شكوك أمريكية بشأن قدرات المملكة في مواجهة إيران

برزت تقارير إعلامية متطابقة تتحدث عن شكوك أمريكية بشأن قدرات نظام آل سعود على صد أي هجمات من إيران على خلفية التوتر الحاصل بين واشنطن وطهران.

وتحمل التوترات الحاصلة الكثير من التداعيات في منطقة الخليج العربي، ولا سيما فيما يخص المملكة اتي يخشى أن تكون أولى ساحات الانتقام التي قد تعمد إيران أو مليشياتها إلى ضربها انتقاماً من أمريكا البعيدة أو التي لا تجرؤ على استهدافها أو استهداف مصالحها القريبة بشكل مباشر.

ولكن السؤال الذي يتبادر إلى ذهن أي متابع للشأن السعودي هو عن مدى فعالية الأسلحة الدفاعية التي تشتريها المملكة سنوياً من الولايات المتحدة بشكل خاص، ودول أوروبا والصين وروسيا عموماً، لحماية حدودها ومرافقها الحيوية بشكل يبقيها آمنة في ظل أي استهداف يمكن أي يحصل من قبل إيران أو أذرعها.

وبعد مقتل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، مع مجموعة من قيادات الحشد الشعبي (مليشيات عراقية موالية لإيران) في غارة للولايات المتحدة الأمريكية بالعاصمة العراقية بغداد، في 3 يناير 2020، أصدرت واشنطن تنبيهاً أمنياً لرعاياها في السعودية.

ونشرت السفارة الأمريكية في الرياض، وفق شبكة “سي إن إن”، تحذيراً من احتمالية مهاجمة طائرات دون طيار أو التعرض لهجوم صاروخي.

وأوضحت السفارة أن لديها نظام صافرات للإنذار من الدفاع المدني السعودي، مستدركة: “قد لا يكون هناك تحذير مسبق من هجوم صاروخي أو طائرة من دون طيار”.

هذا التحذير ليس الأول من نوعه أمريكياً، فقد حثت واشنطن رعاياها أكثر من مرة على “توخي المزيد من الحذر” لدى السفر إلى السعودية، كان آخر ذلك في سبتمبر 2019، بعد استهداف منشآت أرامكو النفطية بطائرات مسيرة وصواريخ.

وأعربت الوزارة عن اعتقادها بإمكانية “شن الإرهابيين هجمات تستهدف أماكن سياحية، ومراكز مواصلات وتجارية، ومنشآت حكومية”.

ونصحت الوزارة المواطنين الأمريكيين بعدم السفر إلى مسافة 80 كم من الحدود مع اليمن جنوبي السعودية، بسبب “الإرهاب والاشتباكات المسلحة”.

وهذا يعني، بحسب متابعين للشأن السعودي، أن إمكانيات الرياض الدفاعية غير موثوق بها أمريكياً، ويشير إلى إمكانية حصول استهداف إيراني انتقامي ضد أهداف في المملكة بعد مقتل سليماني.

ويعتقد محللون أن سبب تحذير الولايات المتحدة لرعاياها في المملكة يأتي في ظل استهدافات سابقة لإيران للمملكة من أجل إيصال رسائلها، وهذا ما يفسر أيضاً اللغة الدبلوماسية التي انتهجها نظام آل سعود منذ قتل سليماني ولحد الآن بدعوته إلى خفض التصعيد بين الطرفين.

وكل المراقبين للأزمة الناشئة بين طهران وواشنطن يرجحون أن الرد الإيراني على الولايات المتحدة سيكون باستهداف حلفائها بالمنطقة، والمملكة تأتي على رأس حلفائها؛ وذلك من خلال الإيعاز إلى مليشياتها ووكلائها في اليمن (مليشيات الحوثي) باستهداف منشآت نفطية أو غير نفطية في المملكة.

والمملكة رغم كل تلك الترسانة العسكرية التي تمتلكها لم تستطع أن تحسم حرب اليمن، رغم أن عدوها ليس بجيش إنما هو عبارة عن مليشيا قبلية لا ترتقي لأن تكون قوتها كقوة جيش نظامي.

وهناك خيار مستبعد لإيران وهو أن تقوم الخلايا النائمة التابعة لها باستهداف أشخاص داخل المملكة من حملة الجنسية الأمريكية، وليس شرطاً أن يكون هؤلاء الأشخاص الأمريكيون مهمين، إنما فقط استهداف أمريكيين لكي تتخلص إيران من الحرج الذي يمكن أن تقع فيه إذا لم ترد على مقتل أحد جنرالاتها.

وأنفق نظام آل سعود وما زال ينفق، عشرات أو ربما مئات مليارات الدولارات على شراء الأسلحة الدفاعية والردعية لتنقذ نفسها من الهجمات الصاروخية التي تطالها منذ عام 2015، إبان دخوله في حرب اليمن، بمشاركة الإمارات، ضد مليشيا جماعة الحوثي المدعومة من إيران.
وكان فشل تلك الدفاعات بارزاً في الهجمات التي حصلت في منتصف سبتمبر 2019، ضد منشآت أرامكو النفطية شرقي المملكة من قبل إيران التي سارعت إلى نفي ذلك في ظل تبني جماعة الحوثي للعملية؛ إلا أن واشنطن نشرت دلائل على ضلوع طهران في استهداف المنشآت.

وأظهر قصف المنشآت بـ10 طائرات مسيّرة عجز السعودية عن وقف الخطر القادم من مليشيا وليس دولة، رغم صفقات الأسلحة التي أبرمتها وحصلت عليها بمليارات الدولارات.

وفي ظل ذلك عرض الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الحماية للسعودية من الهجمات، مع سخرية بدت واضحة من قبل نظيره الإيراني حسن روحاني، ووزير خارجيته محمد جواد ظريف، حيث دخلا في نوبة ضحك، استهزاءً بالمملكة وعدم قدرتها على حماية نفسها، وتلقيها العروض الخارجية.

وقال بوتين، على هامش قمة مع نظيريه؛ التركي رجب طيب أردوغان، والإيراني، في أنقرة: “نحن مستعدون لتقديم المساعدة إلى السعودية لحمايتها بلاداً وشعباً”.

وأضاف: “سيكون كافياً أن تتخذ القيادة السعودية قراراً حكومياً حكيماً، كما فعل قادة إيران بشراء منظومة إس-300 والرئيس أردوغان بشرائه منظومة إس-400 للدفاع الجوي من روسيا، حينها سيكون بإمكانهم حماية أي منشأة في السعودية”، ثم ضحك الرئيس الإيراني ساخراً!.

ومع اقتراب حلول خمسة أعوام على الحرب الدائرة باليمن، لا يزال الكثير من المدن السعودية ومنشآتها النفطية تحت تهديد الصواريخ الباليستية التي تطلقها جماعة الحوثيين في اليمن.

واللافت أن الفشل السعودي الأكبر يكمن في عدم التصدي عسكرياً لأسلحة الحوثيين المتواضعة، رغم امتلاك الرياض ترسانة من المنظومات الأمريكية العسكرية المتطورة.

وفي يونيو 2019، قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية إن هجمات الحوثيين بالصواريخ والطائرات المسيَّرة كشفت نقاط ضعف في الدفاعات الجوية لدى السعودية التي تعتمد نظام باتريوت الأمريكي، وتعد ثالث أكبر دولة في العالم من حيث الإنفاق العسكري.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول سعودي، رفض الكشف عن اسمه، قوله: إن “الأحداث الأخيرة أظهرت أن البلاد مكشوفة من حيث نظام الدفاع الصاروخي”.

وفي الأشهر الأخيرة كثف الحوثيون من إطلاق صواريخ عبر الحدود مع السعودية، وشنوا هجمات بواسطة طائرات مسيرة، مستهدفين قواعد عسكرية جوية ومطارات سعودية ومنشآت أخرى، مؤكدين أن ذلك يأتي رداً على غارات التحالف في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة باليمن.

وفي سبتمبر الماضي، أشارت دراسة لمركز خدمة أبحاث الكونغرس إلى أنه ومنذ زيارة ترامب للرياض في مايو 2017، تم الاتفاق على كثير من صفقات بيع الأسلحة، التي طلب على إثرها البيت الأبيض من الكونغرس الموافقة على عدد منها، وأهمها: “سبع بطاريات دفاع جوي من طراز ثاد قيمتها 13.5 مليار دولار، 104 قذائف يتم إسقاطها من الجو من نوع GBU-10 قيمتها الإجمالية 4.46 مليارات دولار، دعم متكرر وتقوية لبطاريات منظومة الدفاع الجوي من طراز باتريوت قيمتها 6.65 مليارات دولار”.

وتشمل الصفقات أيضاً، وفق الدراسة، “23 طائرة نقل عسكري من طراز C-130J إضافة لبرامج صيانة ودعم، وثماني طائرات من طراز F-15 تبلغ قيمتها 6.36 مليارات دولار”.

كما تضم “فرقاطة تصنعها شركة لوكهيد مارتن لصالح القوات البحرية السعودية قيمتها ستة مليارات دولار، وقنابل ذكية قيمتها سبعة مليارات دولار”.