غيب المسئولون الكبار في السعودية حدث الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة بما تتضمنه من مجازر بحق الفلسطينيين في القطاع في المنتدى الاستثماري الأهم في المملكة.
وأبرزت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أنه عندما اعتلى كبار المسؤولين السعوديين المنصة في المنتدى الاستثماري السنوي الفاخر للمملكة هذا الأسبوع، لم تكن هناك تقريبًا أي إشارة للحرب التي تزعزع استقرار المنطقة منذ أكثر من عام.
وقالت الصحيفة إن تعليمات عليا بدا أن صدرت من الديوان الملكي لتغييب أحداث غزة عن فعاليات المنتدى وتجاهل مأساة الفلسطينيين.
بدلاً من ذلك، وفي المنتدى المعروف بـ”دافوس الصحراء”، سعى القادة الخليجيون لطمأنة المستثمرين والسياسيين الأجانب بأن النزاعات في غزة ولبنان لن تعرقل الأعمال التجارية مع القوى الاقتصادية في المنطقة.
ورغم أن الخليج لم يشهد تدخلًا مباشرًا في القتال حتى الآن، إلا أن هناك مخاوف من أن التصعيد قد يعيق خطط المنطقة لتنويع اقتصاداتها.
وبحسب الصحيفة تخشى السعودية وبقية دول الخليج من أن الاستمرار في العيش في منطقة مضطربة يهدد طموحاتهم الاقتصادية، خصوصًا في ظل وجود احتمالات بانخراط إيران.
وخلال كلمته في المؤتمر يوم الثلاثاء، أشار وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح إلى معاناة الناس وتأثير الصراع على الشحن في البحر الأحمر. لكنه أكد أن “الرياح المواتية أقوى بكثير من الرياح المعاكسة” في إشارة إلى مستقبل الاقتصاد الخليجي.
وقد سعت السعودية، تحت قيادة ولي العهد محمد بن سلمان، إلى تنويع اقتصادها بعيداً عن الاعتماد شبه الكلي على النفط، مع العلم أن مواردها الهائلة ليست أبدية. وفي الوقت نفسه، خففت المملكة من القيود الاجتماعية والثقافية المشددة التي كانت تفرضها في السابق.
وقبل اندلاع الحرب الأخيرة في 7 أكتوبر 2023 إثر هجوم حماس على إسرائيل، كانت الإمارات العربية المتحدة قد طبعت علاقاتها مع إسرائيل، وهو ما اعتبره البعض خطوة لتذليل العقبات أمام التطوير الاقتصادي في الخليج.
وبدا أن السعودية كانت على وشك القيام بنفس الخطوة، لكن الأحداث الأخيرة أوقفت هذا التقدم مؤقتاً.
يقول عزيز الغشيان، مدير الأبحاث في مؤسسة أبحاث أورف الدولية، إن “إعادة هيكلة الاقتصاد ليس خياراً بل ضرورة وجودية، ويحتاج السعوديون إلى ضمان أن الاضطرابات الإقليمية لن تعيق هذه الطموحات الاقتصادية”.
ويدرك قادة الخليج أنهم لا يستطيعون تحقيق خططهم الطموحة للتنمية الوطنية دون التعاون مع الغرب، الذي بدوره يعتبرهم شركاء مهمين، خاصة السعودية، على الرغم من التحفظات على سجلاتهم في مجال حقوق الإنسان.
ففي عام 2022، زار الرئيس بايدن المملكة بشكل ودي، بعد أن وعد سابقاً بمعاملتها كـ”منبوذة” إثر مقتل الصحفي المعارض جمال خاشقجي، وهو ما يعكس الأهمية الكبيرة للسعودية على الساحة الدولية.
ويُعقد منتدى مبادرة مستقبل الاستثمار، وهو الحدث الاقتصادي الأبرز في السعودية، على مدار ثلاثة أيام، ويجذب الآلاف من رجال الأعمال الذين يبحثون عن التمويل أو فرص العمل والاستشارات من المستثمرين السعوديين.
ويقام المنتدى في فندق “ريتز كارلتون” الفخم في الرياض، الفندق الذي تحول بشكل مؤقت إلى سجن 5 نجوم في عام 2017 عندما تم احتجاز أكثر من 200 سعودي ثري، بمن فيهم أفراد من العائلة المالكة، ضمن حملة لمكافحة الفساد.
وقد أقدمت المملكة مؤخرًا على إصلاحات قانونية تهدف إلى طمأنة المستثمرين الأجانب وتعزيز التكافؤ بين المستثمرين المحليين والأجانب وذلك لتعويض الإخفاق الحكومي الكبير في جذب الاستثمارات.