أثارت تصريحات محافظ صندوق الاستثمارات العامة السعودي حول المحادثات مع شركات عالمية لجذبها إلى المملكة، شكوكا واسعا بنجاح تلك الجهود.
ويقول مسؤولون سعوديون إن الشركات العالمية ترفض الإغراءات السعودية المالية من أجل فتح مقراتها في العاصمة الرياض.
وتخشى الشركات العالمية – بحسب المسؤولين – الملاحقة القضائية على خلفية جرائم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والقصف المتبادل بين السعودية والحوثيين.
وقدمت السعودية حوافز كبيرة لهذه الشركات تشمل إعفاء ضريبيًا لمدة 50 عامًا.
والتنازل عن حصص توظيف السعوديين – والتي ثبت أنها عبء على الشركات – وضمانات الحماية ضد اللوائح المستقبلية.
ويسعي صندوق الاستثمارات العامة السعودي إلى استغلال قدراته المالية؛ لجذب شركات عالمية في مجال الصحة والتكنولوجيا لنقل عملياتها وإقامة منشآت لها في المملكة.
جاء ذلك حسبما، أفاد محافظ صندوق الاستثمارات العامة السعودي، رئيس مجلس إدارة شركة أرامكو السعودية، ياسر الرميان في مقابلة مع صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية.
وقال الرميان إن صندوق الاستثمارات العامة (الذي تقدر أصوله بنحو 400 مليار دولار)، يجري مناقشات في الوقت الحالي مع عدد من الشركات في قطاع الصحة.
وأضاف أن الصندوق يجري محادثات مع شركة لوسيد موتورز الناشئة لصناعة السيارات الكهربائية لإنشاء مصنع لها بالمملكة.
وأشار إلى أن الصندوق استثمر 1.3 مليار دولار بالشركة للاستحواذ على حصة 67% من أسهمها.
وكشف الرميان عن محادثات مع صندوق “رؤية سوفت” (صندوق استثماري سعودي – ياباني) لجلب عدد من شركات التكنولوجيا بمحفظته للمملكة.
وخصص ولي العهد محمد بن سلمان صندوق الاستثمارات العامة باعتباره نقطة ارتكاز لخطط ضخمة لتطوير المملكة وإنشاء صناعات جديدة تقلل الاعتماد على النفط.
وتستهدف المملكة رفع أصول الصندوق إلى تريليوني دولار بحلول 2025.
عراقيل ومعيقات
لكن في المقابل تكافح المملكة من أجل جذب الاستثمارات خارج قطاع الطاقة.
وتعهد الصندوق بضخ 40 مليار دولار استثمارات في الاقتصاد المحلي سنويا على مدى السنوات الخمس المقبلة.
وفى الفترة الأخيرة، تساءل محللون عن كيف سيقوم الصندوق الاستثمارات العامة بتمويل التزاماته الضخمة.
ولا سيما في ظل تضرر السعودية من جائحة كورونا وانخفاض أسعار النفط.
وتعليقا على ذلك قال الرميان إن التمويل سيأتي من مزيج من القروض والأرباح الناتجة عن الأسهم التي يمتلكها الصندوق، بخلاف السيولة النقدية الحكومية.
ونوه الرميان أيضا إلى وجود خطة لخصخصة الشركات السعودية ابتداء من هذا العام.
وفى العام الماضي، تلقي صندوق الاستثمارات العامة 40 مليار دولار من الاحتياطات الأجنبية للبنك المركزي.
وكان المستفيد الرئيس من إدراج شركة أرامكو في سوق الأسهم في ديسمبر/ كانون الأول 2019، حيث تم جمع 29 مليار دولار.
وقالت الصحيفة إن “الرميان” يصر أن صندوق الاستثمارات العامة لا يزاحم القطاع الخاص في المملكة.
وأضاف الرميان، وهو أيضا رئيس مجلس إدارة شركة أرامكو، أن الرياض تدرس إدراج المزيد من أسهم أرامكو إذا كان التقييم صحيحاً.
وأضاف “الرميان” أن صندوق الاستثمارات العامة سيحتاج إلى ضخ نقدي إضافي من الحكومة.
لكنه أصر على أن هذا لن يحدث إلا عندما يتم تجديد احتياطيات البنك المركزي، التي انخفضت إلى حوالي 444 مليار دولار منتصف العام الماضي
ورفض المخاوف من أن أرامكو السعودية، التي كانت حجز الأساس للاقتصاد، تواجه خطر تحولها إلى آلة نقدية لصندوق الاستثمارات السيادي.
وعقب: “لدينا خطط خاصة في كلتا الشركتين.. ولن يُسمح أبدا لطرف بممارسة الضغط على الطرف الآخر”.
مخاوف القطاع الخاص
وكجزء من جهود تنويع الاقتصاد، أنشا صندوق الاستثمارات العامة أكثر من 30 شركة محلية على مدى السنوات الثلاث الماضية.
وشملت قطاعات بدءا من الدفاع إلى إعادة تدوير النفايات.
كما يشرف على تطوير ثلاث مشاريع ضخمة وهي مدينة نيوم بقيمة 500 مليار دولار، ومشروع القدية وهو مجمع رياضي وترفيهي بأكثر 15 مليار دولار.
ومشروع سياحي آخر على البحر الأحمر من المتوقع أن يتكلف 10 مليار دولار.
وفي غضون ذلك، أثار الصندوق انتقادات بأنه يزاحم القطاع الخاص بالسيطرة على الاقتصاد المحلي.
ونقلت “فاينانشيال تايمز” عن محلل خليجي قوله: “إنهم يزيدون المخاطر ونفوذ الدولة على حساب القطاع الخاص”.
وأضاف: “يعتقدون أن الحل لمشاكل السعودية هو صندوق الاستثمارات العام لكن لم ينجحوا في إثبات ذلك بعد”.
وفي المقابل يصر الرميان أن صندوق الاستثمارات العامة يقوم برعاية القطاع الخاص وقال “نحن نمهد الطريق لهم”.