يواصل نظام آل سعود إبرام صفقات شراء أسلحة وعتاد عسكري خصوصا أنظمة الدفاع الصاروخية بمليارات الدولارات.
أخر تلك الصفقات الاتفاق مع شركة لوكهيد مارتن (LMT.N) الأمريكية بموجب عقد جديد بقيمة 1.48 مليار$ لبناء نظام الدفاع الصاروخي THAAD في المملكة مما رفع القيمة الإجمالية للصفقة إلى 5.36 مليار $، والتي تم التعاقد عليها قبل أشهر).
لكن رغم كل هذه المليارات، فإن جماعة “أنصار الله” المعروفة باسم الحوثيين تستمر في استهداف أمن المملكة وتوجيه ضربات مؤلمة لنظام آل سعود.
للمرة الخامسة على التوالي، وخلال مدة لم تتجاوز الشهر؛ شنت جماعة الحوثي عدة هجمات بطائرات مسيرة على مطاريْ نجران وجازان بالمملكة.
تثير هذه الهجمات وغيرها من الحوثي على المملكة التساؤلات وراء عدم صد المملكة لهذه الهجمات, وما الخيارات المتاحة أمامها في ظل استمرارها.
فالواقع يبرز أن الحوثي مستمر في القصف على المملكة والإمارات تنسحب من حرب اليمن وتبقي محمد أبن سلمان غارقا في مستنقع اليمن فيما شعب المملكة يدفع الفاتورة الاقتصادية والأمنية.
على مدى الأيام القليلة الماضية عاد الحوثيون لضرب منشآت حيوية في المملكة، وقصفت سبع طائرات مسيرة خطوط ضخ النفط، بين شرق المملكة وغربها، تابعة لشركة أرامكو الحكومية.
وأقر وزير الطاقة خالد الفالح بتعرض محطتي ضخ وخط أنابيب للهجوم من طائرات دون طيار مفخخة.
وبعودة الى تاريخ الصراع في اليمن يلاحظ أن الأراضي وأهداف المملكة ظلت على مدى السنتين الأوليين من الحرب خارج نطاق مرمى نيران الحوثيين.
وابتداء من شهر سبتمبر/أيلول 2017 دشن الحوثيون قدرتهم التسليحية بصواريخ باليستية أطلقوا أحدها على قاعدة الملك خالد الجوية في خميس مشيط بعسير وآخر على مطار الملك خالد الدولي شمال الرياض بعد ذلك بشهرين.
وشهد عام 2018 تناميا في استخدام الحوثيين لسلاحهم الصاروخي ضد السعودية ففي شهر مارس/آذار قصفوا مطار الملك خالد الدولي في الرياض، وقاعدة جازان، ومطار أبها الإقليمي.
وفي الشهر التالي تعرضت ناقلة نفط للمملكة لهجوم من الحوثيين في المياه الدولية غرب ميناء الحديدة، كما استهدفت صواريخهم وطائراتهم المسيرة مقر وزارة الدفاع ومطار أبها الدولي.
واستمرت هجمات الحوثيين في مايو/أيار من العام الماضي بإطلاق دفعة صواريخ من طراز بركان على أهداف اقتصادية بالعاصمة الرياض. وفي يوليو هاجم الحوثيون ناقلة نفط سعودية في البحر الأحمر، وألحقوا بها أضرارا طفيفة.
ويؤكد الحوثيون استعدادهم للقيام بمزيد من الهجمات الصاروخية على أكثر من 300 هدف في السعودية والامارات لحملهما على الجلوس الى طاولة المفاوضات ووقف الحرب في اليمن.
وقال المتحدث باسم قوات الحوثيين، العميد يحيى سريع، في بيان: “الطيران المسير ينفذ عمليات واسعة باتجاه قاعدة الملك خالد الجوية بخميس مشيط بعسير، بعدد من طائرات قاصف 2k، استهدفت مخازن أسلحة تذخير الطائرات الحربية ومواقع عسكرية أخرى”.
وأضاف سريع أن “الإصابة كانت دقيقة… وأدت إلى حريق كبير في مخازن الأسلحة وتسببت بحالة كبيرة من الإرباك والهلع”.
وتابع في البيان أن “هذا الاستهداف يأتي ردا على جرائم العدوان وغاراته المتواصلة بحق الشعب اليمني العظيم… وآخرها 20 غارة جوية خلال الـ 24 ساعة الماضية. وعملياتنا مستمرة وستتوسع دائرة الاستهداف… بالشكل الذي لا يتوقعه النظام السعودي طالما استمر في عدوانه وحصاره وبغيه”.
من جانبه، أعلن التحالف العربي أن قواته الجوية اعترضت طائرتين مسيرتين أطلقهما الحوثيون من صنعاء باتجاه المواقع المدنية في خميس مشيط.
أفاد المتحدث باسم قيادة التحالف العقيد الركن تركي المالكي، بـ “اعتراض وإسقاط طائرتين بدون طيار أطلقتهما المليشيا الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران من صنعاء، باتجاه الأعيان المدنية والمدنيين بمدينة خميس مشيط”.
وأوضح المالكي أن “عملية الاعتراض والإسقاط للطائرتين المعاديتين نتج عنها سقوط الشظايا والأجزاء بأحد الأحياء السكنية، مما نتج عنه تضرر أحد المباني السكنية بأضرار طفيفة وبعض المركبات، دون وجود خسائر بالأرواح”.
وقال إن “محاولات المليشيا الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران بتعمد استهداف المدنيين، تعبر عن إفلاس المليشيا الإرهابية ونهجها اللاأخلاقي بمثل هذه الأعمال الإرهابية… والعدائية المتكررة الممنهجة لاستهداف المدنيين في مخالفة واضحة وصريحة للقانون الدولي الإنساني ما يعد جريمة حرب”.
وشدد المالكي على “استمرار قيادة القوات المشتركة للتحالف بتنفيذ الإجراءات الرادعة ضد هذه المليشيا الإرهابية وتحييد القدرات الحوثية وبكل صرامة، وبما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني وقواعده العرفية”.
ويقود آل سعود منذ مارس 2015 تحالفا عسكريا يشن حربا في اليمن، يقول إنها تستهدف مواقع للحوثيين دعما للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا والموالية للرئيس، عبد ربه منصور هادي.
وكثف الحوثيون، الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء ومناطق واسعة أخرى في البلاد، منذ الشهرين الماضيين هجماتهم على “المواقع الحساسة” داخل المملكة، ردا على ما يصفونه بـ “عدوان” التحالف العربي، الذي سبق أن حملته الأمم المتحدة المسؤولية عن مقتل وإصابة عشرات آلاف المدنيين في اليمن جراء عملياته.
الخبير العسكري الاستراتيجي هشام جابر قال إن استمرار الهجمات دليل على تطوير الحوثيين لقدراتهم العسكرية والتقنية، خاصة فيما يتعلق بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، مشيرا إلى أنهم أثبتوا قدرتهم القتالية وغيروا تكتيكهم الحربي، مستفيدين من تجربتهم في الحرب.
وأضاف أن التطور التدريجي مفاده أن الحرب في اليمن تتسم بالعبثية، إذ انتقلت جماعة الحوثي من الصمود والدفاع إلى الردع والهجوم، رغم افتقادها لغطاء دفاعي جوي، بينما لم يستطيع آل سعود كشف هذه الطائرات قبل تنفيذها للهجمات في أراضيهم.
وأوضح جابر أن الطائرات المستخدمة في الهجوم على السعودية لا تستلزم امتلاك الرياض لتكنولوجيا معقدة لكشفها وإسقاطها، لافتا إلى أن الحوثيين قادرون على إسقاط طائرات مقاتلة للتحالف السعودي بوسائل “بدائية”.
وبخصوص الخيارات المتاحة أمام المملكة, قال إن القرار بوقف الحرب ليس سعوديا، خاصة أن أميركا ليس من مصلحتها إيقافها لأنها تعتبرها استنزافا للذخيرة السعودية، وبالتالي لن يكون لها سوى خيار الاستمرار في الحرب إلى ما لا نهاية.
غير أن هناك من يرى في تكثيف الهجمات على الأهداف المملكة رسالة حوثية ايرانية للولايات المتحدة وحلفائها في الخليج تذكرهم بقدرة طهران العسكرية والسياسية على التأثير في مجريات الأحداث في المنطقة وتحذرهم من أن أي سوء يمس ايران لن يستثني الدول الصديقة والحليفة لواشنطن.