يتخذ آل سعود من صفقات الأسلحة المشبوهة والتي تتم بمليارات الدولارات وسيلة رئيسية في التأثير على سياسات الدول لمنعها من اتخاذ خطوات على الساحة الدولية ضدها.
وغالباً ما تُبرَم صفقات الأسلحة بتكتُّم أو بحدٍ أدنى من العلانية. وتُبيِّن قاعدة بياناتٍ لواردات السلاح السعودية خلال الأعوام العشرة الماضية أنَّ أكبر دولة مُورِّدة للأسلحة لها هي الولايات المتحدة، تليها المملكة المتحدة، وفرنسا، وإسبانيا، ثُمَّ ألمانياً.
لكنَّ الكثير من المُصدِّرين المُستمرين ببيع الأسلحة للسعوديين قلَّصوا بصورة كبيرة من إمداداتهم للمملكة في السنوات الأخيرة بسبب جرائمها في حرب اليمن.
فوفقاً لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام صدَّرت المملكة المتحدة على سبيل المثال للسعودية أسلحةً تُقدَّر قيمتها بـ843 مليون دولار عام 2016، لكنَّها قلَّصت حجم صادراتها تلك إلى النصف تقريباً وبلغت قيمتها 436 مليون دولار العام الماضي 2017. (تستخدم قاعدة بيانات المعهد قيماً تُحسَب بأسعار عام 1990 للتخلُّص من تأثيرات تقلُّبات أسعار العملة والتضخُّم).
وقد بلغت قيمة الصادرات الفرنسية من الأسلحة الرئيسية إلى السعودية ما قيمته 174 مليون دولار في عام 2015، لكنَّها تراجعت حتى بلغت 91 مليون دولار فقط عام 2016، ثم 27 مليون دولار العام الماضي.
وفقاً لتقارير، تراجع أيضاً حجم صادرات الأسلحة الإسبانية للسعودية بصورة كبيرة خلال تلك الفترة، لكنَّ الحكومة الإسبانية أكَّدت هذه السنة 2018 أنَّها ستمضي قدماً في إجراء صفقات الأسلحة التي كانت قد ألمحت من قبل أنَّها ستجمدها، خاضعةً بذلك لضغط مُصنِّعي الأسلحة الإسبان.
رغم التراجع المذكور، فالواقع أنَّ القيمة الكلية لواردات الأسلحة السعودية ازدادت بنسبة 37% بين عاميّ 2016 و2017.
يرجع هذا بشكلٍ كامل تقريباً إلى الزيادة الضخمة التي شهدتها واردات الأسلحة من الولايات المتحدة، التي ضاعفت تقريباً قيمة صادراتها إلى المملكة، من 1.8 مليار دولار إلى 3.4 مليار دولار خلال تلك الفترة.
كذلك ضاعفت ألمانيا صادراتها من 14 مليوناً إلى 105 ملايين دولار، ولو أنَّه يُتوقَّع انخفاضها بشكلٍ ملحوظ هذا العام بعد قرار التعليق.
عموماً، لا دولة تكاد حتى تقترب من مستوى واردات الولايات المتحدة من الأسلحة الكبرى إلى السعودية.
على سبيل المثال، مثَّلت الولايات المتحدة على مدار الأعوام الخمسة الماضية 61% من حجم صفقات الأسلحة الكبرى مع السعودين، وحلَّت المملكة المتحدة في المركز الثاني بفارقٍ كبير بحصةٍ بلغت 23%، فيما حلَّت فرنسا في المركز الثالث بنسبة 4% لا أكثر.
وفي بيانٍ أصدره الرئيس ترامب يوم 20 نوفمبر/تشرين الثاني، قال إنَّه سيكون مِن الحماقة إلغاء عقود تصدير الأسلحة الكبرى المُبرَمة مع السعوديين، وإنَّ “روسيا والصين ستكونان أكبر المستفيدين” إذا ما أوقفت الولايات المتحدة مبيعاتها.
وتُبيِّن بيانات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام أنَّ الصين تورِّد قدراً لا يُذكَر من الأسلحة الكبرى إلى السعودية، لكنَّه في ازدياد. في حين أنَّ حجم صادرات الأسلحة الروسية إلى السعودية ضئيلٌ لدرجة أنَّه لم يُدرَج في قاعدة بيانات المعهد.
قال بيتر ويزمان، وهو باحثٌ أول ببرنامج الأسلحة والإنفاق العسكري بمعهد ستوكهولم: “حاولت روسيا بجهدٍ على مدار الـ10 إلى 15 عاماً الماضية الدخول إلى سوق الأسلحة السعودية، لكنَّها لم تنجح بذلك. استوردت السعودية بنادق روسية وربما اشترت أسلحةً أخرى، لكنَّ حجم تلك الصفقات كان ضئيلاً جداً”.
وقال ويزمان: “أحرزت الصين تقدماً أبرز في دخولها سوق الأسلحة السعودية، وخاصةً ببيعها طائرات مسلحة دون طيار إلى المملكة”.
وأضاف: “يُغلِّف الغموض تفاصيل تلك الصفقات، ومن المحتمل للغاية أن نكون استخففنا بدور الصين بصفتها مُصدِّرة للأسلحة إلى السعودية. لكنَّ حجم الصادرات الصينية للسعودية لا يقترب من صادرات الولايات المتحدة، أو المملكة المتحدة، أو حتى فرنسا. مع ذلك، النُقطَة المهم ذكرها هُنا هيَ أنَّ السعودية استكشفت احتمالية تنويع قاعدة مورِّدي الأسلحة إليها”.