تفضح شكوى العمل القسري المقدمة من الاتحاد الدولي لعمال البناء والأخشاب (BWI) انتهاكات السلطات السعودية لحقوق العمال المهاجرين في ظل طموحات رؤية 2030 التي يروج لها ولي العهد محمد بن سلمان.
والشكوى المرفوعة من اتحاد يضم 12 مليون عضوًا، يعد تحذيرًا صارخًا للسلطات السعودية والشركات والمستثمرين بشأن انتهاكات العمال المهاجرين المتوقعة والقابلة للتجنب والتي تشوه الخطة الاقتصادية الطموحة للمملكة.
وتم تقديم الشكوى في 5 يونيو 2024، بموجب المادة 24 من دستور منظمة العمل الدولية، وتسلط الضوء على الظروف الاستغلالية في المعيشة والعمل التي يواجهها 13.4 مليون عامل مهاجر في المملكة العربية السعودية.
وتشمل القضايا الأكثر إلحاحًا انتشار سرقة الأجور، وظروف العمل السيئة، وعدم تنفيذ معاهدات العمل الدولية التي صادقت عليها المملكة العربية السعودية.
وتتضمن الأدلة التي قدمها الاتحاد الدولي لعمال البناء والأخشاب شهادات من 193 عاملاً مهاجرًا تشرح بالتفصيل الانتهاكات مثل القيود على الحركة، والترهيب، واحتجاز وثائق الهوية، وعبودية الدين، والعمل الإضافي المفرط.
وتتفاقم هذه الظروف بسبب عدم قدرة العمال على ممارسة حقوقهم في الحرية النقابية والمفاوضة الجماعية، مما يثير تساؤلات جدية حول التدابير المتخذة لمعالجة هذه القضايا.
ويعد نظام الكفالة في السعودية، الذي يمنح أصحاب العمل سيطرة مفرطة على تنقلات العمال ووضعهم القانوني، مسؤولًا في هذه الانتهاكات.
وفقًا لمسح أجراه BWI، فإن 63 بالمائة من العمال المهاجرين لا يستطيعون إنهاء عملهم بحرية، و85 بالمائة من العمال المديونين لا يمكنهم مغادرة وظائفهم، و46 بالمائة يبلّغون عن تأخير أو حجب الأجور. تبرز هذه الأرقام الحاجة الملحة إلى الوعي واتخاذ الإجراءات اللازمة.
يعد توقيت هذه الشكوى حاسمًا بشكل خاص لأنه يسبق قرار الفيفا في يوليو بشأن العرض الوحيد للسعودية لاستضافة كأس العالم 2034، والذي يتجاهل بشكل صارخ قواعد حقوق الإنسان ومتطلبات العناية الواجبة للفيفا.
وبحسب الأوساط الحقوقية يجب أن يكون تاريخ الفيفا في التغاضي عن انتهاكات حقوق الإنسان، لا سيما خلال كأس العالم 2022 في قطر، والذي مُنح دون العناية الواجبة لحقوق الإنسان المناسبة وأدى إلى استغلال العمال على نطاق واسع، بمثابة درس تحذيري.
واجهت قطر شكوى عمالية في 2014، وعلى الرغم من بعض الإصلاحات، لم تؤخذ الشكوى بجدية كافية، مما أدى إلى إساءات شديدة أسفرت عن وفيات بين العمال. تشير الشكوى الأخيرة المقدمة من منظمة العمل الدولية ضد السعودية إلى مسار مماثل لا ينبغي السماح له بالاستمرار.
علاوة على الفيفا، تعتمد المشروعات الضخمة مثل مدينة نيوم المستقبلية، التي تعد جزءًا من رؤية السعودية 2030، بشكل كبير على القوى العاملة المهاجرة. ومن دون تحسينات كبيرة في حماية العمال، فإن هذه المشروعات تخاطر باستمرار دورة الإساءة والاستغلال.
وأكدت الأوساط الحقوقية أنه يتعين على الشركات الدولية المشاركة في هذه المشروعات إجراء تحقيقات دقيقة لضمان عدم مساهمتها في هذه الانتهاكات أو تفاقمها.
بالإضافة إلى ذلك، يجب على الدول التي لديها اتفاقيات استثمار تجاري مع السعودية، مثل الولايات المتحدة، استخدام نفوذها للضغط على الحكومة السعودية للقضاء على انتهاكات حقوق الإنسان.
والأهم من ذلك، يجب على السلطات السعودية أن تفحص بجدية نظام الكفالة وتولي إصلاحه الأولوية على الجهود السطحية لتحسين صورتها العالمية.