شهد مؤتمر ملتقي الأمن السيبراني الذي افتتح أعماله اليوم الثلاثاء في العاصمة الرياض عزوفا دوليا عن المشاركة في ظل مقاطعة كبرى الشركات والمنظمات الدولية له.
ولوحظ ضعف المشاركة في المؤتمر الذي افتتحت فعالياته مع مقاعد شبه خالية في رسالة احتجاج دولية لنظام آل سعود وتكرار فضائحه في القرصنة والتجسس.
إذ خيمت على فعاليات المؤتمر فضيحة قرصنة ولي العهد محمد بن سلمان هاتف مؤسس “أمازون” مالك صحيفة “واشنطن بوست” جيف بيزوس.
كما برزت تداعيات اعتقال شبكة تجسس قبل أشهر كان استخدمها آل سعود مكتب بن سلمان لاختراق تويتر والحصول على معلومات عن ناشطين ومعارضين داخل وخارج المملكة.
من جهتها تهكمت الناشطة الأمريكية سارة ليا ويتسون رئيسة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمنظمة هيومن رايتس ووتش على فضائح بن سلمان في القرصنة والتجسس من خلال تحذير المشاركين في المؤتمر من التعامل مع أي رسائل من ولي العهد.
وكتبت ويتسون على حسابها في تويتر موجهة رسالة إلى المشاركين في المؤتمر جاء فيها “الضيوف في الرياض، يرجى تذكر ترك أجهزة الآيفون الخاصة بك في الفندق، وإزالة البطارية وبطاقة SIM، وتذكر، لا تنقر مطلقًا على رابط في نص واتساب من بن سلمان”.
Guests in #Riyadh – please remember to leave your iPhones in the hotel, and remove the battery and SIM card. And remember, NEVER EVER click on a link in WhatsApp text from #MBS! https://t.co/1Fp4JqElAp
— Sarah Leah Whitson (@sarahleah1) February 4, 2020
ومؤخرا تصدرت فضيحة قرصنة بن سلمان هاتف جيف بيزوس وسائل الإعلام الغربية اعتداءٌ على أمن مواطن أميركي، وأغنى رجل في العالم، ورئيس شركة تعادل دولة.
وأبرزت وسائل إعلام غربية أن الفضيحة الجديدة لمحمد بن سلمان التي يتوقع أن يكون لها تداعيات مستقبلية كبيرة لا تقل عن فضيحة قتل جمال الصحفي خاشقجي مطلع تشرين أول/أكتوبر 2018، ومرتبطة بها، ولن تمر في القضاء الأميركي.
إذ تتسبب القرصنة في أضرار تهدّد الاقتصاد الأميركي الذي تشكّل الشركات الرقمية أثمن أصوله (أمازون، غوغل، فيسبوك، آبل ماكنتوش، مايكروسوفت..)، فإذا كان متصدّر عرش هذه الشركات مهدّد في أمنه الإلكتروني، فما حال المواطن الأميركي؟.
والفضيحة الحاصلة سبقتها فضيحةٌ رقميةٌ مع شركة تويتر، ارتبطت بمدير المكتب الخاص لولي العهد، عندما قرصن حساب مستخدم إثيوبي، اسمه سلمان، فعرّف نفسه بـ “كنغ سلمان”، وتم تجنيد موظفين داخل “تويتر” للقرصنة والتجسّس على الحسابات.
معطوفًا على ذلك قضية جمال خاشقجي وه، في أحد تجلياتها، قرصنة لهاتفه وحساباته. فضلًا عن قرصنة حساب وكالة الأنباء القطرية، الحادثة التي كانت شرارة أزمة الخليج. وبحسب “فايننشال تايمز” القرصنة حصلت في شهر 5/2018، أي قبل اغتيال جمال خاشقجي، وهو ما يعني الغدر بـ “صديق” من دون سبب.
جيف بيزوس قطع التواصل مع بن سبمان بعد قضية خاشقجي، لكنه أعاد التواصل بعد الحملة عليه من السعودية في فبراير/شباط العام الماضي (2019) رد على جيف: “كل ما تسمعه أو تخبره أنه غير صحيح، وسيستغرق الأمر وقتًا أن تخبر [كذا] أنك تعرف الحقيقة، لا يوجد شيء ضدك أو ضد “أمازون” أو من المملكة “.
تحقيق “الغارديان” والفايننشال تايمز” عن فضيحة بن سلمان الجديدة أصبحت شاغل الإعلام العالمي، وهو يكشف مستوى الحكم في المملكة، وهذا سيفتح باب مساءلة جديدا في أميركا، فهذه ليست جريمة شخصية، صديقان مختصمان، إنها دولة تعتدي على شركة بوزن دولةٍ من مفاخر ما تملكه الدولة التي تحمي السعودية.
ليست هذه الفضيحة شخصية، إنها مخجلة للمملكة التي تحولت في عهد بن سلمان إلى عبء من خلال تخريب حضارة العالم، الثورة الصناعية الرابعة التي تغير حياة البشرية، اعتمادًا على التحوّل الرقمي، مساهمة أغنى بلد عربي فيها هي القرصنة.
لن يتعرّض محمد بن سلمان للمحاكمة، فهو رئيس دولةٍ محصّن، لكن الضرر الذي لا يُمحى هو تشويه صورة المملكة إرهابٌ وقرصنةٌ وموبقاتٌ لا تليق بأفراد فضلا عن دول.
فقد شكلت الثورة الرقمية فضاءً من الحرية والتواصل بين البشر، طغاة العرب تمكّنوا من تحويلها إلى ما بات يُعرف بـ “الاستبداد الرقمي”، الذي صار أداة عدوانية للتشويه والاغتيال المعنوي والهيمنة.
وقد قال خبيران في الأمم المتحدة إن لديهما معلومات تشير إلى “احتمال ضلوع” بن سلمان في اختراق هاتف جيف بيزوس.
وأوضح كل من أنييس كالامار، مقررة الأمم المتحدة الخاصة بالإعدام خارج نطاق القضاء، وديفيد كاي مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحرية التعبير، في بيان مشترك، أن تلك المزاعم “تتطلب تحقيقا فوريا من الولايات المتحدة وغيرها من السلطات المعنية”.
وعلى وقع فضائح القرصنة والتجسس على تويتر المتكررة لآل سعو، تنعقد فعاليات ملتقى الأمن السيبراني، بزعم الوقوف على المخاطر والتهديدات السيبرانية وحلولها، إلى جانب الفرص الاقتصادية والتنموية في هذا المجال.