف الترحيل.

وفي حينه، صرح المتحدث باسم المنظمة الدولية للهجرة “أليمايهو سيفي سيلاسي”، أن المنظمة سجلت منذ شهر مارس الماضي عودة 2,870 إثيوبيًا، جميعهم طردتهم السعودية، باستثناء مئة شخص. وأكدت السلطات الإثيوبية عمليات ترحيل المهاجرين واسعة النطاق.

وقالت وزيرة الصحة الإثيوبية “ليا تاديسي”، إن بعض العمال المهاجرين الذين جرى ترحيلهم من السعودية تأكدت إصابتهم بفيروس كورونا، لكنها لم تكشف عن إحصاء دقيق.

وأظهرت مذكرة داخلية للأمم المتحدة أن السعودية من المتوقع أن ترحل إجمالي 200 ألف مهاجر إثيوبي.

ومنذ سنوات، اشتكى عمال إثيوبيون من تعرضهم لحملات ترحيل قسرية لا تراعي أوضاعهم الإنسانية وظروف سلامتهم، فضلًا عن مصادرة جميع ممتلكاتهم بدعوى الإقامة غير القانونية.

ورصدت منظمات حقوقية ترحيل آل سعود آلاف المهاجرين الإثيوبيين غالبيتهم العظمى من العمال كل شهر من المملكة منذ عام 2017، بعد أن كثفت السلطات حملة مشددة لترحيل المهاجرين غير الموثقين.

وفي الوقت الذي يبقى فيه عدد العمال الإثيوبيين في السعودية غير معروف، فقد كان يُعتقد أنه وصل قبل الحملة لنحو نصف مليون شخص، يعملون في معظم الأحيان في وظائف منخفضة المهارات وأجور ضعيفة، في البناء والخدمة المنزلية.

ويصل معظم هؤلاء إلى المملكة عبر معبر البحر الأحمر من جيبوتي إلى اليمن في رحلة محفوفة بالمخاطر، هربًا من واقع الفقر والبطالة في بلادهم.

وتبقى المملكة إحدى الدول القليلة التي لم تصدق على المعاهدات الدولية الرئيسة المتعلقة باحتجاز المهاجرين، بينما يبقى الخط الفاصل بين احتجاز المهاجرين والسجن في المملكة غير واضح، كما لا يتم السماح للمنظمات الحقوقية بفحص أوضاع المهاجرين المحتجزين داخل السجون أو في مراكز الترحيل.

وأطلعت إمباكت على شكاوي لعمال أثيوبيين تم ترحيلهم قسرًا إلى بلادهم، أفادوا بتعرضهم لسوء معاملة وعمليات ضرب خلال احتجازهم في السعودية، لاسيما في منطقة جيزان جنوب المملكة.

وتتهم سلطات آل سعود باحتجاز وترحيل القاصرين، على الرغم من أن المملكة وقعت وصدقت على اتفاقية حقوق الطفل التي تشير إلى أنه لا ينبغي احتجاز الأطفال بسبب وضعهم كمهاجرين.

وصرح مدير التوظيف الخارجي بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية الإثيوبية “برهانو أبرا” بأن حكومة بلاده تعمل “مع الهيئات السعودية المعنية على احترام وحماية كرامة وحقوق وسلامة مواطنينا” وضمان “معاملة الجميع بأمان حتى في الوطن “.

وأكدت إمباكت على وجوب أن توقف سلطات آل سعود عمليات الطرد الجماعي للعمال الإثيوبيين وغيرهم من الجنسيات وضمان استناد عمليات الإبعاد إلى تقييمات فردية لظروف الشخص الخاضع للإبعاد، بما في ذلك احتياجه إلى الحماية الدولية لاسيما في ظل مخاطر جائحة كورونا.

وأبرزت أنه بينما لحكومة آل سعود سلطة مشروعة تخولها ترحيل الوافدين غير الموثقين، فإن القانون الدولي الإنساني يفرض عليها أن تعاملهم بكرامة واتخاذ إجراءات فورية للحد من العنف الذي يواجهه المهاجرون بما يشمل التحقق من الانتهاكات التي ترتكبها قوات الأمن التابعة لها ومحاسبة المتورطين بذلك.