كشفت مصادر حقوقية أن سلطات نظام آل سعود تعزل الشاعر زايد نوار المعتقل منذ تشرين أول/أكتوبر الماضي وتمنع عنه أي تواصل عن العالم الخارجي.
وذكرت المصادر أن سلطات النظام تمنع الزيارات والاتصالات عن الشاعر زايد نوار الذي يقبع رهن الاعتقال التعسفي وقد رفضت عدة مرات طلباً لزيارة والدته المسنة المريضة.
وكان الشاعر نوار تعرض للاعتقال التعسفي على خلفية قصيدة كتبها في مدح شيخ عتيبة الأمير فيصل بن سلطان بن حميد الذي تم الإفراج عنه منتصف الشهر الماضي بعد نحو 3 أشهر من الاعتقال التعسفي على خلفية انتقاده لهيئة الترفيه.
في هذه الأثناء أدان مجلس جنيف للحقوق والحريات إصدار محكمة سعودية حكما بالسجن على شاب اعتقل وهو طفلا على خلفية مشاركته في احتجاجات والتعبير عن الرأي.
وقالت مجلس جنيف الحقوقي إنه أطلع على إفادات بأن المحكمة الجزائية المتخصصة في المملكة أصدرت الحُكم النهائي ضد الشاب مرتجى قريريص بالسجن لمدة ثمانية سنوات وثم منع من السفر لنفس المدة. وصدر الحكم بحق قريريص بعد اعتقاله منذ عام 2014 ه على خلفية مشاركته في احتجاجات من أجل حقوق الأقلية الشيعية في المملكة.
وأعرب مجلس جنيف عن قلقه من أن الإجراءات القضائية بحق قريريص شابتها انتهاكات لحقوق المدعى عليه في منع تمكينه من الدفاع عن نفسه وفحص الأدلة وشهود الإثبات، وفي المحاكمة دون تأخير لا مبرر له.
وكانت النيابة العامة في نظام آل سعود تطالب بإصدار حكم الإعدام بحق قريريص بتهمة “الإرهاب والتحريض على التمرد”، قبل أن يتم التراجع عن ذلك على وقع ضغوط المنظمات الحقوقية العربية والدولية.
وسبق أن تحدثت مصادر حقوقية أن قريريص قضى 15 شهرا في الاعتقال الانفرادي، علما أنه ينتمي إلى عائلة فقدت شقيقه الأكبر علي الذي قتلته بالرصاص قوات الأمن السعودية في 23 ديسمبر/كانون الأول 2011، واعتقل والده على الرغم من حالته الصحية المتدهورة، أما أخوه الناشط رضا فهو موقوف في سجن مباحث الدمام منذ الأول من يونيو/حزيران 2014.
وبحسب المصادر ذاتها اعتقلت شرطة الحدود السعودية قريريص في سبتمبر/أيلول 2014، عندما كان في طريقه إلى البلد الجار البحرين برفقة عائلته، ثم أودع في زنزانة فردية في سجن مخصص للقاصرين، وظل رهن الحجز الاحتياطي منذ ذلك الحين.
واعتبر مجلس جنيف أن الاتهامات التي وجهتها النيابة العامة إلى قريريص مفبركة ولا تناسب عمره وقت اعتقاله، إذ وجهت إليه تهم الانضمام لجماعة إرهابية وارتكاب أعمال عنف وشغب ضد المنشآت الحكومية.
وسبق أن قالت منظمة العفو الدولية إنه لم يسبق أن زاره أي محام حتى مثوله لأول مرة أمام إحدى المحاكم المختصة في الإرهاب بعد مرور أربع سنوات على سجنه.
وأكد مجلس جنيف أن أحكام السجن بحق الأشخاص الذين كانوا قاصرين وقت اعتقالهم تعد باطلة قانونا، وتخالف قانون الأحداث السعودي الذي تم تعديله في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، وتنص المادة 15 منه تنص على أنه “إذا كان الحدث متما (الخامسة عشرة) من عمره وقت ارتكابه فعلا أو أفعالا معاقبا عليها فتطبق عليه العقوبات المقررة عدا عقوبة السجن، فيعاقب بالإيداع في الدار مدة لا تتجاوز نصف الحد الأقصى للعقوبة الأعلى المقررة لذلك”.
ودعا المجلس الحقوقي إلى إلغاء الحكم الصادر بحق قريريص والإفراج الفوري عنه، وإدخال إصلاحات جذرية في المملكة توفر الحماية للأطفال من العيوب الكبرى في نظام العدالة الجنائية السعودي، والذي يعرض المعتقلين لخطر التعذيب والمحاكمات الجائرة وعقوبة الإعدام.
كما شدد على أنه يجب على سلطات آل سعود احترام الحقوق الأساسية للأطفال، بما في ذلك تطبيق ضمانات قانونية تنص على عدم جواز استجوابهم دون حضور أحد الوالدين أو الوصي القانوني والمحامي، وضمان قدرتهم على تقديم دفاع مناسب أمام هيئة قضائية مستقلة ونزيهة.
في سياق قريب رحّب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بالتقارير التي تفيد بسماح سلطات آل سعود للناشط عبد الرحمن السدحان بإجراء مكالمة هاتفية مع ذويه بعد 23 شهرًا من الإخفاء القسري، وإبلاغهم أنّه “على قيد الحياة”.
وقد عاشت عائلة “السدحان” نحو عامين من الشك والخوف على مصير نجلها بسبب عدم إفصاح السلطات عن مصيره، وعلى السلطات الآن تمكين العائلة من زيارته والاطمئنان على وضعه الصحي، والإفراج الفوري عنه دون أيّة شروط.
ومع تطورات قضية “السدحان”، نبّه المرصد الأورومتوسطي إلى الحاجة الملّحة للكشف عن مصير عشرات النشطاء الحقوقيين والإصلاحيين الذين أخفتهم السلطات السعودية خلال حملات أمنية منظمة على مدار السنوات الثلاث الماضية، ودعا سلطات آل سعود إلى إيضاح المسوغات القانونية لاحتجازهم، وضمان تنظيم محاكمات عادلة لمن يثبت تورطه في ارتكاب مخالفات قانونية.
كما جدّد التذكير أنّ الإخفاء القسري هو جريمة ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي، إذ يُتيح للدولة إخفاء الأشخاص خارج إطار القانون وبالتالي ممارسة مختلف أنواع الانتهاكات ضدهم بما في ذلك التعذيب، دون أن يتحمل المنخرطون في العملية أيّة تبعات قانونية.
وشدد المرصد الحقوقي الدولي على أنّ استمرار سلطات آل سعود بممارسة سياسة الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري يحتّم على الأمم المتحدة تشكيل لجان تحقيق خاصة للبحث في حالات الإخفاء القسري في المملكة، ومحاسبة مرتكبيها وضمان عدم إفلاتهم من العقاب.
ومع ذلك، حث على أن يعكس الكشف عن مصير “السدحان” نوايا حقيقية من السلطات لإنهاء ملف الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري، وخطوة على طريق الالتزام باحترام الحق في حرية الرأي والتعبير.