نددت أوساط حقوقية بإصدار السلطات السعودية أحكاما تصل إلى عقوبة الإعدام لمن يرفض التهجير القسري في المملكة في سابقة تعبر عن حدة القمع الحاصل في البلاد.
وأصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة يوم الأحد، 2 أكتوبر 2022، أحكامًا بالإعدام بحقّ شادلي الحويطي، وإبراهيم الحويطي، وعطالله الحويطي، من قبيلة الحويطات المتضررة من مشروع “نيوم”، الذي انتهجت السلطات السعودية في سير تنفيذه ممارسة التهجير القسري بحقّ العديد من العوائل، بما فيها أعضاء قبيلة الحويطات.
وقد أصدرت الجزائية المتخصصة، التي أسست في 2008 بزعم التصدي لقضايا الإرهاب، حكمها بالقتل على شادلي الحويطي بعد أنْ قتلت قوات الأمن السعودية أخاه عبدالرحيم الحويطي في أبريل 2020، في منزله في “الخريبة” في منطقة تبوك، الواقع ضمن الأراضي التي خصصتها السلطات لمشروع “نيوم”.
وذلك بعد أنْ نشر عبدالرحيم مقطع فيديو له عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أعلن فيه رفضه التهجير القسري الذي تمارسه السلطات بحقّ أهالي المنطقة في سبيل تنفيذ المشروع.
وفي 23 مايو 2022، دخل شادلي الحويطي في إضرابٍ عن الطعام احتجاجًا على سوء المعاملة والحبس الانفرادي، فردّت إدارة سجن ذهبان على احتجاجه بعد أسبوعين بإدخال أنبوب موصل للمعدة من أجل إطعامه قسريًّا، الأمر الذي يعدّ ضربًا من ضروب التعذيب.
وأما إبراهيم الحويطي فقد كان من ضمن الوفد الذي التقى باللجنة المعنية بنزع الملكيات، الخاصة بمشروع “نيوم”، في 2020، كما ظهر عطالله الحويطي في عدد من الفيدوهات ، يتحدث فيها عن معاناة عائلته وكافة المهجرين قسريًّا من قرار التهجير.
وقد وصف رئيس الفعاليات في منظمة القسط لحقوق الإنسان، عبد الله الجريوي الأحكام الصادرة بحقّهم بأنها “صادمة”.
وقال إنها “تظهر مرة أخرى استخفاف السلطات السعودية الصارخ بحقوق الإنسان، فها هي تستعد لاتخاذ إجراءات قاسية لمعاقبة أفراد قبيلة الحويطي على احتجاجهم ضد المشروع وما تسبب به من إخلاء قسري من منازلهم”.
ونشرت القسط في يونيو 2020 دعوة عامة طالبت فيها الشركات الاستشارية في مشروع “نيوم” بالتنديد بالانتهاكات الحقوقية التي يشهدها المشروع.
فحتى قبل قتل عبدالرحيم، تعرض عدد من أعضاء قبيلة الحويطات للاعتقال بسبب رفضهم التهجير القسري من منازلهم، وقامت السلطات باعتقال آخرين بعد قتله أيضًا.
وقد أصدرت أحكامًا طويلة المدى طالت عددًا ممن اعتقلوا، وهم عبدالله الحويطي وعبدالإله الحويطي، فحُكم على كلٍّ منهما بالسجن لمدة 50 سنة.
وسعت السلطات السعودية إلى تلميع صورتها بعد أنْ قامت بهذه الانتهاكات من تهجير قسري واعتقال وقتل، بأنْ حاولت دفع أعضاء القبيلة إلى المباركة لممارسات السلطات والتبرؤ من عبدالرحيم، بوعدهم بدفع مبلغ مئة ألف ريال لكل شخص منهم، وثلاثمئة ألف لكل شخص ممن تم تعيينهم كمشائخ.
وذلك مقابل المساهمة في عمل إعلامي ومهرجان جماهيري يعلنون فيه البراءة من عبدالرحيم ومن أبناء القبيلة الذين يرفضون التهجير، ويعلنون ما أسمته السلطات بـ “تجديد البيعة”.
إنّ تكرر عمليات الإخلاء القسري وما يحيط بها من انتهاكات وانعدام للشفافية، مثلما حصل في جدة من عدم تقديم تعويضاتٍ وافية لمن تضرروا من الإخلاء، حسب ما كشفه استبيان نشرته القسط.
وشارك في الاستبيان أهالي المناطق المتأثرة بالتهجير القسري، وتوظيف القوة المسلحة كما في حالة قبيلة الحويطات في منطقة تبوك عام 2020 وإزالة حيّ المسورة التاريخي في العوامية شرقيّ السعودية عام 2017.
وهو ما يدلّ على نهجٍ تعسّفي تتبناه السلطات السعودية في تنفيذ مشاريعها، دون احترامٍ لحقوق الناس في السكن الكريم ودون توفير سبلٍ للانتصاف لمن يقدمون الشكاوى، بل وتواصل الآن هذا النهج وتوغل فيه بإصدار أحكام الإعدام بحّق من رفضوا هذه القرارات المجحفة أو تشكّوا من نتائجها.
وهذه الأحكام تأتي في عامٍ نفذت فيه السلطات السعودية، حتى وقت كتابة هذا التقرير، 122 عملية إعدام. ففي شهر مارس وحده، أعدمت السلطات السعودية 104 سجينًا، 81 منهم أعدمتهم في يوم واحد، وينتمي نصف هؤلاء تقريبًا إلى منطقتي القطيف والأحساء، شرقي السعودية، وهما منطقتان شهدتا مظاهرات طالبت بالإصلاح في العقد الماضي.
وأكدت منظمة القسط رفضها القاطع لأحكام الإعدام التي صدرت ضد شادلي وعطالله وإبراهيم الحويطي (وتؤكد رفضها لاستخدام عقوبة الإعدام ككل)، كما ترفض الأحكام المطولة التي صدرت سابقًا ضد عبدالله وعبدالإله.
ودعت المنظمة الحقوقية للضغط على السلطات السعودية لإسقاط هذه الأحكام الجائرة، كما تعبر عن مخاوفها حول النهج التصاعدي العنيف الذي تتخذه السلطة السعودية تجاه أفراد قبيلة الحويطات المعتقلين لرفضهم التهجير من منازلهم.