الكشف عن صفقة عسكرية جديدة بملياري دولار لآل سعود من واشنطن
رغم الأزمة الاقتصادية الحادة وغير المسبوقة للمملكة، تك الكشف عن صفقة عسكرية جديدة أبرمها حديثا نظام آل سعود مع الولايات المتحدة الأمريكية بقيمة تزيد على ملياري دولار لتوريد أكثر من ألف من صواريخ جو أرض والصواريخ المضادة للسفن إلى المملكة.
وأفادت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إن شركة بوينغ ستزود المملكة بأكثر من ألف صاروخ بواقع 650 صاروخا من طراز (SLAM ER) – صواريخ جوية، و402 من طراز (Harpoon) المضادة للسفن.
وذكر بيان صادر عن البنتاغون أن نظام آل سعود وقع عقدا مع الشركة بـ1.971 مليار دولار لتطوير ونقل 650 صاروخا (SLAM ER) إلى المملكة، مع العلم أن مدى هذه الصواريخ يصل إلى 270 كم، ومن المتوقع أن تتم الصفقة حتى ديسمبر عام 2028.
أما تصدير صواريخ (Harpoon) فسيتم ضمن عقد آخر بقيمة 656.98 مليون دولار. ويبلغ مدى هذه الصواريخ 125 كم.
و”سلام-إي آر” هي صواريخ جو أرض موجهة عبر نظام تحديد المواقع العالمي “جي بي أس” ويصل مداها إلى نحو 290 كيلومترا تقريبا. ومن المقرر إتمام ذلك العقد بحلول ديسمبر/كانون الأول 2028.
وقالت شركة بوينغ في بيان منفصل إن العقدين الجديدين يضمنان استمرار برنامج “هاربون” حتى عام 2026، وإعادة إطلاق خط إنتاج “سلام-إي آر”.
وكانت الإدارة الأميركية أكدت قبل أسبوع تقارير صحفية أفادت بأن واشنطن بصدد سحب بطاريتي صواريخ باتريوت من السعودية كانت قد أرسلتهما في أعقاب الهجوم على منشآت النفط السعودية العام الماضي، بالإضافة إلى طائرات مقاتلة وعسكريين أميركيين.
وأكد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو صحة تلك التقارير، لكنه قال إن ذلك لا يشير إلى تراجع الدعم الأميركي للسعودية، كما أنه ليس محاولة للضغط على الرياض بشأن القضايا النفطية.
وجاءت تلك التطورات ضمن مرحلة دقيقة في العلاقات بين واشنطن والرياض، حيث توترت الأجواء بسبب الحرب السعودية الروسية في أسواق النفط العالمية، والتي كانت من أسباب انهيار الأسعار وألحقت ضررا شديدا بشركات النفط الأميركية.
ومؤخرا كشف تقرير دولي تبديد نظام آل سعود مليارات المملكة في صفقات السلاح سعيا لتعزيز علاقاتها مع الدول الغربية خاصة الولايات المتحدة الأمريكية.
وأظهر التقرير السنوي للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، أن النفقات العسكرية العالمية ارتفعت بنسبة 4 بالمئة في 2019، في أكبر زيادة تسجل منذ نحو عشر سنوات.
وتصدرت الولايات المتحدة الأميركية بـ 685 مليار دولار، والصين بـ 181 مليار دولار. وقد سجل البلدان معا ارتفاعا بنسبة 6.6 بالمئة في 2019، مقارنة بـ 2018.
وحلت المملكة في المرتبة الثالثة بمبلغ قياسي وصل إلى 78.4 مليار دولار، لتقفز في القائمة على حساب دول كبيرة مثل روسيا والهند وبريطانيا وفرنسا واليابان وألمانيا.
وتحتل المملكة المركز الأول بين دول العالم الأكثر استيراداً للسلاح، في حين أن الولايات المتحدة تتصدر الدول المصدرة للسلاح.
وبحسب ما ذكر معهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام “سيبيري”، في مارس 2019، فإن الولايات المتحدة صدَّرت أكثر من ثلث الأسلحة العالمية خلال السنوات الخمس الماضية، ما يعزز دورها كأكبر بائع للأسلحة في العالم.
وقال المعهد في تقريره إن أكثر من نصف المبيعات الأمريكية ذهبت إلى منطقة الشرق الأوسط، حيث حصلت المملكة وحدها على 22% من إجمالي المبيعات الأمريكية.
وقال أيضاً إن المملكة كانت أكبر مستورد للأسلحة في العالم خلال هذه الفترة؛ حيث استحوذت على 12% من الواردات العالمية.
وتملك المملكة 848 طائرة عسكرية؛ منها 244 طائرة مقاتلة اعتراضية، و325 طائرة هجومية، و49 طائرة نقل عسكرية، إضافة إلى 207 طائرات تدريب عسكري، فضلاً عن 254 مروحية عسكرية، و34 طائرة مروحية هجومية.
كما تمتلك 1062 دبابة، و11100 مركبة قتالية مصفحة، إلى جانب 705 مدافع ذاتية الدفع، و1818 مدفعية مقطورة، في حين يبلغ عدد منصات إطلاق الصواريخ 122 فقط.
وفي هذا الإطار ذكرت مجلة “ناشينال إنترست” الأمريكية، في نوفمبر 2017، أن السعودية تمتلك مقاتلات “إف 35″، التي تستطيع تنفيذ هجمات جوية على أهداف بعيدة عن السعودية بدقة عالية دون الحاجة إلى إعادة التزود بالوقود.
وأشارت إلى أن الرياض لديها قنابل “بيف واي 5” دقيقة التوجه، التي يزيد وزنها على 200 كيلوغرام، وحصلت عليها من بريطانيا التي تستخدمها قواتها الجوية، وتعد من أكثر القنابل تطوراً، ويُمكن لمقاتلات “إف 15” أن تحمل أعداداً كبيرة منها.
وبحرياً تمتلك الرياض 55 قطعة بحرية عسكرية فقط، وليس لديها أي غواصة أو حاملة طائرات أو مدمرات، بحسب بيانات الموقع العسكري المتخصص.
ولدى المملكة 7 فرقاطات، و3 سفن كاسحات الألغام، و4 طرادات سفن حربية كبيرة، و9 سفن دوريات، و4 موانئ رئيسية، في حين يصل عدد قطع الأسطول البحري التجاري إلى 357.
وقد تحولت المملكة بسبب إقبالها المفرط على شراء السلاح إلى مطمع لشركات السلاح في العالم، وسوق مغرية لبيع صناعاتهم فيها.
يقول تقرير نشره معهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام، في مارس الماضي، إن ارتفاع مشتريات السعوديين من السلاح يرجع إلى تشكيل التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن الذي يقوده نظام آل سعود منذ مارس 2015.
وأوضح المعهد أن الولايات المتحدة وبريطانيا هما أكبر موردين للأسلحة إلى الرياض، وضاعفت ألمانيا صادراتها من 14 مليون دولار إلى 105 ملايين دولار.
في حين ذكرت شبكة “سي إن إن” الأمريكية، في تقرير نشر نهاية 2018، أن قيمة الصادرات الفرنسية من الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية بلغت 174 مليون دولار في عام 2015، ولكنها انخفضت إلى 91 مليون دولار في عام 2016، و27 مليون دولار في 2017.
وتراجعت قيمة الصادرات الإسبانية بشكل كبير في تلك الفترة، لكن الحكومة أكدت أنها ستمضي قدماً في صفقات الأسلحة التي كانت قد اقترحت من قبل أن تجمدها.
وقال بيتر وايزمان، باحث كبير في نقل الأسلحة وبرنامج الإنفاق العسكري بمعهد استوكهولم لأبحاث السلام: “حاولت روسيا بقوة خلال السنوات العشر إلى الـ15 الماضية الدخول إلى سوق الأسلحة السعودي الكبير، لكنها لم تنجح. فقد حصلت المملكة على بنادق روسية، لكن مثل تلك الصفقات كانت صغيرة للغاية”.
وأضاف ويزمان: “حققت الصين بعض الإنجازات الكبيرة في سوق السلاح السعودي، خاصة بيع الطائرات المسلحة بلا طيار”.
ورغم الترسانة الضخمة التي تملكها الرياض يُدرك الإنسان العادي داخل المملكة أنها “لا تنفع في أي شيء”، وهو ما كشفه بوضوح الهجوم على منشآت النفط في سبتمبر الماضي، الذي شكل بالنسبة إلى السعودية “فضيحة كبرى”، كما قال خبير الشرق الأوسط ميشائيل لودرز، في حديثه لشبكة “دويتشه فيله” الألمانية التي وصفت السعودية بـ”المملكة المُجهدة”.
وأشار إلى أن المملكة هي أكبر مشترٍ للأسلحة الأمريكية؛ لكن في الوقت عينه بواسطة 10 طائرات مسيرة فقط، يمكن إنتاجها ببساطة نسبية أو شراؤها، تمكّن الحوثيون أو أي طرف آخر غيرهم من ضرب قلب إنتاج النفط السعودي.
ورغم النفقات العسكرية الضخمة، التي تضاعفت منذ قدوم محمد بن سلمان على رأس وزارة الدفاع ومن ثم ولاية العهد، فإن ذلك ليس ضمانة لقوة الردع العسكرية، ويتضح هذا في الحرب التي شنتها السعودية، منذ مارس 2015، على اليمن ولا تزال دائرة حتى الآن “بدون أي إنجاز حقيقي”.
وبعد مرور أكثر من 4 سنوات على الحرب اليمنية، اعتمدت الرياض في خضم صراعها مع الحوثيين على الضربات الجوية فحسب، ما تسبب بسقوط آلاف القتلى والجرحى من اليمنيين، وتهجير عشرات الآلاف، ودمار وخراب في كل مكان، واتهامات للسعودية بارتكاب جرائم حرب.
في الجهة المقابلة كثف الحوثيون من إطلاق صواريخ عبر الحدود مع السعودية، وشنوا هجمات بواسطة طائرات مسيرة، مستهدفين قواعد عسكرية جوية ومطارات سعودية ومنشآت أخرى، مؤكدين أن ذلك يأتي “رداً على غارات التحالف في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة باليمن”.
وعلى الرغم من الترسانة العسكرية الضخمة المتعددة المنشأ التي جعلتها في طليعة الدول المالكة لأهم الأسلحة وأكثرها تطوراً في العالم، فإن نظام آل سعود يسعى لامتلاك أسلحة إسرائيلية.
هذا ما كشفت عنه مجلة “إسرائيل ديفنس” العبرية، مطلع فبراير الجاري، مبينة أن السعودية أبدت رغبة بشراء عتاد عسكري من شركة “رافائيل” الإسرائيلية المتخصصة في صناعة الوسائل القتالية.
ونقلت المجلة عن موقع “تاكتيكال ريبورت” أن شركة “رافائيل”، التي تشتهر بشكل خاص بإنتاج صواريخ “سفايك” المضادة للدروع والمضادات الأرضية، يمكن -في حال حصلت على الإذن بذلك من الجهات الرسمية- أن تزود السعودية بمنتوجاتها عبر شركة متفرعة عنها تمثلها في أوروبا، تعرف بـ”يورو سبايك”.
المجلة لفتت النظر إلى أن السماح للشركة بالاستجابة للرغبة السعودية وتزويدها بوسائل قتالية متطورة ينطوي على “تداعيات إشكالية”، مشيرة إلى أن وزارة الأمن “الإسرائيلية” قد لا تسمح بتصدير صواريخ “سفايك” للسعودية؛ خشية أن تستخدم في يوم من الأيام ضد قوات جيش الاحتلال.
وفي هذا التعبير إشارة إلى خشية صنّاع القرار في تل أبيب من إمكانية حدوث تحول بمنظومة الحكم في الرياض قد تؤدي إلى تحول بسياساتها تجاه إسرائيل.
واستدركت المجلة أنه على الرغم من المخاوف الإسرائيلية فإن وزارة الأمن في تل أبيب يمكن أن تسمح لشركات السلاح الإسرائيلية بتصدير هذه الصواريخ إلى السعودية؛ على اعتبار أن عمر صاروخ “سفايك” لا يتجاوز عشر سنوات، وهي مدّة لا يرجح أن تنشب خلالها مواجهة مسلّحة مع الرياض.
وحسب المجلة، فإن المملكة معنية بتنويع مصادر استيراد الوسائل القتالية والعتاد، ولا تريد الاعتماد فقط على صواريخ “تاو”، التي شرعت في استيرادها من شركة “رايثيون” الأمريكية منذ العام 2017.
المجلة ذكرت أن “رافائيل” ترى في المنافسة في السوق السعودي، لا سيما بعد التطور الذي طرأ على العلاقة بين الرياض وتل أبيب، في تسويق منتوجاتها بالسعودية والخليج وذلك عبر شركة “يورو سبايك”، أو عبر أي من الشركات الفرعية التي أسستها “رافائيل” بشكل خاص، فرصة لتحسين قدرتها على تسويق منتجاتها.