كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية أنه كانت هناك صفقة وشيكة لإنشاء مركز بيانات بقيمة أكثر من ملياري دولار بين ولي العهد محمد بن سلمان ومؤسس شركة أمازون جيف بيزوس، لكن مقتل الصحفي جمال خاشقجي عرقل المشروع.
وذكرت الصحيفة أن الطرفين تحدثا عبر تطبيق واتساب ربيع 2018 عن قضايا عدة، ومنها أن بن سلمان اشتكى لبيزوس من شراء أمازون لشركة تجارة إلكترونية عام 2017 كانت في منافسة مع شركة أعمال مملوكة لصندوق الثروة السيادي السعودي.
وفي إحدى الرسائل النصية، عبر بن سلمان لبيزوس عن استيائه عندما سمع عن صفقة لبناء مركز بيانات في البحرين، وكتب في رسالته أن قرار أمازون بعدم اختيار المملكة لهذه الصفقة دفع المملكة إلى الدخول في تنافس مع أمازون في مجال التجارة الإلكترونية.
كما كشفت الصحيفة أن مستشارا أمنيا لولي العهد يدعى مسعد العيبان جمد صفقة مركز البيانات بحجة أن أمازون لم تكن لتوافق على السماح للمخابرات السعودية بالاطلاع على البيانات كجزء من المحادثات.
وفي 17 أبريل/نيسان 2018، أي قبل أسبوعين من لقاء بن سلمان وبيزوس في لوس أنجلوس، أخبر العيبان مسؤولين كانوا يعملون على الصفقة بعرقلتها وبعدم إخبار أمازون بهذا القرار.
وأشارت الصحيفة إلى أن بن سلمان كان على علم بهذه الخطة التي سعت لتضليل أمازون عبر الإشارة إلى وجود تأخيرات بيروقراطية، حيث كان الهدف ضمان مشاركة بيزوس في منتدى “دافوس في الصحراء” كي يظهر بن سلمان تحالفاته مع قادة الأعمال والتكنولوجيا في العالم.
وخلال صيف 2018، شجع بن سلمان بيزوس على حضور المؤتمر في أكتوبر/تشرين الأول من ذلك العام، وفق ما أظهرت الرسائل النصية.
وتقول الصحيفة إنه ليس من الواضح ما إذا كان بيزوس قد التزم رسميا بالحضور، ولكن مقتل خاشقجي -الذي كان يكتب في واشنطن بوست المملوكة لبيزوس في نفس ذاك الشهر- تسبب بانهيار المفاوضات والصفقات.
وضجت الصحافة العالمية مؤخرا بنبأ احتمال تورط بن سلمان في اختراق هاتف بيزوس، عن طريق رسالة ملغومة عبر واتساب.
وأعلن خبيران مستقلان في مجال حقوق الانسان في الامم المتحدة تلقيهما معلومات أن هاتف بيزوس جرى اختراقه من خلال حساب في تطبيق واتسآب يعود إلى بن سلمان.
وقال المقرران الخاصان في الأمم المتحدة أغنيس كالامار وديفيد كاي في بيان في جنيف إن “القرصنة المزعومة لهاتف السيد بيزوس وهواتف آخرين تستدعي إجراء تحقيق فوري من قبل السلطات الأميركية وغيرها من السلطات المعنية”.
وأضافا أن أي تحقيق في الواقعة المزعومة التي حدثت في أيار/مايو 2018 يجب أن ينظر ايضا في “المشاركة المستمرة والمباشرة والشخصية على مدى سنوات لولي العهد في الجهود الرامية إلى استهداف معارضين”.
وأعربت كالامار، المقررة الخاصة المعنية بالإعدامات التعسفية والمنفذة خارج نطاق القضاء، وكاي، الخبير في شؤون حرية التعبير، عن “قلقهما الشديد”.
وكتبا “تشير المعلومات التي تلقيناها إلى احتمال تورط ولي العهد في مراقبة السيد بيزوس في محاولة للتأثير إن لم يكن لاسكات واشنطن بوست ووقف تغطيتها حول المملكة”.
ويملك بيزوس صحيفة واشنطن بوست التي تعامل معها ككاتب رأي الصحافي خاشقجي الذي قتل في تشرين الاول/اكتوبر 2018 داخل قنصلية المملكة في الرياض.
واعتبرت السفارة السعودية على حسابها في موقع تويتر ان “التقارير الإعلامية الأخيرة التي تشير إلى أن المملكة تقف وراء اختراق هاتف السيد جيف بيزوس أمر سخيف”.
واضافت “ندعو الى إجراء تحقيق بهذه المزاعم حنى يتم الكشف عن كل الوقائع”.
وقال المقرران الأمميان الخاصان ان ظروف وتوقيت الاختراق يوفران أرضية لتحقيق موسع في “مزاعم بأن ولي العهد أمر وحرض او على أقل تقدير كان على دراية بالتخطيط” لعملية قتل خاشقجي.
وقادت كالامار العام الماضي تحقيقا خاصا توصل الى “أدلة موثوق بها” تربط بين ولي العهد السعودي ومقتل خاشقجي، وهي تهمة تنفيها المملكة بشدة.
وقال الخبيران الامميان انهما باتا على علم بنتيجة فحص هاتف “الآيفون” الخاص ببيزوس الذي جرى عام 2019، والذي توصل الى أن اختراق الهاتف تم في 1 ايار/مايو 2018 بواسطة ملف فيديو “ام بي 4” أرسل من حساب يستخدمه بن سلمان.
وأشارا الى أن بيزوس وولي العهد تبادلا رقمي هاتفيهما قبل شهر من عملية الاختراق.
وكشفت التحليلات أنه بعد ساعات من تلقي بيزوس ملف الفيديو تم رصد “سرقة غير مسبوقة” ل128 ميغابايت من البيانات من هاتف بيزوس.
واستمر الأمر على هذا المنوال ل”عدة اشهر” بمعدلات أعلى تصل الى 4,6 غيغابايت بدون أن يتم اكتشافه.
وأظهرت التحليلات الجنائية التي نقلها خبيرا الامم المتحدة أن ولي العهد بعث برسائل عبر واتسآب إلى بيزوس في تشرين الثاني/نوفمبر عام 2018 وشباط/فبراير 2019 كشف فيها معلومات عن حياة بيزوس الخاصة لا تتوفر عبر مصادر عامة.
وأشارت التحليلات الى ان القراصنة قد يكونون استعانوا ببرمجية تجسس استخدمت في قضايا تعقب سعودية أخرى مثل “برمجية بيغاسوس 3 الخبيثة” التابعة لمجموعة “ان اس او”.
وسلطت الاضواء على حياة بيزوس الخاصة مع اعلان طلاقه من زوجته في كانون الثاني/يناير 2019 بعد زواج استمر 25 عاما، والكشف من قبل صحيفة ناشونال انكوايرر انه كان على علاقة مع مذيعة الاخبار السابقة لورين شانشيز.
وأنهى بيزوس، أغنى رجل في العالم، وزوجته ماكينزي طلاقهما في تموز/يوليو عام 2019 بحيث نالت زوجته 38 مليار دولار بعد التوصل الى تسوية معها، وفق بلومبرغ.
وبعد الفضيحة قام بيزوس بالاستعانة بخدمات شركة “غافين دي باكر وشركاه” الأمنية لمعرفة كيفية تسرب رسائله الحميمة وصوره الى صحيفة ناشونال انكوايرر.
وفي آذار/مارس العام الماضي أعلنت الشركة الأمنية انها توصلت إلى أن سلطات آل سعود اخترقت هاتف بيزوس للدخول إلى بياناته الخاصة.
لكن “دي باكر” لم تحدد أي طرف من الحكومة السعودية قام بالاختراق، كما أنها لم تعط تفاصيل عن الأدلة التي قادتها إلى تحميل المملكة المسؤولية.