يكمل ولي العهد محمد بن سلمان ثمانية أشهر كاملة من دون أن يجرى أي زيارة خارجية باستثناء زيارته حلفائه في دولة الإمارات نهاية تشرين ثاني/نوفمبر الماضي.
ومنذ مطلع العام الجاري لم يجد بن سلمان أي دولة تستقبله وانقطعت جولاته خارج المملكة بما يظهر العزلة الشديدة التي يعانيها.
وكان شكل العام المنقضى العام الأقل نشاطا وزيارات خارجية لمحمد بن سلمان منذ وصوله إلى ولاية العهد منتصف العام 2017.
وشملت زيارات بن سلمان الخارجية جولة استمرت لعدة أيام فقط بدأت في 17 فبراير 2019 شملت باكستان والهند والصين.
وفي 26 يونيو 2019 أجرى بن سلمان زيارة قصيرة إلى كوريا الجنوبية قبل أن يصل إلى مدينة أوساكا اليابانية، ليرأس وفد المملكة في قمة قادة دول مجموعة العشرين.
وطوال النصف الثاني من العام 2019 لم يجد بن سلمان سوى دولة الإمارات وحليفه ولي عهد أبو ظبي محمد بن سلمان ليكسر عزلته الخارجية.
ويشار إلى أن الدول الأوروبية كانت رفضت بشدة أي مشاركة من محمد بن سلمان في القمة العربية الأوروبية التي انعقدت في مصر بسبب انتهاكاته لحقوق الإنسان.
وتحدثت مصادر موثوقة في الديوان الملكي عن جهود واتصالات أجراها فريق بن سلمان على مدار العام المنقضي من اجل تأمين زيارة أوروبية له تساهم في تحسين صورته لكن طلبه قوبل بالرفض الشديد.
كما لم يجرؤ محمد بن سلمان على المشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي انعقدت في نيويورك في أيلول/سبتمبر الماضي رغم أهمية المحفل الدولي والمشاركة الواسعة من زعماء العالم فيه.
والسبب الرئيسي لتغيب بن سلمان طبيعية شخصيته المنبوذة دوليا بسبب جرائمه داخليا وخارجيا هو ما أكده مقال نشرته صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية.
وجاء في المقال للكاتبين شين هاريس وجون هدسون، أن جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي قبل نحو عام “جعلت من بن سلمان شخصاً منبوذاً في المجتمع الدولي، وإن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حاول جاهدا في إعادة تأهيله وإعادته للساحة الدولية”.
وقال المقال إن ظهور بن سلمان، في شهر يونيو 2019، في قمة العشرين التي احتضنتها مدينة أوساكا باليابان، وهو يقف وسط المنصة بين الرئيسين الأمريكي والياباني خلال التقاط صورة تذكارية للمشاركين في القمة، ضمن لقاءات أخرى وصفقات مع زعماء خلال الحدث “يعد مؤشراً واضحاً على الترحيب به مجدداً، ولو على مضض في المجتمع الدولي”.
وأشارت إلى أن بن سلمان، الذي خلصت تحقيقات الأمم المتحدة ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) إلى مسؤوليته عن جريمة القتل الوحشية للصحفي خاشقجي، “لم يكن ليحظى بذلك الترحيب من قبل زعماء العالم لولا جهود ترامب ووزير خارجيته مايك بومبيو التي مهدت الطريق لذلك”.
وانتشرت تقارير الإعلام الغربي التي تتحدث عن فضائح متوالي لمحمد بن سلمان في ظل سلسلة من المحطات المشينة منذ صعوده للحكم منتصف عام 2017.
ومن أبرز فضائح بن سلمان جريمة قتل الصحفي السعودي البارز جمال خاشقجي داخل قنصلية المملكة مطلع تشرين أول/أكتوبر 2018.
وتتوارد تقارير المنظمات الحقوقية الدولية ووسائل الإعلام الغربية في إبرز انتهاج بن سلمان الحكم بالقمع وسحق أي معارضة.
إذ أنه تورط باعتقال عشرات الدعاة وناشطي حقوق الإنسان والصحفيين ومشايخ القبائل فضلا عن احتجاز أمراء ورجال أعمال ونهب أموالهم.
كما يتم تسليط الضوء على تهاوى خطط بن سلمان في جذب الاستثمارات الخارجية وتنشيط اقتصاد المملكة الذي يعاني من تدهور قياسي بفعل فشل رؤية 2030 الاقتصادية التي أطلقها ولي العهد.
إلى ذلك شوهت الحرب الإجرامية على اليمن وقتل آلاف المدنيين صورة بن سلمان وحولته إلى مجرم حرب يتم المطالبة بمحاكمته دوليا.
فضلا عن ذلك فإن ولي العهد سجل فشلا ذريعا في حماية منشآت المملكة والعجز عن الرد خاصة من جماعة أنصار الله “الحوثيين” المدعومين من إيران.
وارتبط اسم محمد بن سلمان بتفجير أزمة خليجية وفرض الحصار على قطر مع حلفائه في الإمارات والبحرين ومصر.
كما تورط ولي العهد ولا يزال بدعم ثورات مضادة للربيع العربي وقمع حكم العسكر في الدول العربية التي تشهد احتجاجات تنادي بالحرية والديمقراطية.
أما الصورة النمطية لبن سلمان فارتبطت بالتبعية الكاملة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب وتقديم المليارات لكسب دعمه.
إضافة إلى ذلك تورط ولي العهد بسلسلة فضائح تجسس وقرصنة عبر تويتر أخرها اختراق هاتف مؤسس أمازون جيف بيزوس.
ويجمع مراقبون على أن المملكة ابتليت بحاكم متهور همه الأول التمسك بكرسيه وعرشه دون أي اعتبار مصالح ومستقبل شعبه.