بحثا عن النفوذ الاقتصادي.. تغيير في سياسة المنح المالية من السعودية
رأت أوساط دولية أن السلطات السعودية تبحث عن المزيد من النفوذ الاقتصادي كأداة سياسية من وراء إعلانها تغيير في سياسة المنح المالية للدول العربية والإسلامية.
ورأى موقع “المونيتور” الإخباري الدولي، أن إعلان السعودية تغيير سياسة منح المساعدات المالية للدول الأخرى يستهدف تعزيز نفوذها الاقتصادي كأداة سياسية لفرض مصالحها في دول أخرى.
وأضاف أنه يستهدف كذلك تهدئة القلق لدى المواطنين السعوديين والذين يرون أن مواردهم تذهب إلى الخارج بينما يطلب منهم دفع الضرائب باستمرار.
وصرح وزير المالية السعودي “محمد الجدعان”، في منتدى “دافوس” الاقتصادي العالمي، أن الرياض ستغير من سياسة تقديم المساعدات، مضيفا أن حكومته كانت تقدمها بلا شروط، وأن هذا الأمر سينتهي، مؤكدا أنهم سيطلبون “إصلاحات” من الدول المتلقية لتلك المنح.
وقال موقع “المونيتور” إن السعودية يبدو أنها تعيد النظر في كيفية تصور ناخبيها لها على المسرح العالمي، حيث تتطلب الطموحات الاقتصادية العالمية للأمة تحولًا محليًا وتتطلب استثمارات ضخمة من سكانها.
ونقل الموقع عن “كريستين سميث ديوان”، الباحثة المقيمة البارزة في معهد دول الخليج العربي في واشنطن، أن هذا التوجه السعودي الجدي يستهدف تهدئة المشاعر العامة، حيث يرى السعوديون أن مواردهم تذهب إلى الخارج، بينما يُطلب منهم دفع الضرائب، وتخفيض مزاياهم، وما إلى ذلك.
ومع ذلك، فإن الضغط على الدولة الغنية بالنفط للحفاظ على دورها كداعم إقليمي يتزايد وسط تراجع اقتصادي عالمي، تحت ضغط الحرب الأوكرانية الروسية، بحسب التحليل.
وتعد المملكة واحدة من أكبر مقدمي المساعدات لمصر، التي تم تخفيض عملتها إلى النصف منذ مارس/آذار 2022، وسجل يناير/كانون الثاني من هذا العام أدنى سعر صرف لليرة اللبنانية مقابل الدولار، وقد طلبت باكستان المساعدة من المملكة أيضًا.
لكن السعودية، بحسب المراقبين ستكون أكثر تشككا قبل منح المساعدات في ظل غياب المملكة عن اللقاء الأخير في أبوظبي، والذي جمع قادة الإمارات وقطر والبحرين ومصر والأردن، يدل على هذا الأمر.
ومن عام 2007 إلى عام 2017 ، قدمت السعودية 32.65 مليار دولار كمساعدات لـ78 دولة، وفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
كانت اليمن هي المستفيد الأول بـ13 مليار دولار خلال تلك الفترة. بدأت الحرب الأهلية في البلاد في عام 2014، وتدخل التحالف السعودي بعد ذلك بعام.
وفي عام 2021، قادت المساعدة الإنمائية الرسمية السعودية العالم بأكثر من 1% من دخلها القومي، وفقًا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وتجاوزت نسبة 0.7% التي أوصت بها الأمم المتحدة.
ومع ذلك، وفي عام 2022، انتقلت المملكة، إلى جانب قطر والإمارات العربية المتحدة ودول الخليج الأخرى، من منح المساعدات المالية إلى متابعة الاستثمارات التي قد تحقق عوائد لكل من المستثمر والمستفيد.
في وقت سابق من هذا الشهر، قالت السعودية إنها ستزيد استثماراتها في باكستان إلى 10 مليارات دولار، وستخصص 30 مليار دولار لبناء محطات توليد الكهرباء ودعم البنك المركزي، بالإضافة إلى إنشاء شركات في الأردن والبحرين والسودان والعراق وسلطنة عمان باستثمارات تصل إلى 24 مليار دولار حسب “رويترز”.
تفتح هذه المشروطية الباب لمزيد من التنسيق مع المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، لكنها أيضًا مقايضة، بحسب التحليل.
وتقول “ديوان” لـ”المونيتور”: “أعتقد أن السعودية مدركة تمامًا للطريقة التي يمكنهم بها استخدام نفوذهم الاقتصادي كأداة سياسية لفرض مصالحهم”، ولا تتوقع منهم التخلي تمامًا عن ذلك من خلال العمل مع الكيانات العالمية.