سجلت صادرات النفط السعودية للولايات المتحدة في أغسطس/آب الماضي أدنى مستوى لها منذ 35 عاما، بواقع 264 ألف برميل يومياً فقط وفقاً لتقديرات شركة أبحاث السلع الأساسية، “كليبر داتا”.
ويمثل حجم هذه الصادرات أقل من متوسط واردات العام 2019 بحوالي 50%، وهو ما علق عليه مدير أبحاث السلع في الشركة بقوله: “تدفقات النفط الخام السعودي المتجهة إلى الولايات المتحدة قد جفّت بشكل أساسي”، وفقا لما نقلته شبكة CNN الأمريكية.
ويؤكد عكس مسار السعودية، من إغراق الولايات المتحدة بفائض النفط الخام إلى كبح إنتاج البراميل، جهود المملكة الصارمة لإنعاش أسواق الطاقة التي شهدت ركوداً حاداً خلال تفشي وباء “كورونا”.
وكانت المملكة قد دخلت، في مارس/آذار، وأبريل/نيسان، حرب أسعار ضخمة مع روسيا، وصُممت زيادة الشحنات السعودية إلى الولايات المتحدة لإغراق السوق ومزاحمة المنتجين ذوي التكلفة العالية، بما في ذلك عمليات التكسير في نورث داكوتا وتكساس وأوكلاهوما.
وإزاء ذلك، انخفض الخام الأمريكي إلى السالب في أواخر أبريل/نيسان الماضي للمرة الأولى على الإطلاق، وتقدمت أكثر من 20 شركة نفط أمريكية بطلب إفلاس، بينما تجلس العديد من الشركات الأخرى على حافة الهاوية.
وتوصلت السعودية منذ ذلك الحين إلى هدنة مع روسيا، مهدت الطريق لخفض غير مسبوق في الإنتاج من جانب “أوبك” وحلفائها.
وقد أدت هذه التخفيضات، جنباً إلى جنب مع انتعاش الاقتصاد العالمي، إلى ارتفاع سعر النفط الخام الأمريكي من سالب 40 دولاراً للبرميل في أواخر أبريل/نيسان إلى 43 دولاراً اليوم.
ومن المقرر أن يصل عدد قليل من السفن التي تحمل الخام السعودي إلى الولايات المتحدة قبل أكتوبر/تشرين الأول المقبل، كما أن واردات سبتمبر/أيلول من المملكة العربية السعودية في طريقها للانخفاض بنسبة 47% لتبلغ 140 ألف فقط، وفقاً لتقديرات “كليبر داتا”.
هذا ويستمر التدهور الشديد في مكانة المملكة بين موردي النفط على خلفية السياسات الطائشة لولي العهد محمد بن سلمان وتداعيات حرب اليمن.
ولم تقتصر حرب أسعار النفط على الخسارة الآنية فقط، بل تعدت لفقدان المملكة أسواقا عالمية.
وأظهرت بيانات إحصائية، خسارة المملكة لأسواق الصين، لتصبح روسيا أكبر مصدر للنفط.
وتراجعت صادرات الخام السعودية للصين في يوليو/تموز لتفقد المملكة موقعها كإحدى أكبر دولتين تصدران الخام للصين لأول مرة منذ عامين، عقب خفض تاريخي للإنتاج؛ لمواجهة انخفاض الطلب على الوقود وأسعاره بسبب جائحة كوفيد-19.
وأظهرت بيانات الإدارة العامة للجمارك أن السعودية شحنت 5.36 مليون طن للصين الشهر الماضي، ما يوازي 1.26 مليون برميل يوميا، مقارنة مع 8.88 مليون طن في يونيو/حزيران، و6.99 مليون طن في يوليو/تموز العام الماضي.
وشحنت روسيا، التي تصدرت الموردين للصين في يوليو/تموز، 7.38 مليون طن ما يوازي 1.74 مليون برميل يوميا، في حين جاء العراق في المركز الثاني، وبلغت صادراته للصين 5.79 مليون طن.
وتخطت روسيا المملكة لتصبح أكبر مصدر للنفط الخام إلى الصين في إبريل/ نيسان، حسب ما أظهرته بيانات الجمارك، إذ ارتفعت الصادرات 18 في المائة عنها قبل عام مع اقتناص شركات التكرير للمواد الخام بأسعار رخيصة وسط حرب أسعار بين المنتجين.
وبلغت الشحنات الروسية 7.2 ملايين طن خلال إبريل، بما يعادل 1.75 مليون برميل يوميا، وفقا للأرقام الصادرة عن الإدارة العامة للجمارك، مقابل 1.49 مليون برميل يوميا في إبريل/ نيسان 2019 و1.66 مليون برميل يوميا في مارس/ آذار.
وبناء على ذلك، تعاني “أرامكو” – أكبر شركة نفط في العالم – من تراجع أرباحها بنسبة 73.4% بالربع الثاني من عام 2020، مقارنة بالربع المماثل من 2019.
جاء ذلك، بسبب انخفاض أسعار النفط الخام، وتدني هوامش الربح في أعمال التكرير والكيميائيات، وفق بيانات صادرة عن الشركة السعودية.
ووفق البيانات التي نشرتها شركة أرامكو على سوق الأسهم السعودية “تداول”، سجلت الشركة صافي ربح بعد الزكاة والضريبة، بلغ 24.62 مليار ريال (6.57 مليارات دولار)، مقابل 92.59 مليار ريال (24.69 مليار دولار) للربع الثاني من عام 2019.
وعلى أساس ربعي، تراجعت أرباح الشركة نحو 60.6%، مقارنة بأرباح الشركة بالربع السابق، التي بلغت 62.48 مليار ريال (16.66 مليار دولار)، مقابل 83.29 مليار ريال (22.21 مليار دولار)، للفترة نفسها من العام الماضي.
وبدأت “أرامكو” في يونيو المنصرم، بتسريح موظفين وبحثت عن استدانة ضخمة لتوزيع أرباحها على المستثمرين، وذلك في انعكاسات خطيرة يشهدها عملاق النفط بفعل سياسيات ولى العهد محمد بن سلمان وأزمة كورونا.
ويتجاوز عدد موظفي “أرامكو” نحو 70 ألف موظف، وقالت تقارير إنها شطبت نحو 500 وظيفة.
وسبق أن أعلنت “أرامكو” خلال 2019، عن تراجع أرباحها السنوية بنسبة 20.6% لتصل إلى 88.2 مليار دولار، بسبب انخفاض أسعار الخام ومستويات الإنتاج.