كشفت مصادر حقوقية متطابقة عن أن التعرض إلى ضرب ممنهج أدى إلى وفاة أكاديمي معارض في سجون السعودية قبل أيام.
وذكر موقع Middle East Eye البريطاني أن الأكاديمي موسى القرني قد تعرض للضرب على رأسه ووجهه بأدوات حادة، مما أدى إلى إصابات عديدة، بما في ذلك كسور في جمجمته، مما أدى في النهاية إلى وفاته.
وبحسب الموقع فإن ذلك يفسر لماذا امتنعت السلطات السعودية عن تسليم جثمان القرني إلى أهله، حتى وصوله إلى المسجد النبوي للصلاة عليه، ومن ثم دفنه، دون أن يراه أهله ومحبوه، لكي لا يروا آثار الضرب الذي أفضى لوفاته.
وتؤكد مصادر حقوقية أن سياسة الإهمال الصحي المتعمد، هي من كبرى الجرائم الحقوقية التي تمارسها السلطات السعودية بحق معتقلي الرأي في محاولة منها لإسكات الأصوات الوطنية والأقلام الحرة.
وتوصف الأحوال في معظم سجون المملكة تبعث على القلق فيما يخص البنية التحتية المتهالكة وقلة الصيانة، وتردي المرافق الصحية، ناهيك عن محدودية تمكين السجناء من ممارسة الرياضة اليومية، أو استنشاق الهواء النقي، وتقاعس السلطة عن تقديم الحقوق الأساسية للمعتقلين.
وكانت كشفت أوساط حقوقية عن معطيات صادمة في ملف وفاة موسى القرني قبل أيام في سجون النظام السعودي بعد 15 عاما من اعتقاله بشكل تعسفي.
وقال حساب “معتقلي الرأي” السعودي إن القرني توفى يوم السبت الماضي 9 تشرين أول/أكتوبر الجاري، فيما لم تُفصح السلطات السعودية عن ذلك حتى يوم الثلاثاء.
وذكر الحساب أن السلطات السعودية امتنعت عن تسليم جثمان القرني إلى أهله، حتى وصوله إلى المسجد النبوي للصلاة عليه، وتم دفنه في البقيع، دون أن يراه أهله ومحبوه.
وأشار إلى أن السلطات السعودية كانت منعت عائلة القرني من زيارته والتواصل معه والاطمئنان على حالته الصحية قبل وفاته بشهر كامل.
وتعد حالة وفاة القرني دليلا جديدا على سلسلة الانتهاكات التي يتعرض لها معتقلو الرأي في السجون السعودية ومنها الاستجواب المطول والتأخير في إحالة القضايا إلى ما بعد المهلة القانونية القصوى.
كما تتضمن تلك الانتهاكات منع السجناء من مقابلة محاميهم، وعدم اطلاعهم على مستجدات قضاياهم، ووجود طبيب عام واحد فقط داخل السجن في ظل محدودية ما هو متوفر من المعدات الطبية.
يأتي ذلك فيما طالبت منظمات حقوقية دولية تعليقا على وفاة القرني، بوقف نهج القتل البطيء لمعتقلي الرأي في السعودية في ظل ما يتعرضون له من انتهاكات الاحتجاز التعسفي والتعذيب وسوء المعاملة فضلا عن الإهمال الطبي.
وجاءت وفاة القرني بعد معاناة طويلة مع المرض وإهمال طبي متعمد داخل معتقلات النظام، حيث تدهورت حالته الصحية بشكل كبير في السنوات الأخيرة دون أن يتلقى أي رعاية طبية.
وقضى القرني 15 عاما في سجون النظام السعودي، حيث كان يقضي حكما جائرا بالسجن مدة 20 سنة، يليها 20 سنة منع من السفر، بعد اتهامه بعدة تهم، منها “التخطيط لتأسيس حزب ” و “التواصل مع جهات أجنبية” و ”الخروج على ولي الأمر”.
وتعود القضية إلى اجتماعات عقدها القرني مع ثمانية معارضين سعوديين في شهر شباط/فبراير عام 2007 استهدفت بحث مشروع إنشاء جمعية لحقوق الإنسان تهتم بنشر الوعي الحقوقي للمواطن السعودي اصطلحوا على تسميتها التجمع الوطني السلمي العلني.
وقد داهمت قوات الأمن السعودي الاجتماع الثالث لتلك الشخصيات واعتقلتهم جميعا وقدمتهم للمحاكمة بتهم تشكيل “تنظيم سري هدفه إشاعة الفوضى والوصول إلى السلطة بالاستعانة بأطراف خارجية”.
وقد استمرت التحقيقات في القضية مدة طويلة استغرقت ثلاث سنوات ونصف دون صدور أحكام، تم خلالها احتجاز المعتقلين في سجون انفرادية ثم حكم عليهم في آب/أغسطس عام 2010 بأحكام مشددة بالسجن تراوحت بين 10 إلى 30 عاما.
وحملت منظمة سند لحقوق الإنسان السلطات السعودية مسؤولية وفاة القرني داخل السجون وأسلوب القتل البطيء الذي مورس ضده والذي يعد جريمة في كل القوانين الدولية.
وقالت المنظمة إن السلطات السعودية تنتهك “القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء” التي تعد نظاما أمميا، رغم أن المملكة انضمت إليه قبل سنوات.
وفي النظام الأممي شروط وبنود يستوجب على الدول المنضمة فيه، إلى الالتزام فيها، حول كيفية التعامل مع المعتقلين وفق ما يتطلب مراعاته إنسانيا.
وفي سياسة التعامل الحكومي مع معتقلي الرأي في المملكة، تتورط السلطات السعودية في انتهاك معظم بنود النظام الأممي المعني، ليؤكد على مدى الانتهاكات التي يتعرض لها معتقلي الرأي داخل المعتقلات الحكومية.
وأكدت منظمة سند أن على السلطات السعودية وقف سياستها التعسفية في التعامل مع معتقلي الرأي، والعمل على إصلاح الانتهاكات المروعة التي تشهدها المعتقلات.
من جهتها دعت مؤسسة القسط لحقوق الإنسان إلى تحقيق دولي في وفاة القرني مبرزة تفشي التعذيب بحق معتقلي الرأي داخل السجون السعودية.
كما حملت الفدرالية الدولية للحقوق والتنمية (إفرد) السلطات السعودية مسئولية وفاة القرني، مشيرة إلى أن المملكة شهدت خلال العامين الماضيين، اعتقال المئات من النشطاء والحقوقيين على خلفية مواقفهم العلنية ومطالبهم بالإصلاح السياسي والاجتماعي وإطلاق الحريات العامة، وسط مطالبات حقوقية متكررة بالكشف عن مصيرهم وتوفير العدالة لهم.
وأعربت الفدرالية الدولية عن قلقها الشديد إزاء سوء أوضاع معتقلي الرأي في السعودية التي تملك سجلا سيئا في معاملة المعتقلين المعارضين للنظام بما في ذلك شبهات تعذيب وإهمال طبي.
وطالبت بضرورة فتح تحقيق دولي مستقل في سوء أوضاع اعتقال المعارضين في سجون السعودية وتجاهل السلطات في المملكة المطالب الداعية لتوفير الرعاية الصحية لهم ووقف انتهاكات سوء المعاملة وأشكال التعذيب النفسي والجسدي بحقهم باعتبار أن المعاملة السيئة للمعتقلين المعارضين في السعودية قد ترتقي إلى مستوى التعذيب المحظور دوليا.
كما شددت على الحاجة إلى تدخل دولي فاعل لوقف سياسات السعودية القائمة على إسكات المعارضين، عبر استجواب واحتجاز وسجن المدافعين عن حقوق الإنسان بشكل تعسفي بموجب قانون مكافحة الإرهاب وقانون مكافحة الجرائم الإلكترونية على خلفية أنشطتهم السلمية وعملهم في مجال حقوق الإنسان.