يسيطر التهور والسلوك الشاذ على شخصية محمد بن سلمان ولي العهد وهو ما انعكس جليا على سياساته القائمة على البطش والتهور والسعي بكل الطرق.
وكثيراً ما كانت حياة الأمراء الخاصة في السعودية غامضة لا يعرف عن اسرارها إلا القليل، فكيف إذا كانت الحياة التي يدور الحديث حولها تتعلق بشخص مثل بن سلمان يرتاب من كل شيء ولا يثق بأي أحد.
وقد نشأ ولي العهد في بيئة متاح فيها الوصول لكل شيء دون تقديم أي شيء، حيث تزامنت نشأته مع شيوع الإعجاب وتقليد النمط الغربي في الحياة لدى بعض شباب الطبقات الثرية.
واعتاد محمد بن سلمان على تناول الوجبات السريعة وانغمس في ألعاب الفيديو وعاش في عالم أفلام هوليوود، لكن هذه المرحلة المهم من حياته لم تكن عادية فملامح شخصية الأمير الحالية تشكلت في هذه المرحلة بعد أن لاحظ قلة حجم ثروة والده مقارنة ببقية أعمامه وأقاربه وأن فرصه في نيل منصب مهم تكاد تكون مستحيلة.
لذلك ومنذ أيامه الأولى في الديوان الملكي انشغل بن سلمان باستغلال ثقة والده به فأحاطه بالديوان برجال يرسمون شكل حياة الملك ويتحكمون بها ويقررون بمن يلتقي وما هي المعلومات التي تمرر له.
ومن أبرز هؤلاء المسئولين بندر بن حمود الرشيد سكرتير محمد بن سلمان، وتميم عبد العزيز السالم مساعد سكرتير الملك.
ثم استفرد ب بن سلمان بوالده الملك عائلياً فأبعد كل من يمكن أن يؤثر عليه حتى طال ذلك والدته الأميرة فهدة ال حثلين التي نجح بحجرها لسنتين في قصر سلطان في آبها وضم إليها لاحقاً ثلاثةً من خالاته.
وأشاع بن سلمان بين أفراد العائلة أن والدته حاولت عمل سحر للملك وبدأ في اختلاق نزاعات عائلية لإبعاد إخوانه عن أبيه، فتحدث بالسوء عن طليقة والده الأميرة سارة بين فصل أبو اثنين وشهر بها في مجالسه الخاصة والعامة وفي الإعلام عبر الذباب الإلكتروني، علما أنها والدة الأمير سعود بن سلمان.
وعمد بن سلمان إلى تقليل فرص لقاء إخوانه بوالدهم منهم اولئك الذين يرفعون صور ولي العهد إلى جانب الملك في المجالس الخاصة كالأمير فيصل بن سلمان والأمير بندر المعتقل حالياً.
كل ذلك جعل من محمد بن سلمان الوحيد المُطاع لكن ذلك زرع فيه الخوف والشك الدائمين بمن حوله ضمن هاجس امتلاك السلطة الذي يسيطر عليه.
وقد تفشى في بن سلمان القلق الشديد على مصيره فقل نومه وبات يشك بمعظم من حوله، ولجأ لولي عهد أبوظبي محمد بن زايد طالباً الاستعانة به في ملفات الدولة الحساسة.
ووجه بن زايد نظيره بن سلمان باستبدال حرسه الشخصي بآخرين من مرتزقة “بلاك ووتر” ووصل منهم 150 مقاتلاً في نفس الأسبوع الذي جرى فيه إبعاد ولي العهد الأسبق محمد بن نايف عن ولاية العهد.
ثم توالى قدوم المرتزقة ليصبح عددهم ألف مقاتل في صفقة قدرت قيمتها بمليار دولار حيث ألقى عليهم بن سلمان مسؤولية أمنه الشخصي وتنفيذ عملياته الأمنية السرية كبديل عن المؤسسة الأمنية الرسمية التي فقد ثقته بها وينظر إليها على أنها موالية للأمراء الأقوياء.
إضافة لذلك فقد شيد بن سلمان سجناً سرياً في منطقة القدية ووضع فيها أمراء مهمين وضباطاً تربطهم صلات وثيقة بولي العهد المعزول محمد بن نايف.
يعرف عن بن سلمان أنه مستبد برأيه يقرب من يطيعه فقط ويمنع بصرامة من يحيطه من انتقاد أفكاره حتى أنه وجد سيلاً من الشتائم تجاه الوزير علي النعيمي بعدما اقترح رأياً مخالفاً له مما اضطره للاستقالة.
ولا يتوان بن سلمان عن توبيخ كبار المسؤولين بشكل عنيف أمام حرسه الشخصي، إذ أن ولي العهد يتخيل نفسه بأنه سيحقق إنجازاً كإنجاز جده المؤسس ولا يسمح لأحد بانتقاده حتى أنه يقضي ساعات طويلة تصل إلى 4 ساعات يوميا على تويتر في مراقبة من يمدحه ومن ينتقد مشاريعه.
ويتأثر بن سلمان كثيراً بمن يصف بأنه أداة في يد بن زايد يستخدمه كيفما يشاء ويتخذ قرارات بشأن الكتّاب والمغردين من خلال ما يكتبوه عنه في تويتر.
وعن حياته اليومية، فإن بن سلمان يقضي في قصر “عرقة” معظم وقته، وهو مكان إقامة وعمل له يلتزمه معظم أيام الأسبوع ويستضيف فيه المسؤولين والوفود تحت حراسة مشددة من الحرس الملكي ومرتزقة بلاك ووتر.
وقد زود بن سلمان القصر بتقنيات أمان عالية تحمي من بداخله في حالة حصول أي اختلال أمني ولا يلتقي ولي العهد بأحد إلا بعد المرور بثلاث غرف تفتيش إحداها تُدار من بلاك ووتر، يجرد فيها الضيوف القادمين من كل شيء حتى الأقلام.
وهذه الأجواء المريبة التي يشيع فيها الرعب أضاف إليها بن سلمان تشييده لقاعات وغرف تحت الأرض مُعدة خصيصاً ضد قصف الطائرات واختراق الصواريخ ومزودة بتقنية عالية وبوابات إلكترونية.
ورغم أن قصره بمثابة مقر أمني، إلا أن بن سلمان لم ينقطع عن عادته السابقة بهوسه الشديد بتناول الهمبرغر حتى وضع في مقر إقامته مطعم ماكدونالدز خاص به اضطره ذلك لاحقاً إجراء عملية تكميم للمعدة خوفاً من تغير جسمه وازدياد البدانة فيه.
وعلى خلاف عدة أمراء مشهورين للعامة بمجونهم وسكرهم إلا أن بن سلمان لم يُعرف عنه ذلك إلا بعد توليه الحكم وانغماسه بالسلطة.
إذ استفتح حكمه بحفلة ضخمة أقامها في جزر المالديف وامتلك كازينو في حي الخالدية في جدة تضم أجود انواع الخمور وتقام فيها جلسات ماجنة، كما أدمن على المخدرات والمهدئات لتجاوز قلقه وخوفه.
وهذه الجرعات سببت عند بن سلمان حركات غير إرادية بدت بوضوح في لقاءاته التلفزيونية القليلة.
ومنذ وصوله للحكم سجل بن سلمان سوكاً شاذاً غير معتاد عن امراء المملكة ففتت الأسرة الحاكمة وأضعف الدولة وجعل قرارها منقاداً لأهوائه ولتوجيهات معلمه محمد بن زايد ضمن رؤية لصناعة مملكة لا وزن لها ولا أهمية.