طالبت منظمة “نحن نسجل” سلطات آل سعود بالكشف الفوري عن مصير الصحفي تركي الجاسر صاحب حساب “كشكول” على تويتر، المختفي قسرا منذ منتصف مارس/آذار العام الماضي.
وحذرت المنظمة في بيان لها، من أن يلحق بالصحفي والمغرد السعودي تركي الجاسر ما لحق بالصحفي السعودي الآخر جمال خاشقجي الذي قتل في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول 2018 في مقر قنصلية المملكة في إسطنبول التركية.
وذكرت المنظمة أن هناك ما وصفتها بشبهات قوية وتقارير حقوقية بشأن احتمال تصفية الصحفي تركي الجاسر جسديا، مطالبة كذلك بالكشف الفوري عن مصير الداعية سليمان الدويش المختفي قسرا منذ عام 2016.
وأكدت المنظمة الدولية أن جريمة الإخفاء القسري في المملكة أخذت منحى تصاعديًّا وخطيرًا للغاية منذ صعود محمد بن سلمان إلى ولاية العهد، حيث تم اختطاف وإخفاء المئات، مع تعريضهم لأبشع صور التعذيب، إضافة إلى تهديدهم بالقتل كما قُتل خاشقجي وإلقاء جثثهم في بالوعات الصرف الصحي، وفق البيان.
وكانت قد ذكرت تقارير صحافيّة أن الصحافي والكاتب السعودي المعارض، تركي الجاسر، قتل تحت التعذيب في أحد سجون آل سعود بعد اعتقاله في مارس/ آذار من هذا العام بسبب كتاباته المعارضة في موقع “تويتر”.
وكانت سلطات آل سعود قد اعتقلت الجاسر بعد اكتشافها إدارته لحساب معارض على موقع تويتر تحت مسمى (كشكول) بناءً على معلومة وردت من أحد موظفي مكتب تويتر في دبي، بحسب ما نقلت صحيفة “ميرور” البريطانيّة.
وقالت “ميرور” إنّ الجاسر توفي تحت التعذيب، لكنّ سلطات آل سعود لم تعلّق على الخبر، مستغلةً عدم وجود تسريبات لأدلةٍ تشير لاغتياله أو حتى اعتقاله داخل البلاد.
لكنّ مغردين معارضين لنظام آل سعود، مثل عمر بن عبدالعزيز الزهراني، أحد المقربين من الصحافي الراحل جمال خاشقجي، أكّد هذه المعلومة على موقع تويتر.
ويعد الجاسر واحداً من أهم الكتاب والمفكرين المنتمين لتيار “الصحوة”، أحد أكبر التيارات الدينية في البلاد، والذي هاجمه ولي العهد محمد بن سلمان بشكل قوي وقام باعتقال رموزه في ما عرف بـ”حملة سبتمبر”، وكان من أبرزهم الدكتور سلمان العودة والدكتور عوض القرني.
وشارك الجاسر في عدد من المؤتمرات الفكرية وتنقل في كتابة المقالات المؤيدة للفكر الإسلامي في عدد من الصحف العربية. كما شارك في تحليل ظاهرة صعود الجماعات الإسلامية المتطرفة عبر عمله الصحافي.
لكنّ اعتقال سلطات آل سعود للجاسر ومداهمتها لبيته جاءا بعد اكتشافها إدارته لحساب (كشكول) على موقع “تويتر”، وهو واحد من أشهر الحسابات المعارضة للنظام في موقع التغريدات الشهير.
وتخصّص حساب “كشكول” الذي يديره الجاسر بتسريب أخبار الاعتقالات التي طاولت العشرات من المفكرين والأكاديميين.
كما هاجم قيام نظام آل سعود بفرض الضرائب على الشعب وإثقال كاهل الفقراء عبر رفع الدعم عن السلع الأساسية، بالإضافة إلى سياسات بن سلمان.
ورغم أنّ الجاسر بقي كتوماً حول هويّته، فإن السلطات استطاعت الوصول إليه، بحسب التسريبات الصحافيّة، ما يفتح الباب أمام توقع أن يكون هناك موظف مدسوس في مكتب “تويتر” العربي في دبي قام بتسريب معلومات الجاسر وتمريرها إلى سلطات آل سعود.
وجنّدت المملكة بالفعل جاسوساً داخل شركة “تويتر” لتسريب بيانات معارضين.
وكشفت صحيفة “نيويورك تايمز”، أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أنّ شركة “تويتر” اكتشفت مؤامرة محتملة للتسلل إلى حسابات المستخدمين نهاية عام 2015، عندما أخبرها مسؤولو الاستخبارات الغربية بأن السعوديين كانوا يقومون بتهيئة موظف، وهو علي آل زبارة، للتجسس على المعارضين وغيرهم، وفقاً لـ5 مصادر مطلعة طلبت عدم الكشف عن أسمائها.
تجدر الإشارة إلى أن المملكة جندت مئات الأشخاص في “لجنة إلكترونية”، لتأليب الرأي العام ضد المعارضين والمنتقدين على موقع “تويتر”.
وكان سعود القحطاني هو المسؤول عن “الذباب الإلكتروني”، علماً أنه كان أحد كبار مستشاري ولي العهد محمد بن سلمان، قبل أن يُعفى من مهامه في إطار تداعيات قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في مدينة إسطنبول التركية.
وقتل الصحافي السعودي، الكاتب في “واشنطن بوست”، جمال خاشقجي، في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، داخل القنصليّة السعودية في إسطنبول.
وبعد 18 يوماً من النفي، اعترفت سلطات آل سعود بمقتله، لكنّها قالت إنّ ذلك جاء إثر شجار، فيما قالت تركيا إنّه تم قتله وتقطيع أوصاله والتخلّص من جثّته.
وفي مقالٍ لها، في صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، قالت الناشطة السعودية منال الشريف، والتي عُرفت بسبب مشاركتها في حملة “قيادة المرأة للسيارة”، وتعيش حالياً في منفاها الاختياري في أستراليا، إنّ “تويتر” أصبح خطراً على حياتها.
وتحدثت منال الشريف عن المضايقات التي تعرّض لها المغردون السعوديون المعارضون من قبل الجيش الإلكتروني السعودي أو ما يعرف باسم “الذباب الإلكتروني”، قائلةً: “أصبح تويتر مليئًا بالمضايقات والتهديدات بالقتل والترهيب والأخبار الزائفة لنا، نحن الذين اخترنا التحدث من دون خوف في العالم العربي.
لم يقم تويتر بأي تغيير حقيقي لجعل المنصة أكثر أمانًا بالنسبة لنا، الأمر الذي دفع كثيرين ممن أعرفهم إلى مغادرة الموقع.
ورغم كل ما سبق، واصلت التعبير عن وجهات نظري. كنت أعتقد أنه على الحكومات القمعية أن تخاف لا نحن. كنت أعتقد أنّ لي صوتا ينبغي استخدامه وإيصاله”.