فضائح السعودية

محمد بن سلمان صاحب رؤية اقتصادية إبداعية.. حقائق تفضح المستور

تستند دعاية محمد بن سلمان من قبل استيلائه على السلطة أنه صاحب رؤية اقتصادية وأهم معالم هذه الرؤية هو الاستغناء عن النفط بحلول ٢٠٣٠ وتنويع مداخيل الاقتصاد السعودي وجعل المملكة مركزاً للسياحة من خلال عدة مشاريع وأهم هذه المشاريع هو المدينة المزعومة “نيوم”.

وقد صعد محمد بن سلمان للمشهد بعد وفاة الملك عبدالله كوزير للدفاع في البداية بعد أن كان موظف في المرتبة السادسة على حد زعمه في لقاء تم تلفيقه كأنه مسرب.

وتكثفت الأضواء المصطنعة حول محمد بن سلمان وتقديمة للرأي العام المحلي في المقام الأول كعراب ومصلح سياسي وشاب قوي لديه رؤية إصلاحية واقتصادية وانتشال السعودية من الحكم التقليدي إلى حكم يواكب العالم اقتصادياً.

وأبرزت صحيفة “صوت الناس” المعارضة خروج محمد بن سلمان في عدة لقاءات في البداية في أول لقاء إعلامي له ويتحدث بلغة عفوية مع تركي الدخيل وفي لقاء أخر مع داود الشريان.

وقد كانت هذه اللقاءات تتسم بالتطلعات الجريئة والغير واقعية من الأساس وخصوصا في الاستغناء عن النفط. وهذه نقطة جوهرية تكشف للمتابع صياغة وهندسة الوهم السياسي من خلال تكثيف الدعاية السياسية المضللة والأحادية حول رؤية محمد بن سلمان.

مع الوقت تحولت هذه الرؤية إلى طريق ذو اتجاه واحد وخصوصاً بعد أن أزاح محمد بن سلمان أبن عمه محمد بن نايف وصعد على العرش السياسي كولي عهد وملك محتمل لأول حفيد من أبناء الملك عبدالعزيز. حيث تكثفت المؤتمرات الاقتصادية والمبادرات التنموية برعاية شخصية من محمد بن سلمان، كالذي وضع كل ما يملك في سلة واحدة وهو الرهان المجازف على صندوق الاستثمار وبناء مدينة جديدة أسمها نيوم وتحويل ما حولها إلى مزارات سياحية.

من ناحية اقتصادية بحته بعيداً عن التحيزات السياسية، نجد التالي أن الدين المحلي والخارجي ما بين ٢٠١٥ إلى ٢٠٢٤، أرتفع من ١٤٢.٢ مليار ريال سعودي ( ٣٧.٩دولار دولار ) إلى ١٫٢١٥.٩ مليار سعودي (٣٢٤.٢ مليار دولار).

أي أن هناك أكثر من ٣٠٠ مليار دولار هي مجمل الديون التي راكمها محمد بن سلمان منذ قدومه للسلطة إلى أخر نهاية العام الماضي. وهذا ما ترتب عليه إعلان عجز مالي في الربع الأول من الميزانية. وهذا الإعلان مخيف لأن السلطة لم تكن شفافة من قبل، وهو مؤشراً على إعادة الترتيبات الاقتصادية والمالية للدولة.

وأول هذه الترتيبات إعلان التراجع هو إقرار بعض الضرائب وفرض رسوم على العديد من الخدمات، وتقليص الدعم الحكومي الذي استمر عقود طويلة لمشتقات النفط والطاقة والسلع الأساسية التي أضحت اليوم ذات أسعار تضاعفت ١٠٠ في المئة.

ومع الوقت وخصوصاً العام الماضي بعد مرور ٥ سنوات على إطلاق الوهم الاقتصادي أعلنت الحكومة عن تحجيم بعض المشاريع بما فيها نيوم، التي انكمشت من ١٧٠ كيلو وتستوعب ٩ ملايين نسمة إلى ٢ ونصف كيلو وتستوعب ٣٠٠ ألف نسمة.

وهذا الإعلان هو بمثابة إعلان دخول مشاريع محمد بن سلمان إلى حالة الموت الدماغي الذي يصيب بعض البشر ثم يعلن عن وفاة رسمية. لكن الكبر والأنانية وعدم الإقرار بالواقع هو سمة ملازمة لمحمد بن سلمان. فأول كوارث محمد بن سلمان هو أنه أوهم الرأي العام المحلي بأنه صانع نهضة، مع أن معرفة بسيطة في الاقتصاد وحال الدولة تنبئك بأن ما يقوله مجرد “خرابيط” مع جنون العظمة.

اليوم وخصوصا ونحن في الربع الأول من عام ٢٠٢٥ أمام إعلانات مفصلية في مسيرة محمد بن سلمان، فمن الترقب عن إعلان وفاة سلمان، إلى تتويج محمد بن سلمان ملك، إلى نهاية الوعد الاقتصادي المزعوم إلى أخذ المجتمع إلى تحديات جديدة تنهك ما تبقى من كاهل المواطنين.

وأول بوادر هذه التراجعات هو ما تم إعلانه من قبل مؤسسة النقد الدولي في نهاية عام ٢٠٢٤، حيث أوصى التقرير ب خمسة نقاط أساسية:

١- فرض الضرائب على الممتلكات ودراسية إمكانية ضريبة الدخل. حيث أكد التقرير على أن فرض الضرائب أحد أدوات انقاذ الاقتصاد السعودي وخصوصا مع توقع نزول أسعار النفط. حيث أكد التقرير أن هناك موائمة يمكن من خلالها فرض ضريبة الدخل من خلال تحوير مفهوم الزكاة كضريبة إلزامية.

٢- ضبط الانفاق العام وهو ما نراه من تقليص عدد المؤسسات الحكومية.

٣- تطوير سياسات لضبط الانفاق المالي.

٤- دعم سياسات سوق العمل لزيادة الإنتاجية مع التركيز على التوسع في مشاركة المرأة.

٥- تعزير خصخصة الاقتصاد. ولأن تقارير صندوق الدولي كارثية على الدول النامية ودائما ما تؤدي إلى نتائج عكسية، وهو وحال محمد بن سلمان مع صندوق النقد الدولي كالمستجير من الرمضاء بالنار. فمعظم هذه التوصيات عبثية وهي تمت عبر شراكة مشؤمة بين ووزارة المالية السعودية وصندوق النقد الدولي.

لهذا سوف يكون عام ٢٠٢٥ حاسم في فضح سياسات محمد بن سلمان الاقتصادية من تلقاء نفسها، فهو لن يكون قادر على الوفاء بأي شيء وعد به، وسوف يكون هناك انكماش اقتصادي.

كما توقع التقرير بسبب تقلبات سوق النفط، والانفاق الضخم والديوان التي تراكمت على الدولة دون أي سبب.

ختاماً محمد بن سلمان مراهق وتافه في ذات الوقت، فهو يأخذ المجتمع بكل أمواله وخيراته ومقدراته إلى المنطقة الصعبة في إنهاك الاقتصاد المحلي وتدمير المؤسسات المالية وتفكيك المؤسسات الحكومية وبناء مدينة وهمية وتصديق هذه الكذبة عبر الترويج الرخيص لها بأنها سوف تكون مزاراً سياحياً.

وإذا كان محمد بن سلمان جاداً، فلماذا لا ينتقل هو إلى تلك البقعة الصحراوية والحارة ويعيش فيها وينقل مؤسسات الدولة إلى تلك المنطقة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى